رئيس مجلس الادارة
عمــر أحمــد ســامي
رئيس التحرير
طــــه فرغــــلي
فى شهر ميلادها ووفاتها....صباح 66 سنة فن
صباح
ناصر جابر
تحل علينا خلال الشهر الحالى ذكرى الفنانة صباح التى استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة بارزة ليس فقط كممثلة قدمت العديد من الأفلام السينمائية التى تنوعت بين الرومانسية والاستعراضية والأكشن، بل صنعت أيضاً مكانة متميزة فى عالم الغناء، وتعاملت مع كبار المؤلفين والملحنين البارزين، فهى ينطبق عليها صفة «الفنانة الشاملة»، وفى شهر نوفمبر والذى يعد شهر ميلادها وأيضاً رحيلها فى نفس الوقت نعيش معها هذه الرحلة التى حفلت بـ 87 فيلماً و27 مسرحية.. وأكثر من 3500 أغنية.
ولدت صباح فى 10 نوفمبر عام 1927، فجاءت إلى مصر لكى تعمل فى السينما برفقة عائلتها، وتعاونت فى ذلك الوقت مع الموسيقار رياض السنباطى لأول مرة فى فيلم «القلب له واحد» فى عام 1945، وقدمت بالفيلم عدداً من أجمل الأغانى، وتوالت بعدها مشاركاتها الموسيقية والسينمائية فى العديد من الأفلام المصرية، من ضمنها: «بلبل أفندى»، «الآنسة ماما»، «فاعل خير»، «الرجل الثانى»، «شارع الحب».
وقفت صباح أمام كبار نجوم السينما المصرية مثل، صلاح ذو الفقار ورشدى أباظة وفريد شوقى، ولها رصيد كبير من الأفلام المصرية المهمة مثل: الرجل الثانى عام 1959، الحب كده عام 1961، والأيدى الناعمة عام 1963، و3 نساء عام 1968، وغيرها من الأفلام.
أفلام لبنانية
لها أيضاً رصيد من الأفلام اللبنانية مثل «باريس والحب» عام 1972، وذلك بالإضافة لعدد كبير من الأغانى. تعتبر صباح من أهم رموز الفن العربي.
اسمها الحقيقى جانيت جرجس فغالى، اشتهرت فنياً باسم صباح، وتعتبر واحدة من أبرز الفنانين اللبنانيين إلى جانب فيروز ووديع الصافى، امتدت حياتها المهنية من منتصف الأربعينيات 1940 حتى العقد الثانى من الألفية الثالثة، لتترك خلفها إرثاً فنياً تلفزيونياً سينيمائياً ومسرحياً كبيراً خلدها فى المجال الفنى على مر التاريخ، اشتهرت بألقاب كثير منها «الشحرورة» و«الصبوحة» و«صوت لبنان»، كانت من بين أوائل المغنين العرب الذين وقفوا على خشبات المسرح العالمى فى أولمبيا فى باريس، وقاعة كارنيغى فى مدينة نيويورك، وقاعة ألبرت الملكية فى لندن ودار أوبرا سيدنى.
نشأت الفتاة الصغيرة «جانيت» فى عائلة متواضعة، فى وادى شحرور إحدى القرى اللبنانية.
البداية فى سن الـ18
بدايتها الفنية كانت فى صغرها فى لبنان، وعندما لفتت انتباه المنتجة السينمائية اللبنانية الأصل آسيا داغر، التى كانت تعمل فى القاهرة، فأوعزت إلى وكيلها فى لبنان قيصر يونس، لعقد اتفاق معها لثلاثة أفلام دفعة واحدة، وكان الاتفاق بأن تتقاضى 150 جنيهاً مصرياً عن الفيلم الأول ويرتفع السعر تدريجياً، ذهبت إلى أسيوط برفقة والدها ووالدتها ونزلوا ضيوفاً على آسيا داغر فى منزلها بالقاهرة، وتم تكليف الملحن رياض السنباطى بتدريبها فنياً ووضع الألحان التى ستغنيها فى الفيلم، وفى تلك الفترة اختفى اسم «جانيت» وحل مكانه اسم «صباح» فى فيلم «القلب له واحد» عام 1945، وكان عمرها وقتها حوالى 18 عاماً. ويقال إن السنباطى لاقى صعوبة كبيرة فى تطويع صوتها وتلقينها أصول الغناء لأن صوتها الجبلى كان ما زال معتاداً على الأغانى المتسمة بالطابع الفلكلورى الخاص بلبنان وسوريا.
