إسرائيل تضع حزب الله أمام مقامرة تاريخية.. إما لبنان أو غزة
بموافقة إسرائيل على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، أصبح "حزب الله" أمام مقامرة تاريخية، فإما أن يتمسك بمواصلة الاشتباك، ما يعني جلب المزيد من الدمار والخراب لشعبه، وإما أن يرضى بالتهدئة، ما يعني التخلي عن غزة، التي يزعم أنه في صدد مساندتها منذ أكثر من الـ13 شهرًا.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الثلاثاء، إن المجلس الوزاري الأمني المصغر صدق على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، موضحًا أنه يحتفظ رغم الاتفاق بحرية الرد بقوة على أي "خرق" لوقف إطلاق النار من "حزب الله".
وبرر نتنياهو سبب وقف إطلاق النار "بالتركيز على تهديد إيران وإنعاش الجيش وعزل حركة حماس وفصل الساحات العسكرية".
وعقب ما أشار إليه نتنياهو، جرى استدعاء قادة الفرق لاجتماع مع قائد القيادة الشمالية، لمناقشة اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما أوردته هيئة البث الإسرائيلية.
بالمقابل، قال نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة اللبنانية، إن المجتمع الدولي مطالب بالعمل سريعًا على وقف العدوان على لبنان وتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار، موضحًا أن العدوان على بيروت وبقية المناطق اللبنانية يؤكد أن العدو الإسرائيلي لا يقيم وزنًا لأي قانون.
وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن بلاده تعمل منذ أسابيع وأشهر على تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في لبنان، مؤكدًا في السياق ذاته، أنه من خلال تهدئة التوترات في المنطقة يمكن إنهاء الصراع في غزة.
وأضاف بلينكن قائلًا:"حماس عولت على فتح جبهات عدة لمساندتها، لكن وقف إطلاق النار في لبنان سيحرمها من هذا الدعم".
وعقب حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 ضد قطاع غزة، بدأت فصائل في لبنان، ومنها "حزب الله" في فتح جبهة إسناد، بقصف المدن والبلدات الإسرائيلية، وخاصة تلك الواقعة في الشمال، وهو ما قابلته إسرائيل بالمثل، مما تسبب في نزوح عشرات الآلاف على جانبي الخط الأزرق "الفاصل بين البلدين".
وقرن حزب الله وقف هجماته بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ما يعني أنه ما لم يتوقف ذلك العدوان، فإنه سيستمر في الاشتباك مع القوات الإسرائيلية، وعلى إثر ذلك وسعت "تل أبيب" نطاق هجماتها ضد الأراضي اللبنانية لتشمل معظم مناطق لبنان، حتى العاصمة بيروت، قبل أن تبدأ لاحقًا غزوًا بريًا في جنوبه.
وبعد موافقة الجانب الإسرائيلي على اتفاق وقف إطلاق النار، أصبح حزب الله أمام خيارين كليهما "مُر" فأما أن يتمسك بمواصلة الحرب، وهو ما يعني جلب المزيد من الدمار لشعبه، وأما أن يرضي بالتهدئة ما يعني التخلي عن غزة، الذي لطالما قرن أي تهدئة بها.
على ماذا سيوافق حزب الله؟
يلزم اتفاق وقف إطلاق النار حزب الله وجميع المجموعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية بعدم تنفذ أي عمليات هجومية ضد إسرائيل، وفي المقابل، لن تنفذ هي أي عمليات عسكرية هجومية ضد أهداف في لبنان، سواء على الأرض أو في الجو أو في البحر.
وبموجب الاتفاق،"تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701"، الذي صدر عن في عام 2006، مطالبًا الحكومة اللبنانية بنشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات "يونيفيل"، وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق.
لكن هذه الالتزامات لا تلغي حق إسرائيل أو لبنان في ممارسة حقهما الطبيعي في الدفاع عن النفس، بحسب الاتفاق.
فيما ستكون قوات الأمن والجيش اللبناني الرسمية، هي المجموعات المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو تشغيل القوات في جنوب لبنان، وهذا يعني أن أي بيع أو توريد أو إنتاج للأسلحة أو المواد المتعلقة بها في لبنان سيكون تحت إشراف وسيطرة الحكومة اللبنانية.
ولذلك سيتم تفكيك جميع المنشآت غير المرخصة المتورطة في إنتاج الأسلحة أو المواد المتعلقة بها -وفق الاتفاق- كما سيتم تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة التي لا تتوافق مع هذه الالتزامات.
وفي غضون ذلك، ستتشكل لجنة مقبولة من الطرفين، إسرائيل ولبنان، للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات. وفي حال حدوث أي خرق محتمل لهذه الالتزامات سيلتزم الجانبان بإبلاغه للجنة ولـ"اليونيفيل".
وستنشر لبنان قوات الأمن الرسمية والجيش الخاص بها على طول جميع الحدود ونقاط العبور والخط الذي يحدد المنطقة الجنوبية، كما هو معروض في خطة الانتشار.
وخلال 60 يومًا ستنسحب إسرائيل تدريجيًا من جنوب الخط الأزرق، بينما ستقوم الولايات المتحدة بدورها بتسهيل مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين للتوصل إلى حدود برية معترف بها.
وإجمالًا، أسفرت الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان منذ الثامن من أكتوبر 2023 عن استشهاد 3.823 شخصًا، فضلًا عن إصابة 15.859 آخرين، بحسب آخر المعطيات الصادرة عن وزارة الصحة اللبنانية.