رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


فرص وآفاق واعدة للتنويع الاقتصادي والمشروعات الاستراتيجية لتحقيق رؤية عمان 2040

27-11-2024 | 13:16


السلطان هيثم بن طارق

دار الهلال

يُمثِّلُ الاحتفالُ بالعيدِ الوطني في الثَّامن عشر من نوفمبر من كل عام في الوجدانِ الوطني العُماني رمزًا وطنيًّا يستلهم الهمم ويشحذ العزيمة للمضي قدماً بمسار النهضة الحديثة والمتجددة تحت القيادة السياسية الحكيمة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، فهو مناسبةٌ سنويَّة باتت وقفةَ تأمُّلٍ للماضي وأملٍ في المستقبل، يستذكرُ فيها الشَّعبُ العُماني منجزاتِه على مدَى (54) عامًا، ويستمدُّ مِنْها الدَّافعَ نَحْوَ غدٍ أفضل، ينسجم ويتناغم مع مستهدفات الرؤسة المستقبلية "عُمان 2040". 


ولعل المشروعات الاستثمارية التي تسعى عُمان للدفع بها باعتبارها قاطرة التنمية الحقيقية من خلال جهاز الاستثمار العُماني، هي السبيل الأنجح في دفع عجلة التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة.


وتمتلكُ محافظةُ مسقطَ فرصًا استثماريَّةً واعدة في عددٍ من القِطاعاتِ الَّتي تُعوِّلُ عَلَيْها رؤية «عُمان 2040» الطَّموحةُ في تحقيقِ التَّنويعِ الاقتصادي المنشود، وعلى رأسِها القِطاعُ السِّياحي والتَّطويرُ العقاري المستدام، والإنتاجُ السَّمكي، والتَّحديثُ الصِّناعي، وغيرُها من الفرصِ الاستثماريَّةِ الواعدة، الَّتي ستُسهمُ ـ بما لا يدعُ مجالًا للشَّكِّ ـ في تحقيقِ تنميةٍ شاملة ومستدامة تُبرزَ مكانتَها الرَّائدة، وتتوافَقُ جهودُ إقامة هذه التَّنميةِ مع إيلاءِ دَوْرٍ مُهمٍّ وحيَويٍّ للقِطاعِ الخاصِّ العُماني؛ بصفتِه شريكًا رئيسًا في التَّنميةِ المستدامةِ المنشودة، ولِمَا يُمكِنُ أنْ يُسهمَ بِه في جذبِ الاستثماراتِ وتطويرِ ريادةِ الأعمال، خصوصًا روَّادَ الأعمالِ أصحابَ المؤسَّساتِ الصَّغيرة والمُتَوسِّطة، ما يُحقِّقُ تكاملًا منجزًا للمشروعاتِ التَّنمويَّةِ المستحدثة في المحافظة.


إنَّ الجهودَ الَّتي تبذلُ لِتَطويرِ محافظةِ مسقطَ تناسبُ تطلُّعاتِ وطموحاتِ المستقبل، والَّتي تنطلقُ من توجيهاتٍ ساميةٍ لحضرةِ صاحبِ الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الَّتي تعملُ على تفعيلِ اللامركزيَّة في تقديمِ الخدماتِ الحكوميَّة، والاهتمامِ بالتَّحَوُّلِ الرَّقميّ والتقنيَّاتِ الحديثةِ في إنجازِ الأعمال، والعملِ على ضمانِ أنْ تبقَى محافظةُ مسقطَ بِرَوْنقِها المعهود، وَفْقَ تخطيطٍ عمراني وحضَري، يواكبُ الزِّيادةَ السكَّانيَّة، ويعملُ على جذبِ الاستثماراتِ المطلوبةِ لِتَحقيقِ تلك الأهداف، حيث يُتوقَّعُ أنْ يُسهمَ عددٌ من المشروعاتِ الَّتي يُخطَّطُ لإقامتِها في المحافظة في تغييرِ مشهدِ التَّنميةِ العمرانيَّة في المحافظة، وتعزيزِ جاذبيَّتها للاستثمارِ والسِّياحة، وفتْحِ آفاقٍ جديدة لتوفيرِ فرصِ العملِ ودعمِ النُّموِّ الاقتصادي.
مدينةُ السُّلطانِ هيثم .


ولعلَّ أبرزَ تلك المشروعاتِ الواعدة مدينةُ السُّلطانِ هيثم الَّتي تُصنَّفُ بأنَّها أوَّلُ مدينةٍ كُبرى، متكاملةٍ ذكيَّة على مستوَى سلطنة عُمان، بمساحةٍ إجماليَّة تبلغُ (14 مليونَ مترٍ مربَّع) إلى جانبِ توسيعِ نطاقِ الفرصِ الاستثماريَّة وزيادةِ المواقعِ الجاهزةِ للاستثمار، ورفعِ نسبةِ استغلالِ المواقعِ السِّياحيَّة، وتطويرِ أماكنِ التَّرفيهِ وزيادةِ المُسطَّحاتِ الخضراء، وتنفيذِ مشروعاتٍ جديدة، حيثُ تُراعي المحافظةُ توزيعَ المشروعاتِ بناءً على الكثافةِ السكَّانيَّة والميزاتِ التَّنافسيَّة لكُلِّ ولاية، مع توجيهِ الموارد نَحْوَ تحسينِ البنيةِ الأساسيَّة والخدماتِ في المناطقِ ذاتِ الكثافةِ السكَّانيَّة العالية، وتطويرِ المشروعاتِ السِّياحيَّة في المناطقِ ذاتِ الإمكاناتِ الواعدة لجذبِ المزيدِ من السيَّاح، كما تعملُ على ضمانِ توافُقِ المشروعاتِ التَّنمويَّة مع المُخطَّطِ الهيكلي لمسقطَ الكُبرى، الَّذي يُعَدُّ أحَدَ مخرجاتِ الاستراتيجيَّةِ الوطنيَّة للتَّنميةِ العمرانيَّة وَفْقَ رؤيةِ «عُمان 2040».