أزواجها
تزوجت صباح تسع مرات، وهم: نجيب شماس (والد ابنها الدكتور صباح شماس)، وقضت معه 5 سنوات، ثم تزوجت خالد بن سعود بن عبد العزيز آل سعود، وقضت معه عدة أشهر وحصل الطلاق بسبب ضغط من عائلته، ثم تزوجت أنور منسى (عازف كمان مصرى ووالد ابنتها هويدا)، وقضت معه 4 سنوات، ثم تزوجت أحمد فراج (مذيع مصري)، وقضت معه 3 سنوات، وتزوجت الفنان رشدى أباظة، ثم تزوجت الفنان يوسف شعبان واستمر الزواج شهراً واحداً، بعده تزوجت النائب يوسف حمود، وقضت معه سنتين، والفنان وسيم طبارة، وقضت معه 4 سنوات، وأخيراً الفنان فادى لبنان، وقضت معه 17 سنة.
كانت صباح ترى أن أغلبية أزواجها كانوا يستغلون شهرتها وثروتها لمصالحهم، وهى تقول إنهم يسمونها «مدام بنك»؛ لأنها تنفق المال من غير تفكير على مَن تحب، ومعروف عنها حبها للجمال وللأزياء، وتقول أتمنى أننى إذا خسرت ثروتى لا أخسر جمالى وأناقتى.
وقد تم تقديم مسلسل يحكى قصة حياتها اسمه «الشحرورة» عرض فى رمضان عام 2011، وجسدت كارول سماحة دورها.
تعد صباح أول من قدم الأغنية اللبنانية، التى تتميز بالريتم والإيقاع اللبنانى الصرف، والذى لم يكن معروفاً من قبل، عن طريق أغنية «يا هويدا هويدلك» فى أوائل الخمسينيات.
فكان للشحرورة الفضل فى نشر المواويل والأغانى اللبنانية فى كافة أرجاء الوطن العربى، ومختلف دول العالم من خلال الأفلام التى قدمتها والحفلات.
أوسمة ونياشين ودروع.. ومحافل دولية
فى حفل الـ«أولمبيا» الشهير فى باريس، قامت بترجمة أغانى الفلكلور اللبنانى إلى اللغة الفرنسية، وقامت بتقديم الموال والأوف باللغة الفرنسية، فألهبت حماس الجماهير الفرنسية التى ذُهلت بأداء وصوت «الصبوحة» الجباّر والقوى والفريد، كما جذبت أعينهم بأناقتها وشياكتها.
بينما وقفت على أكبر المسارح العالمية ورفعت اسم لبنان عالياً فى مختلف المحافل وبلدان العالم، ولعل أبرز المحطات العالمية للشحرورة صباح كانت على «مسرح الأولمبيا» فى باريس؛ الذى يعتبر أهم وأعرق مسرح فى فرنسا حتى اليوم، وذلك برفقة فرقة «روميو لحود الاستعراضية» فى منتصف السبعينيات، وكانت الصبوحة أول مطربة لبنانية تقف على هذا المسرح، وثانى مطربة عربية بعد أم كلثوم، وفى العام ذاته، تألقت على مسرح «قصر الفنون» فى بروكسل، أكبر مسارح العاصمة البلجيكية.
وفى سياق آخر، قدمت الشحرورة حفلات على أكبر مسارح الولايات المتحدة الأمريكية، وهى مسرح «ميوزيك هول» فى بوسطن، وقاعة الـ«ماسونيك تامبل» فى مدينة ديترويت، وقاعة «كارنيغى هول» فى ولاية نيويورك؛ التى تعد أكبر قاعة فى الولايات المتحدة الأمريكية، وحلم كل فنان فى العالم لأنها من أعرق القاعات فى العالم ومخصصة فقط للمؤتمرات العالمية ولا تخصص للغناء إلا فى حالات نادرة ومهمة واعتبرت حفلات الصبوحة من بينها.
