الحرب الروسية الأوكرانية مزيد من التصعيد أم حل دبلوماسي؟.. سيناريوهات الأزمة في عهد ترامب
تطورات جديدة تشهدها الحرب الروسية الأوكرانية، ومزيد من التصعيد بالتزامن مع مرور 1000 يوم من النزاع، في ظل تحديث موسكو لعقيدتها النووية وتخفيض قيود استخدام الأسلحة النووية، بعد أيام من استهداف كييف للعمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى بضوء أخضر من واشنطن، ما يثير حالة من القلق بشأن احتمالات اندلاع حرب نووية.
يتزامن هذا التصعيد مع اقتراب نهاية فترة رئاسة الرئيس الأمريكي جو بايدن، واقتراب تولي الجمهوري دونالد ترامب للبيت الأبيض، والذي وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية التي تدخل عامها الثالث من النزاع.
التصعيد الروسي الأوكراني
شهران من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، اتخذ بايدن عددا من الخطوات الهادفة إلى التأثير على نتائج الحرب في أوكرانيا، في خطوة وصفت بأنها تخلي عن الخطوط الحمراء التي تمسك بها واشنطن بها منذ فترة طويلة قبل أن يسعى ترامب إلى الوفاء بمطالبه بإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة كما تعهد خلال الفترة الماضية.
كان من هذه الخطوات قرار بايدن بالسماح لكييف بإطلاق أول صواريخ أتاكمس بعيدة المدى في عمق الأراضي الروسية، كذلك وعد بايدن بإرسال ألغام أرضية مضادة للأفراد أيضًا كجزء من مساعدات عسكرية جديدة تبلغ قيمتها ما يقرب من 300 مليون دولار، بعد وهي مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تشمل الذخيرة والصواريخ والطائرات بدون طيار، فضلاً عن الألغام الأرضية المضادة للأفراد.
أطلقت أوكرانيا ستة صواريخ باليستية موجهة على منطقة بريانسك، وتقول روسيا إنها اعترضت خمسة منها وسقط واحد منها بأضرار محدودة.
بينما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن تخفيف شروط استخدام الأسلحة النووية الروسية، والتي بموجبها تم اعتبار أي هجوم تقليدي على روسيا من قبل أي دولة مدعومة بقوة نووية سيُعتبر هجومًا مشتركًا على بلاده، كذلك تنص العقيدة أيضًا على أن الهجوم باستخدام الصواريخ التقليدية أو الطائرات بدون طيار أو الطائرات الأخرى يمكن اعتباره مبررًا للرد النووي، وستتمكن موسكو الآن من استخدام الأسلحة النووية ضد الدول غير النووية التي تدعمها القوى النووية، وإذا تعرضت لهجوم جوي ضخم.
ومع بداية هذا الأسبوع، شنت روسيا أكبر هجوم جوي لها على أوكرانيا منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، مع توقعات بأن تجدد روسيا ضرباتها على أوكرانيا مرة أخرى وهو ما دفع العديد من السفارات الغربية لغلق أبوابها، كذلك واصلت القوات الروسية محاولاتها السيطرة على محاور رئيسية في شرق أوكرانيا.
رؤية ترامب للحرب الروسية الأوكرانية
ومع تولي ترامب الحكم في البيت الأبيض، في يناير المقبل، سيبدأ خططه في التعامل مع الملفات العاجلة ومنها الحرب الروسية الأوكرانية، التي وعد بإنهائها خلال 24 ساعة، وهو ما يدفع الرئيس الروسي للتعال مع حقيقة أن ترامب مسؤول الآن عن الوضع، وعدم التصعيد بهدف الوصول لاتفاق وهو ما يتطلب مرونة أكبر من بوتين، وأن يكون أكثر انفتاحًا على خيارات مختلفة كما يرى المراقبون.
وتشير تقارير إعلامية أمريكية إلى أن ترامب، رغم أنه لم يقل شيئًا حتى الآن، فإن اختياره لمنصب مستشار الأمن القومي، مايك والتز، تحدث عن خطوة أخرى على سلم التصعيد.
ووصف ترامب تعامل بايدن مع التصعيد الحالي، بأن الرئيس الديمقراطي يحاول "إشعال الحرب العالمية الثالثة".
ونقلت "بي بي سي" البريطانية، أن المطلعون على الكرملين بدؤوا بالفعل في إحاطة أنفسهم بمطالبهم من أي مبادرة لترامب لإنهاء الحرب، وبدأ فولوديمير زيلينسكي في توضيح موقفه أيضًا، حيث قال في مقابلة تلفزيونية أمريكية عما سيحدث لأوكرانيا إذا خفضت واشنطن المساعدات العسكرية: "إذا خفضوا، أعتقد أننا سنخسر. بالطبع، على أي حال، سنبقى وسنقاتل. لدينا إنتاج، لكنه ليس كافيًا للانتصار".