إنَّ المشاريعَ التَّنمويَّة الَّتي تعلنُ عَنْها محافظةُ مسقطَ مؤخرًا تسعَى إلى تحقيقِ التَّوازنِ بَيْنَ النُّموِّ الاقتصادي وجودةِ الحياةِ من خلالِ تكاملِ استعمالاتِ الأراضي، والنَّقلِ العامِّ، والمساحاتِ الخضراءِ المستدامة. حيثُ يتمُّ التَّنسيقُ لِتَنفيذِ مشروعاتٍ تشملُ تطويرَ الأحياءِ السَّكنيَّة، مِنْها مشروعُ تطويرِ مطرح، والواجهةِ البحريَّة لميناءِ السُّلطان قابوس، بما يُسهمُ في بناءِ بيئةٍ حضريَّة متكاملةٍ ومستدامة تُلبِّي احتياجاتِ الأجيالِ الحاليَّة وتطلُّعاتِ المستقبل، فمحافظةُ مسقطَ تشهدُ تنفيذَ عددٍ من المشروعاتِ الكُبرى الَّتي تُعزِّزُ مشهدَها التَّنمويَّ والسِّياحي مِثل المدينةِ المستدامة (يتي) الَّتي تُعَدُّ وجهةً سياحيَّة متكاملة في قريتَي يتي وينكت، تحيطُ بها طبيعةٌ خلَّابة تجمعُ بَيْنَ السَّواحلِ والجبالِ بمساحةٍ تتجاوزُ (11) مليونَ مترٍ مربَّع، فقَدْ وضعتِ المحافظةُ وَفْقَ أولويَّاتِها، لِتَحقيقِ أهدافِ سلطنةِ عُمانَ للوصولِ إلى الحيادِ الصِّفري بحلولِ 2050. ومن أبرزِ هذه المبادراتِ، مبادرةُ «مسقط الخضراء» الَّتي أطلقَتْها المحافظةُ لزيادةِ الغطاءِ النَّباتي، ضِمْنَ إطارِ المبادرةِ الوطنيَّة لاستزراعِ (10) ملايين شجرة، ما يُسهمُ في تحسينِ جودةِ الهواءِ والصحَّةِ العامَّة، وتُشاركُ في الحمْلةِ الوطنيَّة لمكافحةِ الطيورِ الغازيَة.


ولعلَّ لُغةَ الأرقامِ لا تكذبُ، حيث تمكَّنتِ سَّلطنةُ عُمان مِنْ تحسينِ أدائها الاقتصاديِّ والماليِّ، وخفضِ المديونيَّةِ، وزيادةِ النَّاتجِ المحلِّيِّ الإجمالي؛ حيثُ سجَّلتِ الإيراداتُ العامَّةُ للدَّولة حتَّى نهاية أغسطس 2024م نَحْوَ (8) ملياراتٍ و(106) ملايين ريالٍ عُماني، مرتفعةً بنَحْوِ (183) مليونَ ريالٍ عُماني مقارنةً بتسجيلِ (7) ملياراتٍ و(923) مليونَ ريالٍ عُماني في الفترةِ ذاتِها من عام 2023م، وحقَّقتِ الميزانيَّةُ العامَّة للدَّولةِ حتَّى شهرَ أغسطس 2024م فائضًا بنَحْوِ (447) مليونَ ريالٍ عُماني، مع انخفاضِ محفظةِ الدَّيْنِ العامِّ بنهايةِ الرُّبعِ الثَّالثِ من عام 2024م إلى (14.4) مليار ريال عُماني مقارنةً بـ(20.8) مليار ريال عُماني في عام 2021م.


كما نجحتْ سلطنة عُمان في خفضِ نسبةِ الدَّيْنِ العامِّ إلى النَّاتجِ المحلِّي الإجمالي من (62.3) بالمئةِ في عام 2021م إلى (35) بالمئةِ في منتصفِ عام 2024م، وقد أدَّى ذلك إلى تحسُّنِ التَّصنيفِ الائتماني من قِبَلِ وكالاتِ التَّصنيفِ الائتماني بشكلٍ لافتٍ للمُراقِبِينَ والخبراءِ الاقتصاديِّين والماليِّين العالَميِّين، فما تمَّ إنجازُه في السَّنواتِ القليلةِ الماضية والَّذي أكَّدتْه الأرقامُ الموثوقة، سيكُونُ صفحةً مضيئةً أُخرى من صفحاتِ التَّاريخِ العُماني ونهضتِه المتجددة.