رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


اكتشاف موقد حجري يعود إلى 9000 عام في ألمانيا

11-11-2024 | 18:50


الوقد الحجري المكتشف

إسلام علي

يعد كهف بلاترهوهل في منطقة ويستفاليا الألمانية مثالاً فريداً على كيفية تطور الحضارات البشرية القديمة وانتقال المجتمعات من الصيد وجمع الثمار إلى استيطان مواقع بعينها عبر فترات زمنية ممتدة. 

ووفقا لما نقله موقع labrujulaverde، تعود الاكتشافات الأثرية الحديثة التي تم العثور عليها الآن إلى العصر الحجري المتوسط، أي إلى ما قبل حوالي 9000 عام، حيث تمت استعادة موقد حجري نادر وثلاثة رؤوس سهام من الصوان، وقطعة حربة ذات شوكتين، وقد لاقت هذه الاكتشافات اهتمامًا كبيرًا لندرتها وأهميتها العلمية في فهم نمط الحياة في العصور القديمة.

صفات الموقد الحجري المكتشف 

يعد هذا الموقد المكتشف، الذي يبلغ قطره حوالي 70 سنتيمترًا، واحدًا من أقدم الأدلة على وجود تقنيات متقدمة نسبيًا في الطبخ والتدفئة، وقد أظهر الموقد علامات تعرض واضحة للحرارة، وهو ما يوحي بأن البشر القدماء كانوا يستخدمونه بشكل منتظم.

وقد توصل الباحثون إلى تاريخ الموقد باستخدام تقنية الكربون المشع وهي تقنية منتشرة في علم الآثار على عينات من الفحم، ليكتشفوا أن عمره يتراوح بين 6500 و7000 قبل الميلاد. 

وتكشف هذه التقنية الدقيقة جوانب من حياة مجتمعات العصر الحجري المتوسط التي اتسمت بالاعتماد على الصيد وجمع الثمار، مما يشير إلى تنظيم مجتمعي وتوافر مهارات تكنولوجية مبكرة للإنسان.

رؤوس السهام الصوانية

 

تعتبر رؤوس السهام المكتشفة داخل الكهف إضافة مهمة للأدوات التي استخدمها الإنسان في الصيد والدفاع، حيث أن وجودها بحالة ممتازة يوضح جودة الصنع وبراعة الحرفيين القدماء في تشكيل أدواتهم من الصوان، تلك المادة الصلبة والمناسبة للصيد.

وقد اكتُشفت هذه الرؤوس في منطقة لم تكن تشتهر في الماضي بوجود أدوات مماثلة، مما يجعل هذا الاكتشاف إضافة نوعية لفهم التاريخ الثقافي والتقني للمنطقة.  

ويشير العثور على هذه الرؤوس إلى وجود جماعات بشرية في الكهف كانت تعتمد على مهارات الصيد كوسيلة رئيسية للبقاء، مما يضيف معرفة دقيقة حول طرق العيش في العصور الجليدية الأخيرة.

الحربة ذات الشوكتين

يبلغ طول الحربة 4.9 سنتيمتر، وتحتوي على شوكتين بحالة جيدة، تُعتبر من الاكتشافات الفريدة في المنطقة، ويبدو أنها كانت تُستخدم في صيد الحيوانات الكبيرة مثل الغزلان والماشية البرية التي تواجدت في مواقع قريبة من الأنهار والبحيرات.

ويشير هذا الاكتشاف إلى أن السكان في تلك المنطقة كانوا يعتمدون على الصيد كجزء أساسي من حياتهم اليومية، حيث قد تكون الحربة أداةً أساسية في عمليات الصيد، خاصة في بيئة تغلب عليها الحيوانات الكبيرة. 

وقد تم العثور على الحربة في طبقة رسوبية أحدث من الموقد، مما قد يشير إلى أنها تعرضت لحركة بفعل نشاط الحيوانات أو الطبيعة عبر الزمن.

بلاترهوهل كنافذة على العصور القديمة

يعتبر هذا الكهف بمثابة نافذة تطل على العصور الحجرية، حيث يوفر دراسة متكاملة للانتقال من العصر الحجري القديم إلى العصر الحجري الحديث، ويبرز كيفية تطور الإنسان من صيادٍ متنقل إلى مستوطن في مواقع محددة، وإضافة إلى ذلك، يوضح الاكتشاف أن المنطقة كانت مسكونة على مدى فترات زمنية متعاقبة، مما يدل على تكرار استخدام الكهف من قبل جماعات بشرية مختلفة كانت تعيش في المنطقة. 

ويرتبط هذا التنوع في الاستيطان بأهمية جغرافية الموقع، إذ يقع بالقرب من طرق التجارة والأنهار الرئيسية، مما يسهل الوصول إلى الموارد الطبيعية المتاحة.

القيمة العلمية والمعرفية

تشكل هذه الاكتشافات قيمة علمية عظيمة، إذ أنها تساعد العلماء على فهم تفاصيل حياة المجتمعات القديمة في أوروبا ووسائل معيشتها وتفاعلها مع البيئة المحيطة. ويمثل الموقد ورؤوس السهام والحربة إسهامات مهمة لدراسة تطور الأدوات والمعدات التي استخدمها الإنسان، مما يلقي الضوء على ذكاء الإنسان القديم وقدرته على التكيف مع الظروف البيئية الصعبة.​