رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أدباء نوبل| البرتغالي «ساراماغو» صاحب «البصيرة»

16-11-2024 | 09:09


جوزيه ساراماغو

همت مصطفى

جائزة «نوبل» هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.

ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.

ونلتقي اليوم مع «جوزيه ساراماغو​»‏ 

ولد جوزيه ساراماغو عام 1922، في مدينة أزينهاغا في البرتغال، ونشأ في عائلة فقيرة، وهو ابن عمال ريفيين، يعيشون في منطقة لشبونة بالبرتغال، كان معارضًا لسالازار وديكتاتوريته، كرّس حياته بشكل تام لتأليف الأعمال الأدبية منذ عام 1976، وقد كان قبل ذلك رسامًا وأخصائيًا صحيًا واجتماعيًا، وعمل في العديد من الوظائف.

 

وصدرت روايته الأولى«أرض الخطيئة» في عام 1947، استغرق نشر كتابه الثاني مدة 19 عامًا، إذ إنه في هذه الفترة لم يتوقف عن إنتاج أعماله الأدبية، مثل الشعر، والروايات، والمسرحيات، والقصص القصيرة.

 

 

حياته  الشخصية

 

تزوج ساراماغو من إيلدا ريس في عام 1944، وهي تعمل كاتبة، ولأسباب سياسية أصبح عاطلًا عن العمل عام 1949، واستمر زواجه مدة 26 عامًا، ثم انتهى بالطلاق، في عام 1979 تزوج من امرأة ثانية، وهي صحفية اسمها بيلار ديل ريو، واستقر ساراماغو في جزر الكناري، عام 1992.

حظرت الحكومة كتابه "الإنجيل وفقًا ليسوع المسيح"، وذهب إلى منفى اختياري، وهو كاتب راسخ ومقروء على نطاق واسع في جميع أنحاء أوروبا، وانخرط سياسيًا في الحزب الشيوعي البرتغالي، وتجلى ذلك واضحًا في إنتاجه الأدبي.

 

ولد ساراماغو وسط العمال الريفيين، ولم يستطع جوزيه إكمال تعليمه، لذلك درس حتى سن الثانية عشر، ثم ترك المدرسة وعمل في الميكانيكا، واليوم يترك جوزيه مؤسسة بعد وفاته، للحفاظ على دراسة الأعمال الأدبية الرائعة التي تركها.

 

حياة جوزيه ساراماغو المهنية

 

ترك ساراماغو المدرسة وهو في عمر الثانية عشر وتوجه للعمل، وفيما يأتي الأعمال التي امتهنها جوزيه.

 

في سن الثانية عشر عمل في ميكانيكا السيارات، ثم توجه ليعمل في صنع الأدوات من المعادن،  عمل صحفيًا ومترجمًا في شركة نشر في مدينته لشبونة. نشر عدة مجلدات من القصائد في عام 1969. عمل محررًا في صحيفة لشبونة من عام 1974 حتى 1975. بدأ في كتابة الروايات التي أسست سمعته الدولية عندما بلغ الخمسين من عمره.

 

حصل ساراماغو على العديد من الجوائز، ويعود الفضل في ذلك إلى روائعه الأدبية، وفيما يأتي نذكر بعضها:

 

جائزة Camões في عام 1995،  جائزة نوبل في الأدب في عام 1998م جائزة ساو باولو للأدب في عام 2009، لأفضل كتاب في العام عن فيلم A Viagem do Elefante.

 

إلى جانب الجوائز والأوسمة التي حصل عليها ساراماغو، تُرجمت أعماله إلى ما يقرب من 25 لغة، وقد حاول ساراماغو نشر روايته "المنور" في عام 1953، إلا أن مخطوطة الكتاب فُقدت، وعُثر عليها في عام 1998، وتجسدت الراوية في فيلم نُشر عام 2011، أي بعد وفاته،ويوجد العديد من المؤلفات لساراماغو، وفيما يأتي أبرز أسماء الكتب والروايات التي ألفها

 

رواية "الإنجيل بحسب يسوع المسيح" التي صدرت في عام 1991، وتمثل رحلة شخص متشكك، مما أثار جدلًا واسعًا حينها حول معنى المسيحية والكنيسة، واشتملت على العديد من الروايات، وبعض العروض الساخرة لحياة المسيح.

 

رواية "أرض الخطيئة" التي صدرت في عام 1947، وتحدثت عن مشكلات الدين، وكان موضوعها هو المحرك الأساسي لسرد الأفكار، إذ إنها توضح أفكار ساراماغو فيما يتعلق بالدين والمجتمع بشكل عام.

 

رواية "بالتاسار وبليموندا" التي صدرت عام 1980، وتحكي عن مسار لشخصيتين، يتمثل بخطاب خيالي من الإناث، إذ يساهم هذا الخطاب في إعادة التفكير بالتمثيل الأنثوي، والعلاقات، والهياكل، والمباني الثقافية، القائمة بين السلطة والمجتمع.

