دور مصر السياسي والأقليمي في دعم القضية اللبنانية.. خبراء يوضحون أهمية زيارة وزير الخارجية لبيروت
وصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى العاصمة اللبنانية بيروت اليوم الأربعاء، معبّراً عن تضامن مصر الكامل، قيادةً وشعباً، مع لبنان في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها نتيجة الأزمات المتعددة، وعلى رأسها الأزمة السياسية الداخلية والتصعيد العسكري الإسرائيلي في المنطقة.
وتأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، ودعم مصر المستمر لاستقرار لبنان وأمنه، والذي يُعتبر جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة العربية ككل.
استقبال رفيع المستوى ودعم إنساني متواصل
استقبل وزير البيئة اللبناني ومنسق لجنة الطوارئ اللبنانية، ناصر ياسين، وزير الخارجية بدر عبد العاطي في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث وصلت شحنة جديدة من المساعدات المصرية ضمن الجسر الجوي المصري إلى لبنان.
وتضمنت هذه الشحنة نحو 21 طناً من المواد الغذائية ومستلزمات الإعاشة الأساسية، ليبلغ إجمالي حجم المساعدات المصرية التي وصلت إلى لبنان حتى الآن نحو 88 طناً.
تأتي هذه المساعدات ضمن توجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بضرورة تقديم كافة أشكال الدعم الممكنة للشعب اللبناني لمواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلي والظروف الصعبة التي يمر بها لبنان.
الجسر الجوي المصري: استمرارية الدعم وتأصيل العلاقات التاريخية
ذكرت قناة القاهرة الإخبارية أن الطائرة المصرية التي وصلت اليوم إلى لبنان تُعد الطائرة الخامسة ضمن سلسلة رحلات الجسر الجوي المصري، الذي جاء لتعزيز جهود الإغاثة وتقديم العون للبنان.
وقد عبّر السفير المصري في لبنان، علاء موسى، عن أهمية هذا الجسر الجوي، مشيراً إلى أنه يمثل تجسيداً حقيقياً للعلاقات العميقة بين البلدين، ويعزز من دعم مصر للبنان على المستويين الإنساني والسياسي.
وأضاف موسى أن الزيارة تؤكد التزام مصر الثابت بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يهدف إلى الحفاظ على استقرار لبنان ووقف العدوان، مما يوضح مكانة مصر كداعم رئيسي للبنان في الأوقات الحرجة.
طارق فهمي زيارة وزير الجارجية للبنان تأتي بعد فشل الوساطة الأمريكية والفرنسية في حل الأزمة
في تحليله للزيارة، أشار الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إلى أن زيارة بدر عبد العاطي تعكس دور مصر المحوري في دعم استقرار المنطقة، خاصة في ظل ما وصفه "بفشل" الوساطة الأمريكية.
وأضاف فهمي في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال" أن مصر تقدم رؤية شاملة لدعم لبنان من خلال استعادة السيادة اللبنانية وتعزيز القرار 1701، مؤكداً أن هذه المساعدات لن تؤثر بالسلب على الاقتصاد المصري، بل تأتي ضمن إطار السياسات المصرية الهادفة لدعم الأمن القومي العربي.
وأوضح فهمي أن تحركات مصر تتفوق على جهود بعض الأطراف الأخرى، مثل الجانب الفرنسي والأمريكي، اللذين لم يقدما سوى خطوات محدودة في هذا الصدد تصب في مصلحة الجانب الإسرائيلي خاصة الجانب الأمريكي ، بينما تواصل مصر تعزيز حضورها ودورها الإقليمي بفضل إمكاناتها وقدرتها على تلبية احتياجات الأشقاء في لبنان.
محمد فوزي: دور مصر في لبنان يتخطى المساعدات الإنسانية ليشمل التأثير الدبلوماسي والإقليمي
من جهته، أكد الباحث الدكتور محمد فوزي من المركز المصري للفكر والدراسات، على أهمية دور مصر التاريخي والإستراتيجي في لبنان وغزة.
وأوضح أن مصر تعتبر طرفاً رئيسياً في تحقيق الاستقرار بالمنطقة، نظراً للعلاقات التاريخية التي تربطها بلبنان، والتحديات التي تواجهها المنطقة العربية.
وأضاف فوزي في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال" أن الملف اللبناني يعد من الملفات المهمة للغاية بسبب تعدد التدخلات الخارجية ، إلا أن مصر تحظى بقبول واسع من الجانب اللبناني، مما يتيح لها القيام بدور فعال في حل القضايا العالقة ودعم الانتخابات الرئاسية اللبنانية، باعتبارها خطوة ضرورية نحو استقرار لبنان ووقف إطلاق النار.
كما أوضح فوزي أن الاهتمام المصري بلبنان يأتي لأسباب عدة، منها أهمية لبنان الجيوسياسية في المنطقة، وتأثير استقراره على استقرار الشرق الأوسط، وكذلك الرغبة في تخفيف معاناة الشعب اللبناني عبر تقديم المساعدات الإنسانية.
ويرى فوزي أن هذه المساعدات لا تؤثر على الاقتصاد المصري، لأنها تُمول ضمن مخصصات الدولة الخاصة بالمعونات الإنسانية التي تقدمها مصر لدعم أشقائها العرب، وتعد جزءاً من السياسة الخارجية المصرية الرامية إلى تعزيز التضامن العربي.
وأضاف: أن هذه المساعدات الإنسانية التي تقدمها مصر إلى لبنان جزءاً من استراتيجيتها الدبلوماسية، حيث تتخذ مصر من المساعدات أداة دبلوماسية قوية لتعزيز حضورها الإقليمي.
وترى مصر أن هذه المساعدات تسهم في تقوية الروابط العربية وتعزز التضامن بين الدول العربية، خاصة في الأوقات الحرجة، وتشير المساعدات المتكررة إلى مدى حرص مصر على دعم لبنان بشكل مستمر، وإيصال رسالة واضحة بأن استقرار لبنان هو أولوية استراتيجية لمصر.
وتنطوي هذه الجهود على بعد وطني وعروبي، حيث تؤكد مصر دعمها للبنان من منطلق الروابط القومية، بما يترجم إلى حضور مؤثر في السياسة الإقليمية ويعزز من دور مصر القيادي على الساحة العربية.