الانتخابات الأمريكية 2024| المجمع الانتخابي.. إرث قديم يُحافظ على الاتحاد الأمريكي
بالنسبة للحزب الديمقراطي، فإن "المجمع الانتخابي" كان بمثابة الصخرة، التي تحطمت عليها آماله، خاصة تلك الحادثة التي سجلها عام 2016، حينما خسرت مرشحته هيلاري كلينتون، أمام منافسه الجمهوري دونالد ترامب، رغم أنها تخطته بقرابة ثلاثة ملايين صوت، في مشهد لكي يُفهم، لا بد أن نقف على ضوابط النظام الانتخابي للرئاسة الأمريكية.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية، التصويت الشعبي "مهم"، ولكن ليس بقدر أهمية أصوات المجمع الانتخابي، حيث يتولى ترجمة أصوات الأمريكيين إلى تحديد هوية من سيجلس في البيت الأبيض للسنوات الأربع القادمة.
"المجمع الانتخابي" نظام أوجدته الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها "اتحاد فيدرالي"، لكي يجبر المرشحين على الدخول في منافسات على المستوى القومي بصورة كاملة، فبدونه يمكن للمرشح الفوز اعتمادًا على أصوات الولايات الست الأكبر من حيث عدد السكان، مثل كاليفورنيا وتكساس ونيويورك وفلوريدا وإلينوي وبنسلفانيا، مسقطًا بذلك بقية ولايات الاتحاد، وهو أمر قد يهدد بقائه.
لذا، يُنظر إلى ذلك النظام على أنه جزء يتجزأ من الفلسفة الفدرالية التي تأسست عليها الدولة الأمريكية، حيث يسهم في تخطي كل الانقسامات التي جمعها الاتحاد الأمريكي سواءً الدينية أو العرقية أو الإثنية.
المجمع الانتخابي
تُعرف المصادر الأمريكية "المجمع الانتخابي" بأنه مؤسسة دستورية مؤقتة تنشأ كل أربع سنوات، يتولى أعضاؤها انتخاب أحد المرشحين في سباق الرئاسة نحو البيت الأبيض، نيابة عن الناخبين من المواطنين الذين انتخبوهم لهذه المهمة.
ورسميًا، اعتمد المجمع الانتخابي في دستور الولايات المتحدة عام 1787، وذلك بغرض تمتع رئيس البلاد بصلاحيات كافية تجعله مستقلًا عن الكونجرس بمجلسيه الاثنين، ولتحقيق التوازن بين مصالح الولايات الأصغر والأكبر مع توفير طريقة لاختيار رئيس البلاد.
ويضم المجمع الانتخابي 538 مندوبًا، وحتى يتحقق فوز المرشح الرئاسي، لابد من حصوله على أغلبية بـ 270 صوتًا من أصوات أعضاء المجمع، وذلك مع العلم أن عدد المندوبين عن كل ولاية هو نفس عدد وفدها في الكونجرس بغرفتيه النواب والشيوخ.
على سبيل المثال، ولاية "كاليفورنيا" -الولاية الأكثر اكتظاظًا بالسكان- لديها 54 صوتًا انتخابيًا، لأن لديها عضوين في مجلس الشيوخ بالإضافة إلى 52 نائبًا، أما الولايات الأقل كثافة سكانية مثل "آلاسكا" و"ديلاوير" و"فيرمونت" و"وايومينج" فلكل منها ثلاث أصوات انتخابية.
وهنا لا بد أن نشير إلى أن جميع الولايات الأمريكية تطبق نظام "الفائز يأخذ كل شيء"، حيث يحظى الفائز بها بتأييد أصواتها بالمجمع الانتخابي، وذلك باستثناء ولايتين فقط، وهما "نبراسكا" و"ماين"، حيث يعتدما نظامًا يوزع أصوات المجمع الانتخابي بناءً على تصويت المقاطعات بالولاية.
كيف يعمل المجمع الانتخابي؟
يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي، في أول يوم ثلاثاء بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر، والذي يوافق الـ17 ديسمبر 2024، للإدلاء بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس في اقتراعين منفصلين، وتباعًا، يجري تدوين أصوات المندوبين في كل ولاية في "شهادة التصويت" قبل أن يتم إرسالها إلى الكونجرس.
وبحسب الدستور الأمريكي، يقوم رئيس مجلس الشيوخ، بحضور أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، بفض جميع مظاريف اللوائح ثم تحصى الأصوات، والشخص الذي ينال أكبر عدد من الأصوات يصبح هو الرئيس، إذا كان هذا العدد أغلبية مجموع عدد المنتخبين المعينين، وإذا نال أكثر من شخص مثل هذه الأغلبية، وكان عدد الأصوات التي نالوها متساويًا، عندها يقوم مجلس النواب فورًا، وعن طريق الاقتراع السري، باختيار واحد منهم رئيسًا، وإذا لم يحصل أي شخص على أغلبية، عندها يقوم مجلس النواب، بالكيفية عينها، باختيار الرئيس من بين الخمسة الفائزين بأكبر عدد من الأصوات في اللائحة.
وسوف يجري ذلك في جلسة مشتركة، يوم الاثنين، الموافق الـ6 يناير 2025، برئاسة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، بصفتها رئيس مجلس الشيوخ، حيث ستعلن النتائج إما لها أو عليها، ولطالما، كان ذلك اليوم روتينيًا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، حتى جاء الـ6 يناير 2021، حينما ادعى الرئيس الأسبق دونالد ترامب، سرقة الانتخابات وتزويرها لصالح منافسه الديمقراطي جو بايدن، ما خلف ما يعرف بـ"أحداث الكابيتول".
وبذلك يتضح، كيف خسرت الديمقراطي هيلاري كلينتون، انتخابات عام 2016، أمام الجمهوري دونالد ترامب، الذي جاء فوزه نتيجة، لأنه فاز في عدد ولايات أكثر من المرشحة الديمقراطية، ما جعله يحظى بتأييد المجمع، بغض الطرف عن خسارته للتصويت الشعبي.
ولم تكن تلك المرة الوحيدة التي ينتصر فيها من يخسر التصويت الشعبي، حيث حدث ذلك في عدة مرات، ففي عام 1876، فاز الجمهوري حاكم ولاية أوهايو رذرفورد هايز بالرئاسة، رغم خسارته التصويت الشعبي في المجمع الانتخابي.
وفي عام 1888، أقصى الجمهوري بنجامين هاريسون، منافسه الديمقراطي الرئيس، آنذاك، جروفر كليفلاند، وانتُخب رئيسًا رغم خسارة الأول للتصويت الشعبي.
تكرر نفس السيناريو عام 2000، فاز الجمهوري جورج دبليو بوش على الديمقراطي آل جور نائب الرئيس بيل كلينتون، رغم خسارة الأول للتصويت الشعبي.