رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تصور نحت أثري أندثر منذ قرن ونصف

13-11-2024 | 20:34


نقش مشابه لنموذج الذكاء الاصطناعي الذي أعيد بناءه

إسلام علي

استطاع فريق بحثي ياباني استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير نموذج ثلاثي الأبعاد لنحت أثري حجري بدقة مذهلة، يعود إلى مئات السنين، مستندين إلى صورة باهتة واحدة فقط، تم التقاطها قبل 134 عامًا.

ووفقا لما ذكره موقع Artnet ، وقد قاد هذا الابتكار فريق من جامعة ريتسوميكان باليابان، برئاسة البروفيسور ساتوشي تاناكا، بالتعاون مع الدكتور جياو بان من جامعة العلوم والتكنولوجيا في بكين، حيث عملا على تطوير شبكة عصبية متقدمة تمتلك القدرة على تحويل الصور ثنائية الأبعاد إلى نماذج رقمية ثلاثية الأبعاد غنية بالتفاصيل.

وتعد هذه التقنية تحولاً كبيرًا في مجال الحفظ الرقمي للآثار، خاصة فيما يتعلق بالقطع الأثرية المخفية أو الهشة أو التي يصعب تصميمها باستخدام الوسائل التقليدية.

تعود النقوش البارزة التي أُعيد إنشاؤها رقميًا إلى معبد بوروبودور في إندونيسيا، أحد أهم مواقع التراث العالمي لليونسكو، حيث تعرض مشاهد لشخصيات ترتدي ملابس تقليدية على خلفية من الأشجار والهندسة المعمارية القديمة، فهذه النقوش ظلت غير مرئية لسنوات بعد تغطيتها بجدران داعمة خلال إعادة بناء المعبد في القرن التاسع عشر، ولم تُوثق سوى من خلال صورة بالأبيض والأسود التقطت خلال تلك الفترة، إلا أن جهود إعادة بناء تفاصيل هذا النحت ظلت تواجه صعوبات كبيرة بسبب محدودية التصوير ثنائي الأبعاد، الذي يصعُب معه تمثيل العمق والتفاصيل المعقدة.

دور الذكاء الاصطناعي في الآثار

استخدم فريق تاناكا الذكاء الاصطناعي في تطوير تقنية جديدة تعتمد على "اكتشاف الحواف الناعمة"، وذلك للتغلب على هذه التحديات، حيث تتبع هذه الطريقة الانحناءات الدقيقة التي تشير إلى العمق وتحدد التفاصيل بشكل تدريجي، ما يجعل الشبكة العصبية قادرة على استيعاب وإعادة تكوين عمق الشكل بصورة دقيقة، خصوصًا في المناطق الحساسة مثل ملامح الوجوه.

ولا تعتمد هذه التقنية فقط على التحولات الواضحة في السطوع كما هو الحال في طرق الكشف التقليدية، بل تنظر إلى التغيرات الطفيفة التي تشير إلى ملمس وتضاريس الشكل المعروض.

صرّح تاناكا بأن الشبكة العصبية متعددة المهام قد تمكنت من إعادة إنشاء الأقسام المخفية من النقوش في معبد بوروبودور، ما يتيح استكشافًا افتراضيًا لهذه القطع الأثرية الثمينة التي لم تكن مرئية في السابق، بفضل التقنيات الحديثة كالتصور الحاسوبي والواقع الافتراضي.

توسع هذا النوع من النمذجة ثلاثية الأبعاد في الأوساط الأثرية الأخرى، مثل علم الآثار في أمريكا الشمالية، حيث قام الباحثون باستخدام التصوير الفوتوغرامتري لتحديد نقوش باهتة تركها السكان الأصليون على جدران كهف قديم في ألاباما،  ومكّنت هذه التقنيات من حفظ وتوثيق تفاصيل دقيقة من فنون الكهوف التي كانت لتظل غير مرئية لولا هذه الابتكارات.

تبرز هذه التطورات المشتركة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي والنماذج ثلاثية الأبعاد تقريب الماضي من الحاضر، وإتاحة الوصول الرقمي إلى الفنون القديمة والتحف الثقافية بطريقة غير مسبوقة.

وقد أوضح تاناكا أن لهذه التكنولوجيا إمكانيات كبيرة في حفظ التراث الثقافي ومشاركته، مشيرًا إلى أنها تفتح آفاقًا جديدة ليس فقط لعلماء الآثار، بل أيضًا لتجارب الواقع الافتراضي الغامرة وتقنيات الميتافيرس، ما يساهم في صون التراث العالمي وإتاحته للأجيال القادمة.