أكد رئيس الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانج، أن قطع خدمات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" سيكون كارثيا.. وقال "إن هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق، حيث أن ذلك يعني أن اللاجئين الفلسطينيين لن يحصلوا على الاحتياجات المنقذة للحياة التي يحتاجون إليها".
وأضاف يانج - بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة - "في ضوء خطورة هذا الوضع، فإنه من واجبي بوصفي رئيسا للجمعية العامة أن أؤكد مرة أخرى ضرورة احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الأمم المتحدة من قبل جميع الدول الأعضاء".. موضحا أن مثل هذا الهجوم على الوكالة الأممية هو هجوم على حل الدولتين.
ودعا يانج، الحكومة الإسرائيلية إلى ضرورة الوفاء بالتزاماتها بشكل عاجل والسماح لوكالة "الأونروا" بمواصلة عملها، وفقا لتكليفات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بدوره.. دعا فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، الدول الأعضاء إلى التحرك دفاعا عن الوكالة، محذرا من أنه بدون تدخل الدول الأعضاء، ستنهار "الأونروا"؛ مما سيدفع الملايين من الفلسطينيين إلى حالة الفوضى.
وأكد لازاريني - خلال إحاطة قدمها للجمعية العامة للأمم المتحدة - أن "الأونروا" هي الآلية التي كلفتها هذه الجمعية العامة بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، وهي فريدة من نوعها بين وكالات الأمم المتحدة، فهي مكلفة بتقديم خدمات عامة مباشرة، بما فيها التعليم لأكثر من نصف مليون طفل، والرعاية الصحية الأولية والدعم الاجتماعي.
ويأتي ذلك في أعقاب مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانونين أحدهما يحظر أنشطة "الأونروا" داخل إسرائيل بما سيؤثر على المناطق الخاضعة لسيطرتها، والآخر يمنع السلطات الإسرائيلية من إجراء اتصالات بالوكالة، وقد أبلغت إسرائيل رسميا الأمم المتحدة بانسحابها من اتفاق عام 1967 الذي ينظم علاقاتها مع "الأونروا".
وقدم لازاريني ثلاثة طلبات عاجلة أولها طلب من الدول الأعضاء أن تتحرك لمنع تنفيذ التشريع ضد "الأونروا"، مشيرا إلى أن التغييرات التي تطرأ على تفويض الوكالة هي من اختصاص الجمعية العامة، وليس الدول الأعضاء الفردية، وطلب من الدول الأعضاء أن تضمن أن أي خطة للانتقال السياسي تحدد دور "الأونروا"، حيث يتعين على الوكالة أن تنهي تفويضها تدريجيا في إطار الحل السياسي، وأن تسلم خدماتها إلى إدارة فلسطينية مخولة، وطلب آخر من الدول الأعضاء أن تحافظ على تمويل "الأونروا"، وألا تحجب أو تحول الأموال على افتراض أن الوكالة لم تعد قادرة على العمل.
من جهته، استنكر المندوب الدائم لبلجيكا لدى الأمم المتحدة السفير فيليب كريديلكا - في كلمته نيابة عن دول مجموعة "الالتزامات المشتركة لدعم الأونروا"، والتي تتألف من بلاده والجزائر والبرازيل وغانا وإندونيسيا وأيرلندا والأردن والكويت ولوكسمبورج والنرويج والبرتغال وقطر وسلوفينيا وجنوب إفريقيا وإسبانيا ودولة فلسطين - التدابير التي تتخذها إسرائيل ضد "الأونروا"، بما فيها التشريع الذي تبناه الكنيست الإسرائيلي وإلغاء اتفاقية عام 1967 بين إسرائيل والأونروا، ويسعى إلى منع الأونروا من مواصلة عملياتها المنقذة للحياة وعملها الأساسي في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
وأكد السفير فيليب كريديلكا مجددا الالتزامات المشتركة بشأن "الأونروا".. وقال "إنها حظيت حتى الآن بدعم ساحق من 123 دولة موقعة، وسنظل ملتزمين بضمان الدعم اللازم لتمكين الأونروا من الوفاء بولايتها".
ودعا كافة أعضاء الجمعية العامة إلى الانضمام إلى المبادرة في تأكيد الالتزام الجماعي بدعم الأونروا.. موضحا أنه يتعين على الجمعية العامة أن تظهر عزما غير مسبوق في مواجهة التهديدات والهجمات غير المسبوقة التي تستهدف الأونروا وموظفيها.
من جانبه، أكد القائم بأعمال المندوب الدائم للبنان والمتحدث باسم المجموعة العربية لدى الأمم المتحدة هادي هاشم، إدانة المجموعة لإقرار الكنيست الإسرائيلي ما وصفها بـ "القوانين غير الشرعية" التي تحظر أنشطة الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وقال "إن المجموعة تعتبر هذه القوانین باطلة وجزءا من حملة الاستهداف الممنھج للوكالة واستمرارا لمساعي إسرائیل لاغتيال الوكالة سیاسیا، ومحاولة مرفوضة لطمس قضیة اللاجئین الفلسطینیین، وحقھم الراسخ في العودة والتعویض وفقا لقرارات الشرعیة الدولیة".
ودعا السفير هادي هاشم، الجمعیة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة، قانونیا وسیاسیا؛ للوقوف بوجه ھذا الھجوم لیس على وكالة "الأونروا" فقط، وإنما علینا جمیعا كأعضاء في الأمم المتحدة، إعلاء للقانون الدولي ولدور ھذه المنظمة في صون السلم والأمن الدولیین، كما طالب بضرورة استئناف الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة لمواجھة ھذا الھجوم الخطیر على "الأونروا" وولایتھا.
وفي السياق ذاته.. قال المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور "إننا نشهد حربا غير مسبوقة على الأمم المتحدة.. هذا الهجوم المفتوح على الأمم المتحدة، وخاصة ضد الأونروا هو جزء لا يتجزأ من محاولات إسرائيل طويلة الأمد لتصفية القضية الفلسطينية".
وأضاف "أن هذا هو دليل آخر على الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، من خلال مهاجمة السكان المدنيين وكل من يحاول مساعدتهم على البقاء.. وهو جزء من الهجوم على اللاجئين الفلسطينيين لحرمانهم من وضعهم كلاجئين وحرمانهم من حقوقهم".
وأوضح منصور أن ولاية "الأونروا" تنبع من المسؤولية الدائمة للأمم المتحدة تجاه قضية فلسطين، مؤكدا أن الوكالة لا يمكن الاستغناء عنها ولا استبدالها، الآن أكثر من أي وقت مضى.. داعيا إلى التحرك بشكل جماعي وحاسم للحفاظ على "الأونروا" وتمكينها من الوفاء بولايتها، وهزيمة أي محاولات لتدميرها.