أدباء نوبل| «يوهانس فلهلم ينسن».. صاحب أسلوب مبدع وجريء
جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.
ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901م، في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.
ونلتقي اليوم مع الأديب الدنماركي يوهانس فلهلم ينسن
يعد الشاعر والروائي يوهانس فلهلم ينسن من أعمدة الأدب الدنماركي في القرن العشرين، نال شهرة واسعة بفضل إبداعه الأدبي المتنوع الذي جمع بين الخيال والشعر والبحث الفكري.
الميلاد وأول الطريق
وُلد ي يوهانس فلهلم ينسن ولد في 20 يناير 1873م، في قرية صغيرة بالدنمارك وبدأ حياته بدراسة الطب، لكنه لم يتمكن من استكمال دراسته بسبب ظروفه المادية الصعبة قرر ترك الطب والتفرغ للكتابة، فبدأ حياته الأدبية بنشر روايات مسلسلة تحت أسماء مستعارة.
أهم المؤلفات وأشهرها
كتب يوهانس فلهلم ينسن رواية «الدنماركيون»1898م ، وكانت أول رواية ينشرها باسمه الحقيقي، وتناولت الرواية أفكار وقضايا اجتماعية وثقافية دنماركي تخص الهوية.
كما ألف «يوهانس» حكايات «سكان هيمرلاند» 1898م، وتتألف من مجموعة قصصية تصور حياة السكان المحليين في منطقة «هيمرلاند» الريفية، وهي مسقط رأسه وأظهر «يوهانس» في مؤلفه هذا، قدرة فريدة على المزج بين البساطة والشعرية، على تعقيدات الحياة اليومية بأسلوب واقعي، تمثل هذه المجموعة، نقطة انطلاق لمسيرته الأدبية، حيث نجح في جذب الانتباه إلى قلمه المميز حينذاك.
كما قدم «يوهانس» للحركة الأدبية العالمية ديوان شعري بعنوان «يا طفلي لقد نفشت السفن» 1932م، يعكس رؤيته الفلسفية ورغبته في التعبير عن جمال الحياة والطبيعة وأظهر في هذا الديوان جانبًا عاطفيًا عميقًا وأسلوبًا شعريًا يتسم بالإبداع والحداثة، مع استلهام موضوعات منتجاربه مع السفر والترحال.
و كتب «يوهانس» العديد من المقالات والروايات والقصائد الأخرى، التي تناولت مواضيع فلسفية عن الإنسان والطبيعة، وأفكار إنسانية بأسلوب جريء حداثي ومبتكر، واتجاه رمزي مما أثار إعجاب النقاد، وتميزت مؤلفاته بالتجديد والتنوع، مما جعله واحدًا من أبرز الأدباء في الأدب الدنماركي والعالمي.
تزوج «يوهانس» في عام 1910م، واستقر في كوبنهاجن لفترة، إلا أن شغفه بالسفر قاده لزيارة العديد من بلدان العالم، وكان يعيش حياة مزدوجة بين الهدوء العائلي والترحال المستمر.
غامرًا وعاشقًا للسفر
وكان «يوهانس» مغامرًا وعاشقًا للسفر، و زار العديد من الدول، ومنها إسبانيا والولايات المتحدة، حيث عمل مراسلًا صحفيًا واكتسب معرفة واسعة بثقافات مختلفة، ومنحه سفره الدائم منحه فرصة لاكتشاف قصص جديدة وثقافات مختلفة، أثرت خياله الأدبي، وأتاح له توسيع الرؤية الفلسفية للعالم، و فهمًا عميقًا للطبيعة البشرية والتغيرات الاجتماعية والسياسية، وهو ما تجسد في كتاباته واستوحى من مناظر الطبيعة وثقافات الشعوب رموزًا وأفكارًا عززت من عمق نصوصه.
سمات مؤلفات يوهانس فلهلم ينسن
اتسمت مؤلفات يوهانس فلهلم ينسن باللغة البسيطة رغم تناوله موضوعات عميقة، حرص يوهانس على استخدام لغة بسيطة وسلسة ، اعتمد على خيال شعري خصب لإبراز عمق شخصياته وأحداثه الجرأة في الطرح، و تناول موضوعات جريئة وغير مألوفة،و استخدم رموزًا مستمدة من الطبيعة والإنسان ليعبر عن أفكار فلسفية.
جائزة نوبل لماذا؟
حصل يوهانس فلهلم ينسن على جائزة نوبل في الأدب 1944م تقديرًا لتفرده الإبداعي كانت كتاباته تتميز بالجرأة والتجديد، مما جعله رائدًا في الأدب الحديث في الدنمارك، وجاء في تقرير اللجنة التي منحته جائزة نوبل «لقوة وخصوبة خياله الشِعري والذي أشرك معه فضوله الفكري في نطاقٍ واسع وأسلوب مبدع وجريء وحديث»، وجسّد «يوهانس» في كتاباته الروح المتجددة التي تميزت بالانفتاح على العالم مع الاحتفاظ بالجذور الثقافية.
إرث أدبي خالد وأثر باق لايزول
توفي يوهانس فلهلم ينسن في 25 نوفمبر 1950م، لكنه لا يزال حاضرًا في الأدب العالمي بأثره، حيث تُرجمت أعماله إلى لغات عدة ويتم تدريسه في العديد من الجامعات كأحد أبرز رواد الحداثة وكتاباته تعد مرجعًا للربط بين الأدب الكلاسيكي والتجديد الحداثي، وسيظل أديب ذو رؤية متفردة، استطاع من خلال كتاباته أن يجمع بين التجربة الشخصية والتأمل الفلسفي، ليخلق إرثًا أدبيًا خالدًا، سواء كنت تبحث عن قصص مستوحاة من الطبيعة، أو نصوص فلسفية تعيد تشكيل علاقتك بالحياة، فإن أعماله تستحق أن تُقرأ مرارًا.