ألبير قصيري.. فليسوف الكسل الملقب بـ «فولتير النيل»
مبدع منذ نعومة أظفاره، بدأ الكتابة في سن العاشرة، وكان يصف نفسه بـ «الكاتب المصري الذي يكتب بالفرنسية»، وترجمت أعماله إلى نحو 15 لغة منها العربية، ولم يكن راضيا عن نسخة الترجمة العربية بسبب الحذف، الذي تم من قبل الرقابة، وترجمت بعض رواياته وصدرت في القاهرة،و كانت مصر دائما مسرح أحداث وشخصيات رواياته من المصريين البسطاء إنه فيلسوف الكسل وصاحب لقب «فولتير النيل» الأديب المصري ألبير قصيري.
الميلاد والنشأة
ولد ألبير قصيري في مثل هذا اليوم 3 نوفمبر 1913م بحي الفجالة بالقاهرة لأبويين مصريين أصولهما من الشوام الروم الأرثوذكس، وخاصة من بلدة «القصير» قرب حمص في سوريا ، انتقلت العائلة إلى مصر أواخر القرن التاسع عشر»، وكانت عائلته من الميسورين حيث إن والده كان من أصحاب الأملاك.
وتلقى تعليمه في مدارس دينية مسيحية ثم ينتقل إلى مدرسة الجيزويت الفرنسية، وهناك قرأ للعديد من أدباء العالم منهم بلزاك وموليير وفيكتور هوجو، وفولتير وغيرهم من كبار الكتّاب الفرنسيين الكلاسيكيين.
فلسفة الكسل
واعتنق «قصيري» في حياته فلسفة الكسل، ولذا لم يعمل في حياته وكان يقول انه لم ير أحدًا من أفراد عائلته يعمل الجد والأب والأخوة في مصر، كانوا يعيشون على عائدات الأراضى والأملاك، وعنه فقد عاش من عائدات كتبه وكتابة السيناريوهات، وكان يقول «حين نملك في الشرق ما يكفى لنعيش منه لا نعود نعمل بخلاف أوروبا التي حين نملك ملايين نستمر في العمل لنكسب أكثر».
عمل «قصيري» في البحرية التجارية، ما بين عامى 1939م و1943م، مما أتاح له زيارة العديد من الأماكن منها أمريكا وإنجلترا، وزار فرنسا لأول مرة عندما كان في السابعة عشر من عمره قبل أن يقرر أن يستقر فيها في عام 1945م وكان حينها في عمر الثانية والثلاثين.
الأديب الحر
عاش ألبير قصيري طوال حياته في غرفة «رقم 58» في فندق «لا لويزيان» بشارع السين بحى «سان جيرمان دو بريه» منذ عام 1945م وحتى وفاته، واختار العيش في غرفة فندق لأنه كان يكره التملك حيث كان يقول «الملكية هي التي تجعل منك عبدًا».
وتزوج من ممثلة مسرحية فرنسية، ولكن لم يدم هذا الزواج طويلًا وعاش بقية حياته أعزب وحين كان يسأل عن السعادة كان يقول أن أكون بمفردي.
مع أدباء ومفكري فرنسا
تعرف «قصيري» على أدباء فرنسا الكبار من بينهم الروائي ألبير كامي والفيلسوف جان بول سارتر ولورانس داريل وهنرى ميللر الذين أصبحوا فيما بعد رفقته وصحبته اليومية طوال 15 عامًا في مقهى «كافيه دو فلور».
أصيب« قصيري» في عام 1998م بسرطان في الحنجرة حرمه من حباله الصوتية بعد عملية اجراها لستئصاله وفقد القدرة على النطق، وكان يجيب على أسئلة الصحفيين كتابة، ولم يطلب أبدا الحصول على الجنسية الفرنسية، وكان يؤكد لست في حاجة لأن أعيش في مصر ولا لأن أكتب بالعربية، فإن مصر في داخلي وهى ذاكرتي».
أديبا منذ طفولته
بدأ ألبير قصيري الكتابة في سن العاشرة، وترجمت أعماله إلى 15 لغة منها العربية، ولم يكن راض عن نسخة الترجمة العربية بسبب الحذف الذي تم من قبل الرقابة، و ترجم له بعض رواياته محمود قاسم وصدرت في القاهرة، كانت مصر دائمًا مسرح أحداث وشخصيات رواياته من المصريين البسطاء، وتتمثل مؤلفاته فيما يلي:
«لسعات»1931 م ديوان شعريًا، «بشر نسيهم الرب» 1941 م وهى مجموعته القصصية الأولى، وصدرت بالقاهرة، ومجموعات «بيت الموت المحتوم» 1944م، «تنابل الوادى الخصب 1948م، «شحاذون ومتغطرسون 1955م،
وكتب رواية «العنف والسخرية » 1962 والتي حولت إلى فيلم أخرجته الفنانة المصرية أسماء البكري، «مؤامرة مهرجين» 1975 م، «طموح في الصحراء» 1984م، «موت المنزل الأكيد» 1992م، «ألوان النذالة » 1999 وكانت آخر مؤلفاته.
روايات ومؤلفات مترجمة
قدم العديد من المؤلفات والتي ترجمت للعربية منه.. «شحاذون ومعتزون»، ترجمها عن الفرنسية للعربية محمود قاسم، و«الرواية رقم 9» من إصدار سلسلة «الرواية العالمية» بالهيئة المصرية العامة للكتاب 1988م.
وألف رواية «شحاذون ومتكابرون،» ترجمها محمود قاسم، وصدرت عن وكالة الصحافة العربية، 2017، وكتب «العنف والسخرية» ترجمها للعربية محمود قاسم، وصدرت عن مؤسسة دار الهلال، 1993م، كما صدرت وكالة الصحافة العربية 2017
وقدم «قصيري» رواية «ألوان العار» وترجمتها منار رشدي أنور ومن مراجعة منى علي كمال صفوت، والتي صدرت عن المركز القومي للترجمة 2011 م، وعن دار النايا للدراسات والنشر والتوزيع، 2014م ترجمها سعيد محمود وصدرت عن دار كنعان للدراسات والنشر 2017م، وألف «قصيري» كتاب «طموح في الصحراء» ترجمه إيهاب صبحي وصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2016 م ، كما قدّم «كسالى في الوادي الخصيب»، و«منزل الموت الأكيد» ترجمهما محمود قاسم وصدرًا عن وكالة الصحافة العربية 2017م.
ثمار الرحلة
حصل ألبير قصيري على العديد من الجوائز منها: جائزة جمعية الأدباء عام 196م، جائزة الأكاديمية الفرنسية للفرنكوفونية عام 1990م، عن رواياته «الست» التي كتبها عن عامة الشعب بمدينة القاهرة، جائزة أوديبرتي عام 1995م، جائزة البحر المتوسط عام 2000 م، جائزة بوسيتون لجمعية الأدباء عام 2005م.
رحيل وأثر باق
سأل الكاتب والأديب ألبير قصيري، في حوار صحفي في حوار له في مجلة «Lire» قبل سنوات من وفاته، كيف تريد أن تموت؟ فأجاب: «على فراشى في غرفة الفندق، وتحقق له ما أراد حيث توفي قصيري» في مثل هذا اليوم 22 يونيو عام 2008 م، عن عمر 94 عامًا بغرفته بفندق «لا لويزيان»، في فرنسا، بعد أن ترك ميراثا أدبيًا عمنه عن 8 روايات ومجموعة قصصية وديوان شعر».