رجال من ذهب| علي أحمد باكثير.. مسيرة طويلة من الإبداع
يُعد علي أحمد باكثير الذي تُحل اليوم ذكرى وفاته، من أبرز أدباء العرب، حيث أحب الشعر ونظمه منذ طفولته، وخلف إنتاجًا أدبيًا وفيرًا، وألّف أكثر من ستين قصة ورواية، بين مسرحية شعرية ونثرية تناولت التراجيديا، والكوميديا.
ولد علي أحمد باكثير في 21 ديسمبر 1910م، في سورابايا بإندونيسيا لوالدين حضرميين، سافر به والده حين بلغ العاشرة من عمره إلى حضرموت ونشأ هناك بتربية عربية إسلامية مع إخوته لأبيه.
وصل باكثير إلى مدينة سيئون بحضرموت في 5 أبريل 1920م، وتلقى هناك تعليمه في مدرسة النهضة العلمية ودرس علوم العربية والشريعة على يد شيوخ أجلاء منهم عمه الشاعر اللغوي النحوي القاضي محمد بن محمد باكثير كما تلقى علوم الدين أيضا على يد الفقيه محمد بن هادي السقاف وكان من أقران علي باكثير حينها الفقيه واللغوي محمد بن عبد الله السقاف.
كان صاحب أفق واسع ومواهب متعددة، حيث نظم الشعر وهو في الثالثة عشرة من عمره، وتولى التدريس في مدرسة النهضة العلمية وتولى إدراتها وهو دون العشرين من عمره.
تزوج باكثير وهو في بداية عمره ولكن لم يستمر الزواج لفترة طويلة إذ فجاءه القدر بوفاة زوجته وهي في غضون شبابها، وقرر بعدها مغادرة حضرموت حوالي عام 1931م وتوجه إلى عدن ومنها إلى الصومال والحبشة.
استقر في الحجاز، وهناك نظم مطولته نظام البردة كما كتب أول عمل مسرحيه شعري له وهو همام أو في بلاد الأحقاف وطبعهما في مصر أول قدومه إليها.
وصل باكثير إلى مصر في 1934م، والتحق بجامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة حالياً" حيث حصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الأنجليزية في 1939م، وقد ترجم عام 1936م أثناء دراسته في الجامعة مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير بالشعر المرسل، وبعدها بعامين في عام 1938م، ألّف مسرحيته "أخناتون ونفرتيتي" بالشعر الحر ليكون بذلك رائد هذا النوع من النظم في الأدب العربي.
التحق باكثير بعد تخرجه في الجامعة بمعهد التربية للمعلمين وحصل منه على الدبلوم عام 1940م وعمل مدرسا للغة الإنجليزية لمدة أربعة عشر عاما.
ومن مصر سافر باكثير إلى فرنسا عام 1954م في بعثة دراسية حرة، وبعد انتهاء الدراسة فضّل الإقامة في مصر حيث أحب المجتمع المصري وتفاعل معه فتزوج من عائلة مصرية محافظة، وأصبحت صلته برجال الفكر والأدب وثيقة، من أمثال العقاد وتوفيق الحكيم والمازني ومحب الدين الخطيب ونجيب محفوظ وصالح جودت وغيرهم.
عمل باكثير بالتدريس لمدة خمسة عشر عاماً منها عشرة أعوام بالمنصورة ثم نُقل إلى القاهرة، وفي سنة 1955م انتقل للعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصلحة الفنون وقت إنشائها، ثم انتقل إلى قسم الرقابة على المصنفات الفنية.
وفي خضم عمله بالتدريس حصل على منحة تفرغ لمدة عامين "1961، 1963"، وأنجز الملحمة الإسلامية الكبرى عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في 19 جزءاً، وتعد ثاني أطول عمل مسرحي عالمياً، وكان باكثير أول أديب يمنح هذا التفرغ في مصر.
كما حصل على منحة تفرغ أخرى أنجز خلالها ثلاثية مسرحية عن غزو نابليون لمصر "الدودة والثعبان، أحلام نابليون، مأساة زينب" طبعت الأولى في حياته والأخريين بعد وفاته.
تميز باكثير بغزارة إنتاجه الأدبي الذي تنوع بين الرواية والمسرحية الشعرية والنثرية، ومن أشهر أعماله الروائية وا إسلاماه والثائر الأحمر ومن أشهر أعماله المسرحية سر الحاكم بأمر الله وسر شهر زاد التي ترجمت إلى الفرنسية ومأساة أوديب التي ترجمت إلى الإنجليزية.
شارك باكثير في كثير من المؤتمرات الأدبية والثقافية، كما اختير عضوًا في لجنة الشعر والقصة بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وكان عضوًا في نادي القصة وحصل على منحة تفرغ لتأليف ملحمة تاريخية عن عمر بن الخطاب.
حصل باكثير على العديد من الجوائز وقد شارك نجيب محفوظ جائزة الدولة التقديرية الأولى مناصفة، وكان الموسم المسرحي في مصر يفتتح سنوياً بمسرحيته مسمار جحا التي تنبأ فيها باحتلال فلسطين.
ترك لنا علي أحمد باكثير إنتاجًا أدبيًا وفيرًا حيث ألّف أكثر من ستين قصة ورواية، بين مسرحية شعرية ونثرية تناولت التراجيديا، والكوميديا.