رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية ترسم شرق أوسط جديد

1-11-2024 | 16:46


ترامب - هاريس

محمود غانم

بشكل لافت حظيت قضايا الصراع الدائر في الشرق الأوسط، بأجندة مماثلة من قبل مرشحي الرئاسة الأمريكية الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كاملا هاريس، حيث اتفق كليهما على مواصلة تقديم الدعم لـ إسرائيل، مع المطالبة في بعض الأحيان بإنهاء الصراع القائم، في محاولة لجذب أصوات المترددين.

ومرارًا، أكدا المرشحين على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ضد أي هجمات قد تتعرض لها، متجاهلين بذلك جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في غزة، والتي ذهبت لاحقًا لتكملها في لبنان، ضاربة عرض الحائط بالقرارت الدولية، بما في ذلك الصادرة عن مجلس الأمن.

أجندة ترامب لـ الشرق الأوسط

وبخصوص رؤية المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، للأوضاع بالشرق الأوسط، المشتعل منذ أكثر من عام، جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما لحق بها من تطورات، أثرت بدورها على المنطقة بأسرها، فإنه يتعهد بإعادة السلام إليه، إذا انتخب رئيسًا للولايات المتحدة في الانتخابات المقررة لها يوم الثلاثاء المقبل.

وبداية من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فقد أخبر المرشح الجمهوري، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه يريد أن تضع إسرائيل حدًا لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات، بحسب ما أوردته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مصدرين مطلعين.

ووفقًا لصحيفة، فإن ترامب أكد في أحاديث علنية أنه حث نتنياهو على "الانتصار في الحرب سريعًا"، لكن هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها مصادر عن أفق زمني لهذا الطلب.

وأشار أحد المصدرين، إلى أن ترامب قد يؤيد عمليات إسرائيلية "تكميلية" في قطاع غزة بعد أن تعلن إسرائيل رسميًا إنهاء الحرب، وذلك على عهدة الصحيفة العبرية.

وفي هذا السياق، تشير صحيفة "فايننشال" البريطانية إلى أن أحد السيناريوهات التي قد يتبعها "ترامب"؛ لوقف الحرب في غزة، هو دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن للضغط عليه من أجل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار يعيد الأسرى الذين تحتجزهم حركة حماس.

يأتي ذلك على الرغم أنه قال في مناظرته مع الرئيس جو بايدن، يونيو الماضي، إن إسرائيل هي الطرف الذي يريد الاستمرار في الحرب، وأن على بايدن "ترك إسرائيل لتكمل مهمتها، لكنه لا يريد أن يفعل ذلك".

لكنه، عاد لاحقًا؛ ليؤكد على ضرورة وقف تلك الحرب، بل أحيانًا زعم أنه إذا كان رئيس للولايات المتحدة، لم تكن لتلك الحرب أن تحدث، وأنه يستطيع أن يجعل كل هذا يختفي إذا انتُخب.

بل ذهب ترامب إلى أبعد من ذلك، حيث أكد على أن هجوم حماس على إسرائيل في السابع أكتوبر 2023، ما كان ليحصل لو كان هو رئيسًا للولايات المتحدة، ومرارًا أكد على أنه لن يسمح بتهديد الدولة اليهودية بالدمار.

وفي شأن الحرب الإسرائيلية ضد لبنان، قال المرشح الجمهوري، الأربعاء الماضي، إنه سينهي المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، حيث توجه إلى اللبنانيين الأمريكيين قائلًا: "أصدقاؤكم وعائلاتكم في لبنان يستحقون العيش في سلام ورخاء ووئام مع جيرانهم، وهذا لا يتحقق إلا بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط".

وبشكل عام، يبقى موقف "ترامب" من القضيتين المشار إليهم قيد الغموض، ويختلف من حين إلى آخر، حيث أنه أيد علانية في السابق الهجمات التي تشنها إسرائيل على غزة ولبنان، رغم ما خلفته من دمار.

