أعلن علماء الآثار عن اكتشاف جديد في قرية حدودية قريبة من فرنسا وهي بوميرويل، حيث عثر على يحتوي على بقايا بشرية من فترات زمنية مختلفة، مما يجعله اكتشافًا غير مألوف.
ووفقا لما ذكره labrujulaverde، وقد استخدم فريق الباحثين تحاليل متقدمة للحمض النووي وتأريخ الكربون المشع، ليتضح أن القبر الذي كان يعتقد في البداية أنه يعود للعصر الروماني، يحتوي على عظام من أواخر العصر الحجري الحديث بالإضافة إلى جمجمة تعود إلى الحقبة الغالو رومانية، والتي تمت إضافتها بعد ذلك بقرون.
ويعد تأريخ الكربون المشع تقنية علمية تُستخدم لتحديد عمر المواد العضوية، مثل العظام، والأخشاب، والأوراق، وغيرها التي كانت في يوم ما حية، تعتمد هذه التقنية على قياس نسبة الكربون المشع (C-14) إلى الكربون الثابت (C-12) في المادة العضوية.
عندما يكون الكائن حيًا، فإنه يمتص الكربون بنسب متساوية من النوعين (C-14) و(C-12)، بعد موت الكائن، يتوقف امتصاصه للكربون، ويبدأ عنصر الكربون المشع (C-14) بالتحلل الإشعاعي تدريجيًا بمعدل ثابت بما يعرف بـ فترة نصف العمر، والتي تبلغ حوالي 5730 سنة، من خلال قياس نسبة (C-14) المتبقية في المادة، يمكن للعلماء تقدير الوقت الذي مضى منذ موت الكائن.
تعود المقبرة، المعروفة بـ "المقبرة 26"، إلى سبعينيات القرن العشرين، وتضمنت عظامًا مرتبة في وضعية منحنية، وهي سمة كانت شائعة في عصور ما قبل التاريخ، وليس في العصر الروماني، كما وُجد دبوس شعر من العظم بجوار الجمجمة، مما أوحى في البداية بوجود دفن روماني.
وأظهرت اختبارات الكربون 14 الحديثة أن العظام تنتمي إلى أفراد مختلفين من العصر الحجري الحديث، بينما يعود الدبوس والجمجمة لفترة زمنية أخرى لاحقة.
وبيّن تحليل الحمض النووي وجود بقايا لخمسة أفراد على الأقل عاشوا في فترات متباعدة، مما يدعم فرضية أن هذه البقايا قد جُمعت وتم التلاعب بها بعد الموت.
يعتبر هذا السلوك غير شائع، ويقترح أن شخصًا ما خلال الحقبة الرومانية حاول "استكمال" هيكل فرد قديم عبر إضافة جمجمة وأغراض أثرية من عصره.
ويرى الباحثون أن هذا الاكتشاف يبرز مدى تعقيد الطقوس الجنائزية القديمة، إذ تم اختيار العظام بدقة، وترتيبها بعناية لتقليد الترتيب التشريحي، مما يعكس اهتمامًا كبيرًا ومعرفة تشريحية دقيقة.
كما عُثر على عظام غرير في نفس القبر، مما يطرح تساؤلات حول دور بقايا الحيوانات في الطقوس الجنائزية؛ إذ يشير اكتشاف كتيبة محروقة إلى احتمال وجود نشاط طقسي.
يساهم هذا الاكتشاف الفريد في توسيع فهمنا لممارسات الدفن القديمة، ويربط بين عوالم مختلفة من العصر الحجري الحديث المتأخر والعصر الروماني، مما يظهر أن "وجود الفرد" كان متعمدًا ومدروسًا بعناية.