حرب اللامنتصر.. إسرائيل تلملم أوراقها من لبنان بخسائر فادحة
أنهى اتفاق وقف إطلاق النار الذي جاء تحت مظلة أمريكية، الهجمات الدامية التي شنتها إسرائيل على لبنان، منذ أكثر من 13 شهرًا، تحت ذريعة تدمير البنية التحتية لـ"حزب الله".
ووسعت إسرائيل، في سبتمبر الماضي، نطاق هجماتها على "حزب الله" من أجل تفكيك قدراته، وهو ما لم يتحقق، بدليل الهجمات الأخيرة التي شنها ضد البلدات الإسرائيلية، بما فيها العاصمة "تل أبيب".
وعلى الجهة المقابلة، لم يحقق "حزب الله" غايته من تلك الهجمات، المتمثلة في إنها حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، ما يؤكد أنها حرب "لا منتصر" فيها.
اتفاق وقف إطلاق النار
وذكرت الولايات المتحدة الأمريكية، أن حكومتي لبنان وإسرائيل وافقتا على مقترح لوقف إطلاق النار في البلاد، والذي دخل بالفعل حيز التنفيذ من الساعة الرابعة فجر الأربعاء.
وقال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن القوات العسكرية والأمنية اللبنانية ستنتشر وتتولى السيطرة على جنوبي لبنان في غضون 60 يومًا، بينما ستسحب إسرائيل قواتها من المنطقة تدريجيًا.
وأكد بايدن أن بلاده ستعمل إلى جانب فرنسا وحلفاء آخرين، تعهدوا بالعمل مع إسرائيل ولبنان لضمان تنفيذ كامل لهذا الاتفاق.
وأضاف قائلًا:"في حين أنه لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض في جنوب لبنان، فإننا إلى جانب فرنسا وآخرين، سنقدم المساعدة اللازمة للتأكد من تنفيذ هذا الاتفاق بشكل كامل وفعال".
بدوره، اعتبر لبنان الاتفاق خطوة أساسية نحو بسط الهدوء والاستقرار في لبنان وعودة النازحين إلى قرارهم ومدنهم، مؤكدًا في الوقت نفسه، التزامه بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب والتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
وفي الجهة المقابلة، برر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قبول اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان بثلاثة أسباب رئيسية التركيز على ما أسماه بـ"التهديد الإيراني"، والتجديد الكامل للقوة، وفصل الساحات وعزل حركة حماس.
إسرائيل تلملم أوراقها
وفي غضون ذلك، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إنه مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ يبقى الجيش منتشرًا في مواقعه داخل جنوب لبنان.
وحذر سكان الجنوب من التوجه نحو القرى التي طالب بإخلائها أو نحو قواته المنتشرة هناك، مشيرًا إلى أنه سيخطرهم بالموعد الآمن للعوده.
وفي الأثناء، يعمل الجيش اللبناني على اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال انتشاره في جنوب البلاد وفق تكليف الحكومة اللبنانية، وذلك عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وأوضح أن قواته تقوم بتنفيذ مهماتها بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) في إطار القرار 1701، داعيًا المواطنين إلى "التريث في العودة إلى القرى والبلدات الأمامية التي توغلت فيها قوات العدو الإسرائيلي بانتظار انسحابها وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار".
وحتى الآن لم يصدر تعليق رسمي من حزب الله بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ، والذي اعتبره البعض تخليًا عن غزة، التي يزعم أنه في صدد مساندتها منذ أكثر من 13 شهرًا.
وعقب حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 ضد قطاع غزة، بدأت فصائل في لبنان، ومنها "حزب الله" في فتح جبهة إسناد، بقصف المدن والبلدات الإسرائيلية، وخاصة تلك الواقعة في الشمال، وهو ما قابلته إسرائيل بالمثل، مما تسبب في نزوح عشرات الآلاف على جانبي الخط الأزرق "الفاصل بين البلدين".
وقرن حزب الله وقف هجماته بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وعلى إثر ذلك، وسعت "تل أبيب" نطاق هجماتها ضد الأراضي اللبنانية لتشمل معظم مناطق لبنان، حتى العاصمة بيروت، قبل أن تبدأ لاحقًا غزوًا بريًا في جنوبه.
خسائر إسرائيل
تشير المعطيات العبرية إلى أن أكثر من 9 آلاف مبنى و7 آلاف مركبة تعرضت للتدمير الكامل في شمال إسرائيل بفعل هجمات حزب الله، بحسب ما أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن بيانات من ضريبة الأملاك، مشيرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية دفعت حتى الآن 140 مليون شيكل تعويضًا للأضرار.
وعلى صعيد الخسائر في الأرواح، فقد أسفرت الاشتباكات مع حزب الله عن مقتل 124 إسرائيليًا، بينهم 79 جنديًا، منذ تصعيد الحرب في سبتمبر، وفق القناة الـ12 الإسرائيلية.
نقاط اتفاق وقف إطلاق النار
ووفقًا لما نشره إعلام عبري، يلزم اتفاق وقف إطلاق النار حزب الله وجميع المجموعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية بعدم تنفذ أي عمليات هجومية ضد إسرائيل، وفي المقابل، لن تنفذ هي أي عمليات عسكرية هجومية ضد أهداف في لبنان، سواء على الأرض أو في الجو أو في البحر.
وبموجب الاتفاق،"تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701"، الذي صدر عن في عام 2006، مطالبًا الحكومة اللبنانية بنشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات "يونيفيل"، وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق.
لكن هذه الالتزامات لا تلغي حق إسرائيل أو لبنان في ممارسة حقهما الطبيعي في الدفاع عن النفس، بحسب الاتفاق.
فيما ستكون قوات الأمن والجيش اللبناني الرسمية، هي المجموعات المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو تشغيل القوات في جنوب لبنان، وهذا يعني أن أي بيع أو توريد أو إنتاج للأسلحة أو المواد المتعلقة بها في لبنان سيكون تحت إشراف وسيطرة الحكومة اللبنانية.
ولذلك سيتم تفكيك جميع المنشآت غير المرخصة المتورطة في إنتاج الأسلحة أو المواد المتعلقة بها -وفق الاتفاق- كما سيتم تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة التي لا تتوافق مع هذه الالتزامات.
وفي غضون ذلك، ستتشكل لجنة مقبولة من الطرفين، إسرائيل ولبنان، للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات. وفي حال حدوث أي خرق محتمل لهذه الالتزامات سيلتزم الجانبان بإبلاغه للجنة ولـ"اليونيفيل".
وستنشر لبنان قوات الأمن الرسمية والجيش الخاص بها على طول جميع الحدود ونقاط العبور والخط الذي يحدد المنطقة الجنوبية، كما هو معروض في خطة الانتشار.
وخلال 60 يومًا ستنسحب إسرائيل تدريجيًا من جنوب الخط الأزرق، بينما ستقوم الولايات المتحدة بدورها بتسهيل مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين للتوصل إلى حدود برية معترف بها.
وإجمالًا، أسفرت الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان منذ الثامن من أكتوبر 2023 عن استشهاد 3.823 شخصًا، فضلًا عن إصابة 15.859 آخرين، بحسب آخر المعطيات الصادرة عن وزارة الصحة اللبنانية.