 

رواية "رحلة الفيل" التي حصل جوزيه ساراماغو على "جائزة نوبل في الأدب" عنها في عام 1998، وتوضح قصة الرحلة الملحمية للفيل المُسمى سليمان، الذي اضطر لعبور أوروبا بسبب الإسراف الملكي والاستراتيجيات السخيفة، ويقدم ساراماغو فيها نظرة ثاقبة عن حالة الإنسان

 

يوجد العديد من الروايات التي تم الاقتباس منها في عالم المسرح، وفيما يأتي أهم أعمال جوزيه ساراماغو التي انتقلت إلى المسرح:

 

العمى: وهي عبارة عن رواية تتحدث عن وباء ينتشر على مستوى المجتمع، وحاليًا تُؤدى هذه المسرحية على مسرح داريل روث، وتتفق هذه المسرحية مع الواقع الحديث، كتبها سيمون ستيفنز، وهي عبارة عن اقتباس من رواية جوزيه ساراماغو، التي تحمل الاسم نفسه، وتتحدث عن رجل يُصاب بالعمى فجأة، في أثناء القيادة، "بدت عيون الرجل ضحية في لمحة"، وتعبر هذه الحالة عن انتشار الوباء في المجتمع، إذ لا يمكن لمرضى الطاعون سوى رؤية شاشة بيضاء مزعجة، وتطغى على المسرحية حالة مزاجية متشائمة بصورة عامة.

 

تميز ساراماغو بإنجازاته المتعددة في الكثير من المجالات، سواء التعليمية، أو السياسية، أو المهنية.

 

وفيما يأتي نذكر أبرزها

 

كان ساراماغو طالبًا متفوقًا في مجال دراسته في المدرسة التقنية الصناعية. شغل العديد من المهن، ومنها: محرر، ومترجم، ومسؤول الصحة العامة والمساعدة الاجتماعية، ومسؤول جباية الديون. كشف ساراماغو عن أفكاره اليسارية بلا رحمة في مقالاته السياسية. انضم إلى الحزب الشيوعي البرتغالي في عام 1969.

 

عمل في دار نشر مدة اثني عشر عامًا كمخرج ومنتج أدبي. عمل محررًا ومعلقًا سياسيًا، لبضعة أشهر في صحيفة لشبونة. انضم إلى ثورة القرنفل في عام 1974، والتي نتج عنها الانتقال إلى الديمقراطية في البرتغال. كرّس جوزيه ساراماغو نفسه للكتابة في عام 1980، وكان ذلك حدثًا بارزًا في مسيرته، بعد إطلاقه لرواية "رُفع عن الأرض"، إذ إن نجاح هذه الرواية كان سببًا في تحقيق مراجعات ممتازة، ونال هذا الكتاب نجاحًا كبيرًا على مستوى المبيعات، الأمر الذي دفع ساراماغو إلى الاستمرار في النشر لمدة 30 عامًا دون توقف. وفاة جوزيه ساراماغو توفي جوزيه ساراماغو في 18 يونيو 2010، وهو يبلغ من العمر 87 عامًا، ودفن في لشبونة تحت شجرة زيتون، قرب مؤسسة جوزيه ساراماغو حسب رغبته،

 

احتقرت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية آراءه الصريحة بشأن الإلحاد، واعتبرت التعليقات الساخرة للملحدين فيما يتعلق بـ"الإنجيل وفقًا ليسوع المسيح" شديدة الانتقاد من وجهة نظر الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وقبل وفاته ذهب ساراماغو إلى منفى اختياري في جزر الكناري، قضى فيها الفترة المتبقية من حياته.

 

أسلوب ساراماغو في الكتابة

 

استخدم ساراماغو أسلوبًا جعل الكثير من النقاد في حيرة إزاء تصنيفه وإدراجه ضمن أسلوب أدبي نوعي معروف، إلا أن القارئ يلاحظ أن أسلوبه تميز بكثرة الرموز والعناصر الخيالية في كتاباته، كما تضمنت نظرة تفصيلية ونقدية للمجتمع، وقد تعرض ساراماغو للانتقاد بسبب الأسلوب الذي يستخدمه في الكتابة بين الحوار والسرد، وتمثل ذلك في الجمل الطويلة التي يمكن أن تكون صفحة أو أكثر، وتعتبر رواية العمى التي صدرت في عام 1995 من أنجح مؤلفاته، إذ يصاب السكان بوباء العمى الذي يؤدي بشكل سريع إلى الانهيار المجتمعي

 

الروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو كان على المستوى العملي شخصًا متعدد التجارب، وقد كان متمردًا لدرجة أثارت الكنيسة الكاثوليكية ضده، كما أن أعماله الأدبية كانت تقدم نوعًا من فن الرسالة التي لا تخلو من تحريض ديني، وتحيز شيوعي، ونظرة نقدية لحال المجتمع.