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في الـ25 من أكتوبر الماضي، نقلًا عن مصادر مطلعة أن ترامب قال لنتنياهو في مكالمة أجراها معه مؤخرًا: "افعل ما يجب عليك فعله"، فيما يخص حركة حماس، وحزب الله اللبناني.

وبناءً على ما أوردته "واشنطن بوست"، يتأكد على صعيد واسع أن ترامب يسعى من خطابه ذلك إلى إقناع مجموعة حاسمة من الناخبين العرب والمسلمين بضرورة التصويت له، في ظل احتدام التنافس مع المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

لذا يستغل ترامب الأوضاع المتأزمة في الشرق الأوسط؛ ليجذب المزيد من تلك الأصوات التي كانت فيما مضى إحدى أوراق الحزب الديمقراطي الرابحة، قبل أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب جراء التطورات الأخيرة، وذلك عبر التأكيد على أنه قادر على جلب السلام للمنطقة.

وفي المقابل، فإن الشرق الأوسط سيقضي العقود الأربعة القادمة في النيران، وأطفاله سيذهبون إلى الحرب، وربما حتى الحرب العالمية الثالثة، إذ وصلت المرشحة الديمقراطية إلى البيت الأبيض، بحسب ما يروج إليه ترامب، أملًا في جذب تلك الأصوات.

أما بالنسبة لموقف المرشح الجمهوري من طهران، التي أشارت تقارير مؤخرًا، إلى أنها كانت تخطط لاغتيال ترامب، الذي طلب بدوره طائرات ومركبات عسكرية وإجراءات أمنية خاصة لحمايته، وهو الأمر الذي نفته إيران سابقًا، فإنه لن يختلف عن فترة ولايته الأولى.

ولكي ندرك أجندة دونالد في التعامل مع طهران يمكن أن نعود إلى حواره مع المذيع الإيراني الأمريكي باتريك بيت ديفيد، الذي أجري منتصف الشهر الماضي، حيث أكد المرشح الجمهوري في غضونه على أنه لن يسمح لها بامتلاك "أسلحة نووية".

وشدد على أنه يجب على بلاده التوصل إلى اتفاق مع إيران لوقف برنامجها النووي، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه نفسه انسحب عام 2018 عندما كان رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم عقده نهاية عام 2015 بعد أكثر من اثني عشر عامًا من المفاوضات الدولية.

ويرى أنه نجح خلال ولايته الأولى للرئاسة أن يجعل إيران تحت السيطرة،"حيث كانوا متعطشين للمال ويائسين من أجل إبرام صفقة" -وفق قوله الذي صرح به تعليقًا على الهجوم الإيراني الصاروخي ضد إسرائيل- في حين أن المرشحة الديمقراطية "أغرقتهم بالأموال الأميركية ما جعلهم يصدرون الإرهاب في كل مكان، ويعملون على تمزيق الشرق الأوسط".

وبالفعل، شهد العلاقة الأمريكية الإيرانية إبان حكمه توترًا ملحوظًا، فبالإضافة إلى انسحابه من الاتفاق النووي المبرم مع طهران، اغتالت "واشنطن" القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني مطلع عام 2020.

أجندة هاريس لـ الشرق الأوسط

جاء صعود كاملا هاريس كمرشحة للحزب الديمقراطي، بعد انتكاثة صنعها الرئيس جو بايدن، بسبب ملف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، الأمر الذي جعل آمال الكثيرين تتعلق بها على أساس أنها قد تحمل تغييرًا ولو طفيف في سياسة البيت الأبيض نحو الصراع الدائر.  

وفي البداية، لم تكن سياسة هاريس اتجاه الصراع واضحة، فتارة تقول إنها عبرت لنتنياهو عن قلقها الشديد من مقتل عدد كبير جدًا من المدنيين الأبرياء، وأن الوقت حان لإنهاء الحرب على غزة، وتارة أخرى تؤكد التزامها الراسخ بدعم إسرائيل وأمنها وحقها في الدفاع عن نفسها.

