بمناسبة الذكرى الـ110 لرحيل عملاق الأدب والفكر العربي، جرجي زيدان، تقوم "بوابة دار الهلال" بإعادة نشر مذكراته الشخصية، هذه المذكرات القيّمة، التي خطها زيدان بقلمه، سبق أن نشرتها مجلة الهلال على سبعة أجزاء متتالية في أعدادها الشهرية، بدأ نشرها في الأول من فبراير 1954، واستمر حتى الأول من سبتمبر من العام نفسه، مما يتيح الآن فرصة جديدة للقراء للاطلاع على هذه الوثيقة التاريخية الهامة في سيرة أحد أبرز رواد النهضة العربية.
هذا هو الفصل السابع والأخير من مذکرات جرجي زیدان مؤسس الهلال، وفيه يروى تفصيل حادث الاضراب الذي قام به مع زملائه طلبة كلية الطب في بيروت من أجل حرية التفكير وانتهى بفصلهم منها، وهو أول حادث من نوعه في الشرق، ثم حضوره إلى مصر واتخاذه لها الوطن الثاني.
الفصل السابع: أول حادث في الشرق
كانت الكلية الأمريكية في بيروت تضم - عدا القسم الطبي الذي التحقت به - أقساما أخرى لدراسة اللاهوت، ومختلف العلوم الأخرى
وكان الدكتور فانديك أشهر أساتذة الكلية وأحبهم إلى قلوب الطلبة والأهالي، ذلك لأنه إلى براعته في تدريس الباثولوجيا والكيمياء في الكلية كان من خيرة رجال الدين وأنفعهم وعظا وارشادا، كما كان يمارس مهنة الطب خارج الكلية بنجاح كبير، وعرف فوق ذلك بطيبة القلب، وسعة الصدر، وكرم الخلق ولطف المعاشرة وسخاء اليد وعذوبة الحديث كما عرف برغم ورعه وتقواه بحرية الفكر والقول، وبأنه لا يبالي أن يصرح بما يتحاشى رفاقه وغيرهم من رجال الدين أن يصرحوا به..
ومن هنا لم يحجم عن المجاهرة بتأييد بعض المذاهب والآراء العلمية الحديثة، وأن تعارضت مع بعض المظاهر التي ليست من جوهر الدين.. وبلغ من شهرته وعلو مكانته أن عامة المواطنين كانوا يعتقدون أنه مؤسس الكلية، بل كان بعضهم يسمونها "مدرسة فانديك".