كما نقل تقرير لوكالة رويترز للأنباء، أمس الأربعاء، عن مسؤولين روس قولهم إن بوتين قد يكون منفتحًا على الانسحاب من بقع صغيرة نسبيًا من الأراضي ولكن ليس أكبر من ذلك.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن حرب روسيا في أوكرانيا ستنتهي بشكل أسرع عندما يتولى دونالد ترامب منصب رئيس الولايات المتحدة، قائلا: "هذا هو نهجهم، ووعدهم لمجتمعهم، وهو مهم جدًا لهم أيضًا".
واعترف في حديثه في مقابلة إذاعية مع هيئة الإذاعة العامة الأوكرانية سوسبيلن، بالوضع الصعب في ساحة المعركة، مضيفا أنه "من جانب أوكرانيا، يجب أن نفعل كل شيء لضمان انتهاء الحرب العام المقبل من خلال الوسائل الدبلوماسية".
وكان ترامب، أكد في عدة مواقف أن حرب أوكرانيا وروسيا لم تكن لتبدأ لو كان رئيسًا، مؤكدا أنه يمكنه تسوية الحرب في يوم واحد دون أن يقول كيف سيفعل ذلك.
وفي الوقت نفسه، أصدر زعماء مجموعة السبع رسالة دعم لأوكرانيا، فقالوا: "نحن نقف متضامنين ونساهم في نضال أوكرانيا من أجل السيادة والحرية والاستقلال وسلامة الأراضي وإعادة إعمارها"، موضحين أن روسيا كانت "العقبة الوحيدة أمام السلام العادل والدائم".
سيناريوهات الحرب الروسية الأوكرانية
وعن سيناريوهات الحرب الروسية الأوكرانية، يقول اللواء محمد قشقوش، عضو المجلس الاستشارى للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن وعد ترامب بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 ساعة، هو تصريحات تلفزيونية أو وعود انتخابية، وما يجري الآن من تصعيد في النزاع هو تصعيد مدروس يسبق ما سيكون عليه الوضع بوصول ترامب للسلطة والتوجه أو التفكير في حلول سياسية.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه مع تسلم ترامب السلطة رسميا في 20 يناير المقبل، ستتضح ملامح الـ100 يوم الأولى من عمله، فقد يأخذ خطوات قبل هذا الوقت، قبل انتهاء هذه الأيام، ما يجعل المرحلة الحالية تشهد مزيدا من التصعيد من الطرفين الروسي والأوكراني، لأن كل طرف يريد تحقيق أكبر مكاسب ممكنة على الأرض، استعدادا لبدء مرحلة التفاوض فيما بعد.
وأضاف قشقوش، أنه وجود الأوكرانيين في كورسك الروسية حتى الآن دون أن ينسحبوا، لأن القوات الروسية لم تجبرهم على الانسحاب، رغم ما يثار بشأن وجود قوات من كوريا الشمالية للدعم الروسي المنطقة المحيطة بكورسك، لكي يكون هناك عملا عسكريا روسيا مضادا لهذا الاختراق، حيث تعمل روسيا على تعزيز احتياطها العسكري، بعد أن استنفذت كل قواتها للانتشار على جبهة القتال في الجمهوريات أو الأقاليم الأربعة التي استولت عليها من أوكرانيا، فكان العمق الاستراتيجي الروسي مكشوفا إلى حد ما، وهو ما جعل موسكو أن تلجأ لتكوين احتياطات أخرى سواء بقوات من الشيشان أو كوريا الشمالية وآخرين.
وأشار إلى أن المرحلة الحالية مهمة للغاية فيما يسبق وصول ترامب، كما أن التصعيد التسليحي التي انتهجته بعض الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية جعلهم يستطيعون أن يصلوا إلى العمق الروسي، وهذا العمق المقصود به إقليم كورسك الذي احتلته أوكرانيا وما بعده، وبالتالي زيادة المساحة التي يمكن اختراقها، وجاء الرد الروسي مستهجنا لهذه التصرفات وتصريحات بعض القادة الغربيين منهم فرنسا وإنجلترا تحديدا، وكذلك تحضير بعض الأسلحة طويلة المدى وهي الأسلحة النووية التكتيكية لاستهدف بعض الهداف داخل العمق الأوروبي وأن السفارة الأمريكية في أوكرانيا قد تكون من ضمن الأهداف.
ولفت إلى أنه قيل أنه هذا التصعيد طبيعي خلال الفترة التي تسبق 20 يناير المقبل، وهو موعد تسلم ترامب للسلطة، لكن قبل هذا الوقت الكل يريد أن يحقق على الأرض ميزة وتقدم ونجاحات جديدة، مضيفا أنه بعد 20 يناير سيحكمه توجه ترامب للسياس فهو على علاقة سابقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويريد تحقيق ما لم ينجح فيه بايدن، فترامب يقول إنه إن كان الديمقراطيون هم من أشعلوا الحرب فإنه عليه إنهاء الحرب، وبالتالي سيعمل ترامب لإنهاء الأزمة.