وعقب لقاء جمعها بـ رئيس الوزراء الإسرائيلي، نهاية يوليو الماضي، أكدت هاريس أنها عبرت له عن قلقها الشديد من مقتل عدد كبير جدًا من المدنيين الأبرياء والوضع الإنساني المزري في غزة، لكنها أكدت في الوقت نفسه التزامها الراسخ بدعم إسرائيل وأمنها، وحقها في الدفاع عن نفسها، واصفة حركة حماس، بأنها حركة "إرهابية".

وعلى النحو ذاته، تواصلت خطابات هاريس، حيث أكدت في ختام المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي بشيكاغو، أغسطس الماضي، أنها ستقف دائمًا مع ما أسمته "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، متابعة:"سأحرص دائمًا على أن يكون لدى إسرائيل القدرة على الدفاع عن نفسها".

وبجانب ذلك، قالت إن الوقت قد حان لـ صفقة لوقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن، مضيفة إنها تعمل مع الرئيس جو بايدن، من أجل إنهاء معاناة الفلسطينيين، الذين لديهم الحق في تقرير مصيرهم.

كما ذكرت في ذلك الحين، أن ما حصل في غزة بعد 10 أشهر من الحرب مفجع ومدمر، معتبرة أن حركة حماس تسببت في أعمال عنف لا توصف خلال هجوم السابع من أكتوبر الماضي، وهو ما استدعى الرد الإسرائيلي، وفق قولها.

وبذلك يتضح أن أجندة هاريس في التعامل مع الحرب في غزة، لن تختلف كثيرًا عن السياسة الحالية، التي تقدم الدعم اللامحدود لإسرائيل، وذلك أدى إلى عزوف الناخبين العرب والمسلمين من حولها، رغم أن تلك الأصوات كانت دائمًا بجانب الحزب الديمقراطي.

ولكون هاريس نائبة لرئيس بايدن فلايمكن فصلها عن الإدارة الأمريكية القائمة في أي حال من الأحوال، التي دعمت الحرب التي تشنها إسرائيل ضد لبنان، بحجة أن لها حق الدفاع عن نفسها ضد هجمات حزب الله.

 ولم تلتزم المرشحة الديمقراطية بموقف حيادي اتجاه عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، سبتمبر الماضي، حيث قالت:"كانت يدا حسن نصر الله ملطخة بالدماء الأمريكية، وعلى مدى عقود من الزمان، أدت قيادته لحزب الله إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط وأدت إلى مقتل عدد لا يحصى من الأبرياء في لبنان وإسرائيل وسوريا وحول العالم، واليوم يتمتع ضحايا حزب الله بقدر من العدالة".

وبدون أي مناسبة، أكدت في بيان عقب اغتيال نصر الله، أن لديها التزام ثابت بأمن إسرائيل، وستواصل دعمها في الدفاع عن نفسها ضد إيران، وما أسمته بـ"الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران".

في غضون ذلك، يرى موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي، أن قيادة هاريس للحزب الديمقراطي وتقديمها الدعم الكامل لإسرائيل في حربها على لبنان أدى إلى تلاشي الفرق في نظرة الأمريكيين العرب إليها وإلى الرئيس الأميركي، جو بايدن، بشأن الدعم غير المشروط لـ"تل أبيب".

وفيما يتعلق بـ إيران، ترى هاريس أن طهران هي التهديد الأبرز لـ الولايات المتحدة الأمريكية،  لأنها تشكل تهديدًا لإسرائيل، معربة عن دعمها  لـ"تل أبيب" للدفاع عن نفسها من إيران ووكلائها الذين وصفتهم بـ"الإرهابيين" في المنطقة، وفي الوقت نفسه تتعهد بعدم السماح لها بامتلاك سلاح نووي، وبأن هذا سيكون في مقدمة أولوياتها.

وبشكل عام، تؤكد المرشحة الديمقراطية على أنه يجب أن يكون هناك خفض للتصعيد في الشرق الأوسط، وذلك من خلال قنوات دبلوماسية وقنوات أخرى لضمان ذلك.