رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


حفائر أثرية تغير ثوابت تاريخية عن اليونان القديمة

12-11-2024 | 23:20


أمفورا هندسية _ المتحف البريطاني

إسلام علي

يعتبر "العصر المظلم" في اليونان القديمة، الذي يُعتقد تقليديًا أنه امتد من حوالي 1200 إلى 760 قبل الميلاد، فترة من الغموض التاريخي لعدم وجود وثائق مكتوبة أو سجلات محفوظة تغطي هذه الحقبة الزمنية، حيث فقدت العديد من المعلومات بسبب الانهيار الاجتماعي والسياسي الذي اجتاح منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وفقا لما نقله موقع theconversation، استخدم المؤرخون نتائج الحفريات الأثرية التي تعتمد بشكل أساسي على الفخار، وبالأخص على الأنماط المستخرجة من أثينا، لبناء جدول زمني، قدمت هذه الأسس التاريخية في أواخر الخمسينيات من قبل الباحثين نيكولاس كولدستيم وفينسنت ديسبورو، اللذين وضعا تصوراً لبداية العصر الحديدي اليوناني عام 1025 قبل الميلاد ونهايته حوالي 700 قبل الميلاد، تم تقسيم الفترة الهندسية إلى أربع مراحل زمنية وفقاً لنمط الفخار الأثيني


الهندسة الأولية


وهي المرحلة الأولى التي تمتد من 1025 إلى 900 قبل الميلاد، حيث ظهرت الأنماط الهندسية البدائية.

 

الهندسية المبكرة


وهي تمتد من فترة 900-850 قبل الميلاد، حيث بدأت الأنماط تتطور وتزداد تعقيداً.

 

الهندسية المتوسطة


تمتد تلك المرحلة من  850 إلى 760 قبل الميلاد، مع تطور في التصميمات الهندسية واتساع انتشارها.

 

الهندسية المتأخرة


تمتد من 760 إلى 700 قبل الميلاد، التي تميزت بنمو اقتصادي وديموغرافي سريع، مع اعتماد الكتابة الأبجدية وظهور المدن-الدول اليونانية.

 

النهضة اليونانية


تعد الفترة الهندسية المتأخرة مرادفة لما يُعرف بالنهضة اليونانية، والتي كانت نقطة تحول كبيرة في المجتمع اليوناني، حيث بدأت خلالها مجموعة من التحولات الحاسمة، مثل إدخال الأبجدية الإغريقية التي تطورت عن الأبجدية الفينيقية، وظهور دول المدن (البوليس)، وتأسيس المستعمرات اليونانية في البحر الأبيض المتوسط، مثلت هذه النهضة خروجاً من عصر الانهيار المجتمعي نحو بناء أسس قوية، أدت لاحقاً إلى تشكيل الحضارة اليونانية الكلاسيكية.

وتعد الاكتشافات الأثرية الأخيرة، خاصة في شمال اليونان، تدفع نحو مراجعة هذا الجدول الزمني، فقد أظهرت الحفريات في مناطق مثل أسيروس وسندوس في شمال اليونان، وزاكورة في جزيرة أندروس السيكلادية، نتائج تشير إلى أن التقسيم الزمني التقليدي قد يكون خاطئًا.
وتركز هذه الاكتشافات على قطع فخارية ذات نمط هندسي أولي تم العثور عليها في هذه المناطق، وهو ما يشير إلى أن المجتمع اليوناني ربما كان أكثر تطورًا وقدرةً على الصمود في وجه انهيار العصر البرونزي.

 

إعادة التقييم الزمني بناءً على اكتشافات الفخار في إليون


في مدينة إليون القديمة، اكتشف إناء يعود تاريخه إلى النصف الأخير من القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ويتميز بنمط دوائر متحدة المركز تشبه الأنماط الهندسية الأولية التي كان يُعتقد سابقاً أنها نشأت في أثينا في القرن الحادي عشر قبل الميلاد. 
تشير التحليلات الكيميائية والصخرية إلى أن هذا الإناء تم استيراده من وادي أكسيوس السفلي في شمال اليونان، ما يعني أن الأسلوب الهندسي ربما تطور بشكل مستقل في هذه المنطقة، قبل أن ينتشر إلى أثينا.

 

تداعيات الاكتشافات الجديدة على التسلسل الزمني للعصر الحديدي


يعني هذا الاكتشاف أنه ربما كان هناك تزامن بين الأنماط الميسينية المتأخرة والأنماط الهندسية الأولية لمدة قرن تقريباً، خلافاً للاعتقاد السابق بأن الأسلوب الميسيني انتهى قبل بدء النمط الهندسي، لذا، فإن هذه النتائج تشير إلى أن الفترة الهندسية بدأت قبل حوالي 100 عام مما كان يعتقد سابقاً، وتحديداً حوالي 1150 قبل الميلاد بدلاً من 1025 قبل الميلاد، كما أن "النهضة اليونانية" امتدت لفترة أطول، حيث بدأت حوالي 870 قبل الميلاد واستمرت حتى حوالي 700 قبل الميلاد.

وبهذه الطريقة، فإن العصر الهندسي المتأخر يمتد لأكثر من قرن ونصف بدلاً من 40 عامًا فقط كما كان يُعتقد، ما يمنح المجتمع اليوناني مجالاً زمنياً أطول لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي شهدته هذه الفترة.