تشير دراسة حديثة إلى تزايد إقبال المحاربين القدامى في الجيش الأمريكي على استخدام العقاقير المخدرة كجزء من استراتيجياتهم العلاجية للتعامل مع تحديات الصحة العقلية، خصوصًا في ظل شعور العديد منهم بعدم كفاية النظام العلاجي التقليدي في الولايات المتحدة لتلبية احتياجاتهم.
وأظهرت الدراسة التي شارك فيها 426 من المحاربين القدامى أن 80% منهم يواصلون استخدام العقاقير المخدرة رغم إدراكهم الآثار الجانبية السلبية، مؤكدين على أهمية هذه العلاجات في تخفيف الأزمات النفسية التي يعانون منها.
وفي هذا السياق، أوضح آلان ديفيس، الباحث الرئيسي في كلية العمل الاجتماعي بجامعة ولاية أوهايو بالولايات المتحدة، أن الظروف المعقدة التي يعيشها المحاربون القدامى تجعلهم عرضةً لمجموعة من التحديات النفسية والجسدية التي تدفعهم للبحث عن علاجات غير تقليدية.
وأضاف أن الكثير منهم يشعرون بأن النظام العلاجي المتاح لا يلبي احتياجاتهم، مما يجعلهم يلجأون إلى خيارات أخرى قد توفر لهم الدعم النفسي اللازم.
ويعاني المحاربون القدامى من معدلات انتحار مرتفعة، إذ تشير إحصائيات إدارة شؤون المحاربين القدامى لعام 2021 إلى انتحار أكثر من 17 فرداً يوميًا من قدامى المحاربين، كما يجد هؤلاء صعوبات شديدة في العودة إلى الحياة المدنية، حيث يقدر أن ما بين 44% و72% من المحاربين القدامى يواجهون ضغوطًا كبيرة بعد انتهاء خدمتهم.
قسم المشاركون في تلك الدراسة إلى مجموعتين، حيث استخدم 217 منهم العقاقير المخدرة، بينما لم يستخدمها 209 آخرون، وتنوعت العقاقير المستخدمة بين السيلوسيبين "الفطر السحري"، وLSD، والكيتامين، والإكستاسي، والآياهواسكا، والإيبوجاين، و5-MeO-DMT، و البيوت/الميسكالين.
وكانت الأسباب وراء استخدام هذه العقاقير متباينة، حيث استخدمها البعض للتسلية، بينما لجأ آخرون لاستكشافات روحية أو بحثًا عن العلاج النفسي والجسدي.
وأشارت النتائج إلى أن 85% من مستخدمي العقاقير المخدرة قد لاحظوا تحسنًا ملحوظًا في حالتهم النفسية بشكل وهمي، ويعكس هذا التوجه الاهتمام المتزايد بهذه المواد في مجال الصحة النفسية، خصوصًا بالنظر إلى إمكانياتها في معالجة الحالات النفسية المستعصية، ولكن تحت علاج طبي موسع وشامل فقط.
كما أظهرت الدراسة أن المحاربين القدامى الذين جربوا العقاقير المخدرة يميلون إلى أن يكونوا أكثر انفتاحًا على استخدام خدمات الصحة النفسية الرسمية إذا كانت هذه العلاجات تشمل عقاقير مماثلة.
في المقابل، أشار 59% من مستخدمي العقاقير المخدرة إلى تجربتهم آثارًا سلبية، حيث كانت "الذكريات المؤلمة" هي المشكلة الأكثر شيوعًا، التي أبلغ عنها ثلث المستخدمين تقريبًا، إلى جانب رغبتهم المستمرة في الاستخدام وصعوبة تقليله.
وأكد بعض المحاربين القدامى حاجتهم إلى رعاية طبية بسبب هذه التجارب، ما يعكس أن تناول العقاقير المخدرة دون إشراف قد يعرض المستخدمين لمخاطر إضافية، لا سيما إذا افتقروا إلى الدعم المناسب.
واستنادًا إلى نتائج الدراسة، تبيّن أن بعض العوامل تساعد في تقليل مخاطر الآثار الجانبية السلبية للعقاقير المخدرة، منها تقدم العمر، واستخدام السيلوسيبين، ووجود اضطرابات مثل الاكتئاب أو القلق، وتوفر مصدر موثوق للحصول على العقاقير من الأطباء المتخصصين، والشعور بالراحة والثقة أثناء تناولها.
وقد أضاف مارك بيتس، أحد مؤلفي الدراسة وطيار متقاعد في القوات الجوية الأمريكية وطبيب نفسي في مركز علاجات سانستون بولاية ماريلاند، أن فهم الثقافة الخاصة بالمحاربين القدامى يعتبر أمرًا جوهريًا للمعالجين، حيث يساعد على إقامة علاقة علاجية قوية وفهم أفضل لحالة المحاربين النفسية والاجتماعية، وذلك طبقا لما نقله موقع zmescience.