الإنذار الأمريكي بشأن المساعدات الإنسانية في غزة يدخل لحظاته الأخيرة.. كيف طوت إدارة بايدن الحقائق؟
وقف العالم على قدم واحدة يترقب ماذا ستفعل الإدارة الأمريكية حيال إنذارها لـ إسرائيل بشأن إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، الذي تشن عليه حرب إبادة منذ أكثر من 13 شهرًا، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن فاجأهم من جهته بالتأكيد على أنه سيواصل تقديم الدعم اللامحدود لـ"تل أبيب".
وفي محاولة تحايل على الرأي العام العالمي بشكل عام، والأمريكي بشكل خاص، وجهت الولايات المتحدة الأمريكية، الشهر الماضي، رسالة إلى إسرائيل تلوح بالإضرار بالمساعدات العسكرية في حال عدم إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة في غضون 30 يومًا.
جاءت تلك الرسالة استباقًا للانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي عقدت في الخامس من نوفمبر الجاري، على أمل أن يخفف ذلك من حدة الضغط على الحزب الديمقراطي، الذي تعرض للكثير من الانتقادات جراء الدعم اللامحدود الذي قدمه الرئيس الديمقراطي جو بايدن لـ إسرائيل في حربها على غزة، التي خلفت أكثر من 146 ألفًا بين شهيد وجريح، جلهم من النساء والأطفال.
وقبل سباق الانتخابات الأمريكية، كان بايدن يؤكد على ضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين هناك، أما بعد السباق الذي خسره الحزب الديمقراطي، فقد جدد دعمه المطلق لـ إسرائيل مرة أخرى في حرب الإبادة التي تشنها على غزة.
وعند لقائه بنظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوج في البيت الأبيض، الثلاثاء، قال بايدن "التزامنا تجاه إسرائيل لا يتزعزع، وأنتم تعلمون ذلك، ونتقاسم صداقة عميقة للغاية"، قبل أن يضيف: "لا داعي لأن يكون الشخص يهوديًا ليصبح صهيونيًا".
الإنذار الأمريكي
وفي هذه الأثناء، التي يدخل فيه الإنذار الأمريكي بشأن غزة لحظاته الأخيرة، زعمت الخارجية الأمريكية، أن إسرائيل اتخذت إجراءات؛ لتحسين الوضع الإنساني في غزة تجاوبًا مع رسالة بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن، موضحة أن واشنطن تتواصل مع الجانب الإسرائيلي لتقييم الوضع الإنساني في غزة.
وفي الـ13 من أكتوبر الماضي، وجه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، رسالة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف جالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، تلوح بالإضرار بالمساعدات العسكرية في حال عدم إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة في غضون 30 يومًا.
وأضافت الخارجية الأمريكية، أنها تأمل أن تكون الإجراءات الإسرائيلية لتحسين الوضع بغزة أساسًا؛ لدخول ما يكفي من المساعدات، مشيرة إلى أن واشنطن إذا لم تر خطوات في الاتجاه الملائم "فسوف نطبق بكل تأكيد القانون الأميركي".
وبذلك تكون "واشنطن" قد ضربت عرض الحائط بكافة التقارير الدولية، التي تشير إلى أن إسرائيل تُمعن بشكل متعمد في تجويع أهالي القطاع، بفعل الحصار المفروض من قبل سلطات الاحتلال، والذي يحول دون دخول الطعام والشراب، وحتى الدواء، تعزيزًا لسياسة التجويع المتعمدة ضد الفلسطينيين.
في غضون ذلك، أكدت منظمات إغاثية، الثلاثاء، على أن إسرائيل فشلت في الوفاء بالتزاماتها القانونية، بتيسير تقديم الإغاثة الكافية للمدنيين بغزة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن عرقلة إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة أدت إلى زيادة الوفيات ومعاناة المدنيين.
وتسببت إسرائيل في ظروف تقترب من المجاعة لـ800 ألف مدني في مختلف أنحاء غزة، بحسب المنظمات الإغاثية، التي أكدت على وجوب تحميل إسرائيل مسؤولية فشلها في توفير قدر كاف من الغذاء والدواء للمحتاجين في غزة.
وتعليقًا على ما ذكرته الخارجية الأمريكية، قالت حركة حماس، إن الادعاءات الأمريكية بتحسين الوضع الإنساني في غزة تكذبها التقارير الأممية التي تؤكد وجود مجاعة في شمال القطاع.
وتابعت: "تصر الإدارة الأمريكية الآفلة، على منح حكومة الاحتلال الفاشي المزيد من الفرص والوقت للمضي في عدوانها وجرائمها وانتهاكاتها لكافة القوانين والشرائع، وتقديم الغطاء السياسي والعسكري والحماية من المساءلة والمحاسبة عبر تعطيل أدوات القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات التي صممت لحماية المدنيين، في سلوك يثبت دورها كراع أساسي لإرهاب كيان الاحتلال الفاشي بحق شعبنا وشعوب المنطقة".
ومن جانبها، تقول الهيئات الفلسطينية، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمارس عملية تضليل من خلال السماح بدخول مساعدات محدودة جدًا للقطاع تحت ضغط من المجتمع الدولي، لكنه يعرقل وصولها إلى مستحقيها.
ويجري ذلك عبر تسهيل الأوضاع للعصابات المسلحة الخارجة عن القانون؛ لسرقة شاحنات المساعدات والبضائع وفرض إتاوات دون تدخل منه، وفي الوقت ذاته، يمنع جيش الاحتلال عناصر الشرطة الفلسطينية وشركات الحراسة الخاصة من تأمين شاحنات المساعدات، وسط تهديدات باستهدافها، بحسب المصدر ذاته.
إسرائيل لم تفي!
وأظهر تحليل أجرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، استنادًا على مقابلة أكثر من 12 من العاملين في مجال الإغاثة، أن إسرائيل فشلت إلى حد كبير في الامتثال للمطالب الأميركية مما دفع أجزاء من شمال غزة إلى حافة المجاعة.
وينعكس الفشل الإسرائيلي في تراجع المساعدات الإنسانية ومواصلة عزل شمال القطاع ومنع استئناف حركة الشاحنات التجارية، بحسب "واشنطن بوست".
وفي إجابة عن السؤال المطروح لماذا لن تعاقب الإدارة الأمريكية إسرائيل رغم كل الحقائق المؤكدة، قالت مجلة "ذا تايم" الأمريكية، إن إدارة الرئيس بايدن: "لن تجد صعوبة في التأكد من أن إسرائيل منعت وصول المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة لأن من الصعب إنكار هذه الحقيقة"، بحسب ما أوردته عن مسؤول سابق بوزارة الخارجية الأمريكية، الذي أضاف أن الإدارة الأميركية قد تتحجج بمصالح الأمن القومي الأمريكي؛ للتراجع عن أي قيود كانت تفكر في فرضها على الدعم العسكري لإسرائيل.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، خلفت ما يزيد عن 146 ألفًا بين شهيدًا وجريح، بينما ما زال عدد من الضحايا تحت الركام، وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.