تجدُر الإشارة، إلى أن «الصبوحة» لاقت فى نيويورك، وبوسطن، وديترويت تكريماً وتقديراً واسعاً.
ومن المسارح العالمية التى وقفت عليها أيضاً، «مسرح بلايل» فى باريس؛ وهى أول مطربة لبنانية وعربية تغنى فى هذا المسرح الضخم، وفى نفس العام وقفت على مسرح «باليه دى سبور» قصر الرياضة فى باريس، ومسرح «بورت دو فرساى» الضخم الذى يتسع أيضاً لـ8000 شخص.
ولم تتوقف عند هذا الحد، ففى لندن غنت على مسرح «تياتر رويال درورى لاين»، ومسرح «ألبرت هول»؛ وكانت أول مطربة لبنانية تغنى فى هذا المسرح، وهو من أضخم المسارح ببريطانيا.
ولا يخفى أن «للصبوحة» محطات عربية وعالمية مهمة، حيث قدمت حفلات ضخمة جداً فى معظم الدول الأفريقية؛ منها دكار فى السينغال، وأبيدجان فى ساحل العاج، ومنروفيا فى ليبيريا وغيرها من العواصم الأفريقية.
فيما شهدت البرازيل، والأرجنتين، وفنزويلا، والمكسيك حضوراً رائعاً لها، وبالطبع قدمت حفلات ضخمة فى عدد كبير من البلدان العربية.
وحظيت الشحرورة فى كل رحلاتها بتقدير وتكريم شعبى ورسمى كبيرين، والدليل حصولها على الكثير من الأوسمة والنياشين والدروع التكريمية.
كما شاركت فى الكثير من المهرجانات، منها بعلبك، جبيل، بيت الدين.
مسرحيات
شاركت صباح فى عدد كبير من المسرحيات، منها «موسم العز» عام 1960، «دواليب الهوا» عام 1965، «القلعة»، «الشلال»، «ست الكل»، عام 1973، «حلوة كتير»، عام 1977، «عصفور سطح»، «فينيقيا»، «شهر العسل»، «ست الكل»، «الأسطورة»، «كنز الأسطورة»، وهى آخر مسرحياتها، وكان إلى جانبها بالمسرحية الفنان جوزف عازار، وزوجها السابق فادى لبنان، والفكاهى كريم أبو شقرا، وورد الخال، والأمير الصغير، وكان آخر أعمالها أغنية «قد ما فيك انبسط بعمر»، التى ألفها الشاعر ميشال جحا، ولحنها جوزيف جحا إنتاج عام 2011.
ألم ومعاناة
عاشت صباح فترات من الألم والمعاناة عندما أُصيبت ابنتها هويدا بأزمة صحية نتيجة إدمانها المخدرات، وذلك عام 2006، مما أجبرها على بيع بيتها والإقامة فى الفندق وإدخال ابنتها مصحة فى كاليفورنيا بالولايات المتحدة. وأفادت تقارير صحفية فى مطلع سنة 2009 بأن صحة هويدا بدأت تتحسن وبالتالى قررت إعادتها للعيش معها فى لبنان.
وصية غريبة.. وجنازة موسيقية
رحلت الشحرورة عن عالمنا فجر يوم الأربعاء 26 نوفمبر 2014، فى مقر إقامتها عن عمر يناهز 87 عاماً، وتعتبر جنازة صباح من أغرب الجنازات فى العالم، حيث إنها أوصت قبل موتها بأن لا يحزنوا عليها وأنها تريد أن تُشيَّع على أنغامها، وهذا ما تمَّ تنفيذه من قبل الجمهور اللبنانى وأهلها وحققوا لها وصيتها، فامتلأت جنازتها ووداعها بالرقصات الشعبية وبأغانيها.