يتطلع تجار التجزئة في الولايات المتحدة إلى قدوم ما يُعرف بـ"الجمعة السوداء"، ويعد تقليديا بداية موسم التسوق الخاص بعيد الميلاد المجيد لإحياء الطلب الفاتر من المتسوقين الذين يفكرون في الميزانية والمترددين في إنفاق أي أموال هذا العام ما لم يحصلوا على صفقة شراء جيدة.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن من بين سلاسل التجزئة الأمريكية التي أبلغت عن مكاسب مبيعات ربع سنوية خلال الأسبوع الماضي "وول مارت" لمتاجر السوبر ماركت و"جاب" للملابس و"تي جيه ماكس" للملابس، ما يشير إلى أن المتسوقين على استعداد للإنفاق عندما يرون المنتجات المناسبة بأسعار معقولة.
وأفاد المسؤولون التنفيذيون لمحلات وشركات التجزئة بأن المتسوقين يواصلون التراجع عن المشتريات التقديرية، مثل الملابس والأحذية، بينما ينفقون المزيد على الطعام وغيره من الضروريات.
وعلى الرغم من تباطؤ التضخم، إلا أن الأسعار لم تعد إلى مستويات ما قبل الوباء، ومازال المستهلكون محبطين لأنهم يدفعون الكثير مقابل العديد من الأغراض، بما في ذلك البقالة ورعاية الأطفال.
ويعد موسم الشراء المقبل، المعروف بـ"الجمعة السوداء" (عطلة نهاية الأسبوع الجاري)، أقل أهمية في الوقت الحالي مما كان عليه في السابق بسبب طرح تجار التجزئة لصفقات شراء خلال شهر أكتوبر الماضي لإغراء المتسوقين بالشراء في وقت مبكر.. ومع ذلك، لا يزال من المتوقع أن يكون هذا اليوم، والذي يوافق اليوم التالي لعيد الشكر، أكثر أيام التسوق ازدحاما في الولايات المتحدة خلال العام الجاري، وذلك وفقا لشركة "سينسور ماتيك سوليوشن" الأمريكية، التي تتعقب حركة البيع والشراء في متاجر التجزئة.
وكان تجار التجزئة الذين خيبوا آمال المتسوقين في الربع الأخير، قد شهدوا انخفاضًا في أسعار أسهمهم، حيث انخفضت أسهم شركة "تارجت" لمتاجر التجزية في الولايات المتحدة بنسبة 21٪ في يوم واحد، بعد أن نشرت الشركة إيرادات ربع سنوية ضعيفة وخفضت أهدافها للأرباح والمبيعات للعام الجاري.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة "تارجت" برايان كورنيل، للمحللين، أن المستهلكين أفادوا بأن ميزانياتهم لاتزال تكفي بالكاد، وأنهم يتسوقون بحرص ويحاولون التغلب على التأثير التراكمي لسنوات متعددة من التضخم في الأسعار.
وأشارت شركة "وول مارت"، التي تستمد أكثر من نصف إيراداتها من البقالة، أنها تدخل موسم التسوق في نهاية العام الجاري بقوة بعد مبيعات قوية حققتها بعد العودة إلى المدارس وفي عيد "الهالوين".. كما أشار جون ديفيد ريني رئيس الشؤون المالية في الشركة إلى أن مسئوليها يشعرون بصورة عامة بالرضا عن المبيعات.
ورصدت وكالة "كونسيومير إدج" للتسويق الأمريكية أن المتسوقين أنفقوا بنسبة 4% أقل على الملابس والإكسسوارات والأحذية خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وذلك بعد تتبع حركة الإنفاق على أكثر من 100 مليون بطاقة ائتمان وخصم بالإضافة إلى حسابات أخرى.
كما أشار تحليل أجراه الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة لبيانات مكتب الإحصاء الأمريكي إلى انتعاش مبيعات التجزئة خلال شهر أكتوبر الماضي بعد فترة هدوء في سبتمبر الماضي، حيث نمت المبيعات غير المعدلة على أساس سنوي بنسبة 5.4٪، باستثناء البنزين وخدمة الأغذية والسيارات.
ورأى الاتحاد أن المبيعات التي تُجرى خلال الفترة بين شهري نوفمبر الجاري وديسمبر المقبل تنمو بنسبة 2.5٪ إلى 3.5٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ما يمثل أبطأ نمو منذ عام 2018.
وأوضحت شركة "سيركانا" الأمريكية لأبحاث السوق أن المتسوقين انشغلوا بالانتخابات الرئاسية الأمريكية خلال شهر نوفمبر الجاري، ما أدى إلى انخفاض مبيعات البضائع العامة بنسبة 9٪ في الأسبوعين المنتهيين في 9 نوفمبر الجاري مقارنة بالعام الماضي، ما يمثل أضعف أداء خلال الأسابيع الـ 52 الماضية.
وكشف مارشال كوهين كبير مستشاري صناعة التجزئة في الشركة عن توقعاته أن يؤدي الطلب المكبوت إلى انتعاش الإنفاق بعد الانتخابات.. كما شهد بعض تجار التجزئة الذين كانوا يحققون مكاسب قوية في المبيعات نموًا أبطأ في الربع الخريفي.. وبصرف النظر عن التضخم، يواجه تجار التجزئة تهديد الرسوم الجمركية من إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب المقبلة، والذي اقترح فرض رسوم جمركية بنسبة 20٪ على جميع السلع المستوردة، و60٪ على الواردات من الصين.
وقد يساعد احتمال فرض الرسوم الجمركية في تعزيز المبيعات خلال موسم الشراء يوم /الجمعة/ المقبل، حيث يتوقع كريج جونسون رئيس شركة الاستشارات "كستومر جروث بارتنرز" الأمريكية أن يشتري المتسوقون سلعاً باهظة الثمن ،مثل أجهزة التلفاز والأجهزة الكهربائية الرئيسية في الوقت الحالي، قبل أن تدخل التعريفات الجمركية حيز التنفيذ.