رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


دراسة هيكل عظمي قديم في جنوب إيطاليا يرجع إلى 17000 عام

27-10-2024 | 23:04


صورة الهيكل العظمي المكتشف

إسلام علي

أسفرت دراسة هيكل عظمي قديم لطفل رضيع عُثر عليه في جنوب إيطاليا عن الحياة البشرية خلال العصر الجليدي الأخير، منذ حوالي 17,000 عام.

ووفقا لمجلة سميثسونيان الامريكية، وصف هذا الطفل، الذي وُصف بأنه ضعيف النمو، كان يتمتع ببشرة بنية، شعر داكن مجعد، وعيون زرقاء شاحبة، بقاياه وُجدت عام 1998 في كهف "جروتا ديلي مورا" الواقع في منطقة مونوبولي، بوليا، حيث دُفنت عظامه بعناية تحت ألواح صخرية بسيطة، دون أي مقتنيات جنائزية تشير إلى طقوس خاصة، وكان هذا القبر هو الوحيد داخل الكهف.  

تميز الهيكل العظمي بدرجة عالية من السَّلامة، مما أتاح للعلماء فرصة فريدة لتحليل بقاياه بدقة وتحديد أن طوله كان يتجاوز قدمين ونصف عندما توفي. وأظهر تحليل الأسنان أن عمر الطفل كان يتراوح بين 7.5 إلى 18 شهرًا.

وبفضل تقنيات التأريخ بالكربون المشع، تبيَّن أن البقايا تعود إلى الفترة بين 16,910 و17,320 عاماً، وهي فترة تلي الذروة الجليدية الأخيرة بقليل، حيث كانت الأنهار الجليدية تغطي حوالي ربع سطح الأرض.

وقالت الباحثة أليساندرا مودي، عالمة الأنثروبولوجيا بجامعة فلورنسا، إن الكهف البارد ساهم في حماية العظام من التحلل في مناخ بوليا الحار، مما ساعد في حفظ الجينوم بنسبة 75%، وهو إنجاز نادر بالنسبة لبقايا بهذا القِدم.

وقد مكَّن هذا التحليل الباحثين من استنتاج ملامح الطفل الجسدية وبعض الجوانب الصحية؛ حيث كان الطفل يعاني من اعتلال عضلة القلب الضخامي العائلي، وهي حالة تؤدي إلى تضخم عضلة القلب وتؤدي في النهاية إلى فشل القلب.

كما أظهرت التحاليل الدقيقة لأسنان الطفل علامات على تعرضه لأحداث إجهاد فسيولوجية قبل وبعد الولادة، وهي خطوط بارزة تُظهر أن الطفل أو والدته عانيا من إجهاد وتوتر أثناء الحمل، وربما سوء التغذية.

وتشير النظائر الموجودة في الأسنان إلى أن والدته لم تغادر المنطقة طوال فترة الحمل، مما يوحي بأنها عاشت في مجتمع مرتبط بالبيئة المحلية. كما يشير الكسر الموجود في عظم الترقوة لدى الطفل إلى أن ولادته ربما كانت صعبة، وهو ما يتماشى مع فكرة حياة تتخللها مشقات وتحديات بيئية وصحية.

تُعد هذه الدراسة مساهمة هامة في فهم البيئة المعيشية والبنية المجتمعية للإنسان في العصر الجليدي الأخير، حيث تشير إلى أن مجتمع الأم كان مترابطًا ويعتمد على جمع الغذاء والنشاطات اليومية في بيئة مناخية قاسية.

وتعزز هذه الدراسة الفهم الحديث حول قدرات الإنسان القديم على التأقلم، وتفتح مجالًا لمزيد من البحوث حول تأثير الظروف المناخية والوراثية على حياة البشر خلال هذه الفترة.