لعبة الصراحة.. خوف أم وقاحة ؟
كتبت : ابتسام أشرف
دائما ما يفاجئنا فيس بوك من وقت لآخر بعدد من التطبيقات والألعاب التى يتسابق الشباب إلى الاشتراك والتفاعل معها، وقد ظهرت مؤخرا لعبة الصراحة التى يتخذها العديد وسيلة للتسلية لكنها تجاوزت بما تتيحه لمشتركيها من خصوصية إلى التعبير للآخرين بما يكنون من مشاعر أو نقد وتجريح دون الكشف عن هويتهم.. فكيف يرى الأصدقاء تلك اللعبة؟
فى البداية تقول ندا صلاح الدين، خريجة كلية التربية النوعية جامعة الإسكندرية عن اشتراكها فى اللعبة: كان اشتراكى فى هذه اللعبة لغضب بعض الصديقات منى في الآوانة الأخيرة، فأردت أن تعبر كل واحدة منهن عن غضبها منى بطريقة سهلة، وبالفعل استطعت أن أعرف سبب غضبهن منى وعادت صداقتنا كما كانت بعد أن تمكنت من التصالح معهن.
ويرى محمد مسعد، مهندس أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين وعلى الإنسان أن يأخذ ما يفيده ويبتعد عما يضره، وتابع: حينما دخلت اشتركت بلعبة الصراحة استطعت أن أتعرف على مشاعر أصدقائى تجاهى من خلال الأسئلة التى يطرحونها، فبعضهم عبر عن بعض ما لدي من الصفات الإيجابية، وآخرون أظهروا بعض السلبيات ما لفت نظري إليها وجعلني أحاول أن أصلحها.
حب في الخفاء
وتفجأت هدى أنور28 سنة، مدرسة بأحد الأشخاص الذي اعترف لها بحبه وظل طيلة ليلة كاملة يرسل لها رسائل حب، وتقول: تلك من أغرب المواقف التي حدثت لي في حياتي، وكاد الفضول يقتلني لمعرفة ذلك الشخص الذي يكن لى كل هذه المشاعر في الخفاء، ومنذ تلك اللحظة وأنا أشك في كل شخص أعرفه.
وترى ندا أكمل 20 سنة، طالبة بكلية الآداب جامعة القاهرة أن"الصراحة" نوع من التسلية ليس أكثر ولا علاقة لها بالخصوصية، واعتبرتها هروبا من المواجهة التى أصبحت سمة لمواقع التواصل الاجتماعي.
تضييع وقت
أما شيماء أحمد 21سنة، طالبة بالفرقة الرابعة، كلية الآداب قسم الاجتماع فترى أن تلك اللعبة نوع من أنواع التسلية وتضييع الوقت، وقد يلجأ إليها البعض لمعرفة عيوبهم بطريقة غير مباشرة بعد أن أصبحت المواجهة والنقد من عيوب مجتمعنا، وتشير شيماء أنها لم تشترك بتلك اللعبة.
يتشابه موقف سمر عادل 24 سنة مع شيماء فلم تشارك في تلك اللعبة لأنها ترى أنها مرض نفسي وتقول: أعتبر اللعبة هروبا من التواصل المباشر مع الآخرين سواء بالنقد أو المدح عبر تطبيق إلكتروني، وترى أن البعض فقد ثقته فى نفسه حتى أصبح لا يستطيع أن يتقبل عيبه بصدر رحب.
وتتفق معهم فرح الملاح 22سنة، طالبة بكلية الطب البيطري وتقول:"كل شخص يأتي عليه وقت من الأوقات وتزيد لديه الرغبة في أن يرى نفسه بعيون الآخرين، وتواصل الشخص مع الآخرين دون الإفصاح عن هويته تجعله أكثر صراحة وتحررا من الحواجز والتحرج والخوف من مواجهة الآخرين ما يتيح له الفرصة فى التعبير عن نفسه.
خوف
وترى د. سوسن فايد، أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن لعبة الصراحة التى تداولها رواد فيس بوك نوع من الخوف وعدم الثقة في الآخر، يهرب إليها الشباب للتنفيس عن رغبتهم، وأرجعت إقبال الشباب على اللعبة لمشاكل عديدة مرتبطة بالتربية ما يجعلهم يلجأون إلى أن يستتروا وراء ستار التكنولوجيا الكاذب ليشعروا بالراحة ويتمكنوا من التواصل مع الآخرين دون خوف.
وأشارت د. سوسن إلى أن من يعترفون بحبهم من خلال اللعبة يعانون من اضطراب فى السلوك يخافون من تحمل مسئولية الحب والارتباط فيعترف من وراء ستار، وترى أن تلك المشاعر وهمية ومتعة لحظية يطلقها الشباب دون انتظار ما بعدها.
وعن الشخصية التى تتخذ من اللعبة وسيلة لنقد وتجريح الآخرين فتقول: تلك الشخصية مصابة بالخوف تفتقر إلى الثقة فى ذاتها وتعانى من غياب الوعي