رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


"فاينانشيال تايمز": الصين تتحصن بعدة قوانين لمواجهة حرب ترامب التجارية المتوقعة

16-11-2024 | 13:49


الصين

دار الهلال

كشف مستشارون صينيون عن أن بكين أعدت سلسلة من التدابير القوية للتصعيد ضد الشركات الأمريكية حال تصعيد الحرب التجارية مع واشنطن، وحال إذا زاد الرئيس المنتخب دونالد ترامب من نيران الحرب المشتعلة فعلياً بين أكبر اقتصادين في العالم.

وقالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" - في تقرير موسع من بكين وشنغهاي - "إن حكومة الزعيم الصيني تشي جين بينج أُخذت على حين غرة بعد فوز ترامب في انتخابات عام 2016، وما تلاه من فرضه تعريفات جمركية مرتفعة على سلع وبضائع صينية، وتشديد القيود على الاستثمارات، وفرض عقوبات على الشركات الصينية".

وأضافت: "حكومة بكين استوعبت درس 2016، حيث عملت تدريجياً على سن قوانين جديدة على مدار السنوات الثماني الماضية تتيح لها إدراج الشركات الأجنبية في قوائم سوداء وفرض عقوباتها الخاصة، والحد من قدرة الأمريكيين على الوصول إلى سلاسل الإمدادات الحيوية".

ونقلت الصحيفة عن المدير التنفيذي لـ"معهد التعاون والتفاهم الدوليين"، التابع لجامعة بكين، وانج دونج، قوله إنها "عملية ذات مسار مزدوج، وبالطبع ستحاول الصين الحوار مع الرئيس ترامب بأي شكل، وستحاول التفاوض.. ولكن، مثلما حدث في 2018 ولم يتحقق شيء عبر المحادثات، لذا علينا الدخول في الحرب، والدفاع بحزم عن حقوق الصين ومصالحها".

وأبقى الرئيس الأمريكي جو بايدن على معظم التدابير العقابية التي فرضها سلفه ضد الصين، لكن ترامب لوح بشكل أكثر تشدداً من خلال اختياره شخصيات معادية للصين في مناصب مهمة.. ولدى الصين حالياً "قانون عقوبات ضد الأجانب" يتيح لها مواجهة أي تدابير عقابية تتخذها دول أخرى ضدها، إضافة إلى "قائمة الكيانات غير الموثوقة" التي تدرج فيها شركات أجنبية تضر بمصالحها القومية، كما أن توسيع قانون مراقبة الصادرات يعني أن بكين سيكون بوسعها أيضاً تحصين هيمنتها العالمية على إمدادات العشرات من الموارد، مثل المعادن الأرضية النادرة والليثيوم، والتي تعد عناصر حيوية للصناعات التكنولوجية الحديثة.

ومن جانبه، رأى رئيس تحليلات الشأن الصيني في مؤسسة "كونترول ريسك" الاستشارية أندرو جيلهولم أن هناك كثيرين يقللون من شأن الأضرار التي يمكن أن تنعكس آثارها على المصالح الأمريكية.

كما هددت بكين بإدراج شركة (بي في إتش)، التي تضم ماركات عالمية مثل كالفين كلاين وتومي هيلفيجر، على قائمة "الكيانات غير الموثوقة"، وهي خطوة قد تمنع الشركة من الدخول إلى السوق الصيني الضخم.. واعتبر جيلهولم أن ذلك يمثل "قمة جبل الجليد"، وأضاف مخاطبا العملاي "تعتقدون أنكم تحملتم أسعار مرتفعة جراء المخاطر الجيوسياسية والحرب التجارية الأميركية الصينية، لكنكم لم تتحملوا شيء، لأن الصين لم تنتقم بعد".

كما أن الصين تسابق الزمن لصناعة تقنياتها ومواردها الخاصة وتعزيز سلاسل إمداداتها بالموارد لتصبح أكثر قدرة على مقاومة الاعتراضات التي تسببها العقوبات الأمريكية، في وقت توسع بكين من تبادلها التجاري مع بلدان أقل انحيازاً لواشنطن، ومن وجهة نظر بكين، بينما كانت العلاقات مع الولايات المتحدة أكثر ثباتاً مع قرب انتهاء رئاسة بايدن، فإن سياسات تلك الإدارة الراحلة اقتفت إلى حد كبير نفس المسار الذي اتخذه ترامب في رئاسته الأولى.

ولا تستطيع الصين أن تسقط من حساباتها تهديدات ترامب أثناء حملته الانتخابية بفرض تعريفات شاملة تزيد على 60 في المائة على الواردات الصينية كافة، في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي وضعف مستويات الثقة بين المستهلكين والشركات، ومعدلات البطالة المرتفعة بمستويات تاريخية بين الشباب.

ووفقا لما نقلته "فاينانشيال تايمز"، فيري البروفيسور جون جيونج أستاذ الاقتصاد في جامعة بكين لإدارة الأعمال والاقتصادات الدولية أنه في حال حدوث مفاوضات، فإنه يتوقع أن تنفتح الصين أمام مزيد من الاستثمار المباشر في التصنيع الأمريكي أو نقل مزيد من الصناعات إلى بلدان مقبولة من جانب واشنطن.. كما تكافح الصين من أجل تعزيز اقتصادها وسط شكوك متزايدة بشأن قدرتها على تلبية هدف نموها الاقتصادي المستهدف لهذا العام عند 5 في المائة، وهو الأقل منذ عقود.

ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن مسؤول تجاري أمريكي سابق، طلب عدم الإفصاح عن اسمه لانخراطه في نزاعات أمريكية صينية نشطة حالياً، قوله "إن بكين كانت بارعة في استخدامها للسهام التي في جعبتها، متحسبةً لحدوث تآكل في اتجاهات الاستثمار الدولي الهزيل.. وهذا العائق لا يزال قائماً والتوتر الداخلي في الصين لا يزال موجوداً، لكن إذا كانت هناك تعريفات جمركية عند 60 في المائة أو نية عدائية من إدارة ترامب، فإن ذلك الوضع قد يتغير".

وعلى النقيض يرى محلل التجارة الأمريكية الصينية في مؤسسة "ترييفيوم" الاستشارية، ومقرها بكين، جوي مازور أن تبني ترامب "خط حمائي" أكثر اتساعاً، ربما سيصب لمصلحة الصين، فالرئيس المنتخب تعهد بفرض تعريفات جمركية على نسبة 10 في المائة على الأقل من جميع الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وقال مازور "ربما تشرع اقتصادات كبرى أخرى في النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها شريكاً تجارياً غير موثوق، وقد تعمل على ترسيخ روابط تجارية أكثر عمقاً مع الصين سعيا وراء أسواق تصديرية أفضل"، لكن في المقابل، يعتقد آخرون أن التدابير المضادة الصينية المخطط لها ستكون مخاطرة قد تضر فقط بالشركات الصينية واقتصاد البلاد على الأجل البعيد.

ورأى جيمس زيمرمان الشريك في شركة "لويب& لويب" القانونية في بكين أن الحكومة الصينية ربما تكون "غير مهيأة بشكل كامل" لفترة ولاية ثانية لترامب، بما يتضمن كل الفوضى ونقص الدبلوماسية التي تشي بها تلك الحالة.

وقال "إن اتساع نطاق الحرب التجارية أثناء فترة الولاية الثانية للرئيس المنتخب، محتمل بدرجة عالية"، معتبرا أنه سيكون تصرفاً ذكياً من بكين أن تبذل ما في وسعها للحيولة دون فرض المزيد من التعريفات الجمركية الأمريكية عليها.