دعت الأمم المتحدة، اليوم الخميس، الدول إلى تسريع جهود التكيف مع تغير المناخ بشكل عاجل، محذرة من أن المجتمعات الضعيفة تعاني بالفعل من آثار تغير المناخ، بما في ذلك الطقس المتطرف والكوارث، وذلك من خلال التزام بتعزيز تمويل التكيف في قمة المناخ كوب 29 المقبلة.
وجاء في الموقع الرسمي للأمم المتحدة، أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة حذر في تقريره، حول فجوة التكيف لعام 2024 تحت عنوان "مواجهة العواقب مهما كانت"، من أن المجتمعات الضعيفة تتحمل العبء الأكبر من آثار تغير المناخ، حيث تواجه عواصف عنيفة تتسبب في تدمير المنازل وحرائق الغابات وتدهور الأراضي والجفاف الذي يؤثر على الأراضي الزراعية.
وقالت إنجر أندرسن، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "تغير المناخ يدمر بالفعل المجتمعات في جميع أنحاء العالم، خاصة الأكثر فقرا وضعفا، حيث تدمر العواصف العاتية المنازل، وتقضي على الغابات والأراضي الزراعية".
وأضافت: "الأشخاص وسبل عيشهم والطبيعة التي يعتمدون عليها مهددة بشكل حقيقي من نتائج تغير المناخ. من دون اتخاذ إجراءات، فإن هذا ما ينتظرنا في المستقبل، ولهذا لا يوجد مبرر لعدم التوجه الجاد نحو التكيف الآن".
وأشار تقرير البرنامج إلى أن العالم قد يتجاوز عتبة الـ 1.5 درجة مئوية من الاحترار قريباً، وقد يصل إلى ارتفاع كارثي بين 2.6 و3.1 درجة مئوية فوق المستويات الصناعية بحلول نهاية القرن.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في رسالة مصورة خلال إطلاق التقرير، إن "أزمة المناخ أصبحت واقعا"، مشيرا إلى الحاجة الماسة إلى اتخاذ إجراءات فورية في مواجهة سلسلة من الأحداث المناخية المتطرفة. وأوضح أن هذه الكوارث "تسببت في مأساة إنسانية"، وأثرت سلبًا على الصحة، وزادت من التفاوتات، وضررت بالتنمية المستدامة، وأثارت قلاقل في أسس السلام.
ودعا جوتيريش إلى اتخاذ إجراءات في عدة مجالات أساسية، بما في ذلك دمج التكيف ضمن الخطط الوطنية المناخية، وتطبيق أنظمة الإنذار المبكر الفعالة، وزيادة التمويل الخاص بالتكيف. وأضاف أنه يتعين على الدول "ضرب قلب الأزمة: "الغازات الدفيئة".
وقال: "يجب علينا التكيف الآن حتى نتمكن من حماية أنفسنا".
وسلط التقرير الضوء على الفجوة المتزايدة بين الأموال اللازمة للتكيف – وهي التعديلات اللازمة لإبطاء وتيرة الاحترار العالمي – ومستويات الاستثمار العام الحالية. وبينما ارتفع تمويل التكيف الدولي للدول النامية إلى 28 مليار دولار في عام 2022، إلا أن هذا المبلغ لا يزال بعيدًا عن المطلوب، حيث تشير التقديرات إلى أن بين 187 و359 مليار دولار سنويًا ستكون ضرورية لسد فجوة تمويل التكيف.
وفي هذا السياق، دعا برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى وضع "هدف جماعي مشترك" للتمويل المناخي في قمة كوب 29، مع تضمين مكونات أقوى للتكيف في تعهدات المناخ القادمة المقررة في بداية العام المقبل قبيل قمة كوب 30 في بيلم، بالبرازيل.
علاوة على ذلك، حثت الأمم المتحدة الدول على اتخاذ التزامات كبيرة في قمة كوب 29 وما بعدها، بما في ذلك زيادة التمويل وتحويل طبيعة تمويل التكيف من المبادرات قصيرة الأجل إلى استثمارات استراتيجية وتوقعية.
وأكدت أن ذلك سيساعد في تعزيز القدرة على الصمود على المدى الطويل، خاصة في المناطق الضعيفة الأكثر تأثرا بتغير المناخ.
واقترح التقرير بعض "العوامل التمكينية" التي يمكن أن تفتح الباب أمام تمويل القطاعين العام والخاص، مثل إنشاء صناديق ومنشآت تمويلية، والتخطيط المالي للمناخ، وتطوير تصنيف ميزانية المناخ، وتخطيط استثمارات التكيف
كما سلط التقرير الضوء على دور البنوك التنموية متعددة الأطراف في زيادة التمويل ودعم الحلول المالية المبتكرة. وبالنسبة للقطاع الخاص، دعا برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى توفير آليات لتقليل المخاطر وجذب المزيد من الاستثمارات في التكيف.
ومع ذلك، أكد التقرير أن التمويل وحده ليس كافيًا، داعيا الدول إلى تعزيز بناء القدرات ونقل التكنولوجيا لتعزيز جهود التكيف في مجالات المياه والغذاء والزراعة.