رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


باحثون: الإنسان القديم قبل 65 ألف عام مبتكر تقني بمصانع متقدمة

24-11-2024 | 22:12


كهف فانغارد بجبل طارق

إسلام علي

توصل الباحثون إلى أدلة في كهف فانغارد بجبل طارق، تُعيد تشكيل فهمنا لإنسان نياندرتال الذي عاش قبل نحو 65 ألف عام. 

وطبقا لما نقله موقع labrujulaverde، أشارت الدراسة إلى أن إنسان نياندرتال لم يكن مجرد صياد وجامع للثمار كما يُعتقد تقليديًا، بل كان أيضاً مبتكرًا يمتلك مهارات تقنية متقدمة، حيث قام ببناء هيكل متخصص لإنتاج مادة القطران من النباتات الراتنجية، فهذه المادة، التي يُحتمل أنها كانت تستخدم كمادة لاصقة في صناعة الأدوات، تسلط الضوء على مستوى غير متوقع من الإبداع والتطور التكنولوجي لهذا الإنسان البدائي.

يقع الهيكل داخل كهف فانغارد، وهو جزء من مجمع كهوف جورهام الشهير الذي أدرجته منظمة اليونسكو كموقع تراث عالمي نظراً لأهميته الأثرية والتاريخية.
يتكون الهيكل من تجويف مركزي دائري وقنوات شعاعية تتيح تنظيم تدفق الهواء ودرجة الحرارة داخله، هذا التصميم، الذي وصفه الباحثون بأنه نوع متطور من "المواقد" أو "المداخن تحت الأرض"، يشير إلى أن إنسان نياندرتال لم يستخدم النار عشوائياً بل قام بتوظيفها بمهارة ودقة لأغراض صناعية.

 

أهمية الاكتشاف


يعد هذا الهيكل واحداً من أقدم الأمثلة على تقنيات التحكم بالنار المعقدة في العصر الحجري القديم الأوسط، والذي يوضح كيف استخدم إنسان نياندرتال النار ليس فقط للدفء والطهي، بل أيضاً لإنتاج مواد متقدمة مثل القطران، مما يعكس مستوى غير مسبوق من المعرفة التقنية في ذلك العصر.
تشير التجارب إلى أن القطران كان يستخدم كمادة لاصقة لربط الأدوات الحجرية بالمقابض الخشبية، وهو أمر ضروري لصناعة الأدوات المتطورة التي ساعدت مجتمعات نياندرتال في الصيد والبقاء.


وللتأكد من فرضية الاستخدام الصناعي للنار، أجرى الباحثون، بالتعاون مع خبراء من عدة مؤسسات دولية، تحليلات جيوكيميائية دقيقة على الرواسب المستخرجة من الهيكل. 
كشفت النتائج عن مركبات كيميائية محددة، مثل الليفوجلوكوزان والريتين، التي تتشكل عادة أثناء احتراق النباتات الراتنجية مثل نبات السيستوس.


قام الفريق أيضاً بمحاكاة الظروف التي كان الهيكل يعمل بها، حيث أجروا تجارب على نباتات الراتنج الحالية تحت ظروف خالية من الأكسجين. 
أظهرت التجارب أنه يمكن إنتاج كميات كافية من القطران لاستخدامه بشكل عملي، وهذا النوع من الابتكار يعكس مستوى متقدماً من الفهم للتفاعلات الكيميائية والظروف البيئية اللازمة.

 

تكيف إنسان نياندرتال مع البيئة 


يغير هذا الاكتشاف النظرة النمطية عن إنسان نياندرتال باعتباره مجرد كائن بدائي، بدلاً من ذلك، يقدم دليلاً قاطعاً على أن هذا النوع كان يمتلك قدرات معرفية وتقنية متطورة، فالقدرة على تصميم هيكل معقد لإنتاج القطران تشير إلى فهم عميق للبيئة والمواد الطبيعية المحيطة، واستخدامها بشكل إبداعي لتلبية احتياجاتهم اليومية.

تدعم هذه النتائج النظريات الحديثة التي تشير إلى أن إنسان نياندرتال كان يمتلك مهارات مشابهة للإنسان الحديث في استخدام التكنولوجيا والابتكار، إن تمكنهم من تطوير مثل هذه الأدوات كان بلا شك عاملاً حاسماً في تعزيز بقائهم في بيئات قاسية مثل تلك الموجودة في منطقة مضيق جبل طارق.