ألكسندر بلوك.. أبرز شعراء «الرمزية الروسية» في القرن العشرين
أحد أبرز شعراء المدرسة الرمزية الروسية، استمد أعماله من عالم يجمع بين الواقع والخيال، الأرضي والسماوي، ليخلق عوالم شعرية مشحونة بالغموض والصوفية، اشتهر بقدرته الفريدة على المزج بين التأمل الفلسفي والتجارب الحياتية، حيث عكس في قصائده صراع الإنسان مع عبثية الوجود وتوقه إلى الجمال الخالد، إنه ألكسندر بلوك .
« السيدة الجميلة» والغريبة في عوالم بلوك
ولد في مثل هذا اليوم 28 نوفمبر عام 1880م، في سانت بطرسبورج والتي عرفت سابقاً باسم لينينجراد في روسيا، وفي بداية مسيرته، كتب «بلوك» قصائد «السيدة الجميلة»، التي كرّسها لزوجته «لوبوف ديميتريفنا مندلييفا»، والتي جسدت في مخيلته مثالاً سماويًا للجمال والطهر، وبعد ذلك انطلق إلى مفهوم جديد أكثر تعقيدًا وواقعية في قصيدته «الغريبة» 1906م، حيث يعكس بلوك تباينًا بين تفاهة الحياة اليومية وتوق الروح إلى الكمال والجمال.
قصيدة «الغريبة» ليست مجرد قصيدة، لكنها تمثل رحلة فلسفية ونفسية، تدور أحداثها في ضواحي بطرسبورج، حيث يجتمع البوهيميون والسكارى في أجواء تعكس عبثية الحياة والتفاهة التي تخيم على بيوت الأثرياء الريفية، في هذا العالم البائس، تظهر الغريبة، شخصية غامضة تتخطى حدود الواقع.
صورة الغريبة.. رمز الجمال الخالد
«الغريبة» ليست شخصية عادية؛ إنها رمز يحمل معاني سماوية وكونية، بعيونها الزرقاء التي «لا قاع لها»، وسرها الغامض، تمثل توق الشاعر إلى عالم ما وراء الواقع. يخلق «بلوك» بطلة ليست فقط امرأة، بل رؤية تمتزج فيها الحقيقة بالخيال، مما يجعل القارئ يتساءل: هل هي كائن حقيقي أم حلم؟
وقصيدة «الغريبة» تحمل في ظهورها وعدًا بالخلاص من عبثية الوجود.، فهي تجسد الجمال الذي يبحث عنه الشاعر في عالم مليء بالتفاهة والرتابة، إنها «عصارة روحه وفكرته»، وترمز إلى الطقوس القديمة والعوالم الغامضة التي تقترب بالشاعر من الحقيقة المطلقة.
أجواء القصيدة.. بين السخرية والتراجيديا
يمزج «بلوك» بين النفور من حياة التفاخر والسخرية المرة من عبثيتها، وبين النغمة التراجيدية التي تتجلى في صراخ طفل وسماء عقيم، كل ذلك يعكس مأساة البطل في عجزه عن الخروج من دائرة الحياة العبثية، الغريبة هي الأمل الوحيد الذي يراه، لكنها تبقى بعيدة كحلم لا يمكن الإمساك به.
«الغريبة» كمسرحية أبعاد فلسفية أعمق
أعاد بلوك صياغة قصيدة «الغريبة» كمسرحية تحمل نفس الاسم، مضيفًا أبعادًا فلسفية جديدةفي المسرحية، تعمق «بلوك» في فكرة الانشطار الداخلي للإنسان، وحالة التوق إلى الخلاص التي تعبر عنها شخصية الغريبة.
بين الحلم والواقع
قصيدة «الغريبة» تعبر عن حالة وجدانية تجمع بين البحث عن الجمال الأبدي والهروب من قسوة الواقع، فإنها إحدى أجمل مؤلفات الشاعر والأديب ألكسندر بلوك وأكثرها تعقيدًا، حيث لا تقتصر على الشعر فقط، بل تنطلق لتلامس الروح الإنسانية الباحثة عن معنى وسط عبثية الحياة.
رحل الأديب ألكسندر بلوك عن عالمنا 7 أغسطس 1921 وهو في عمر الـ 40 عامًا في مسقط رأسه سانت بطرسبرج.