لبنان وما بعد وقف إطلاق النار.. انتخاب رئيس جديد للبلاد في المرتبة الأولى
يسعى الجانب اللبناني في الوقت الحالي للدخول في المرحلة الثانية الأصعب بعد وقف إطلاق النار مع الجانب الإسرائيلي، وهي انتخاب رئيس للبلاد، حيث بلغت معضلة الفراغ الرئاسي في لبنان العامين وذلك منذ أخر رئيس تم انتخابه وهو ميشال عون.
نبيه بري.. دعوة لنبذ الخلافات السياسية والطائفية
وصف نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، اللحظة الراهنة بأنها "الأخطر" في تاريخ البلاد، داعيًا اللبنانيين إلى الوحدة والإسراع بانتخاب رئيس جديد "يجمع ولا يفرّق"، وذلك بالتزامن مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، ألقى بري خطابًا حثّ فيه كافة الأطراف السياسية والطائفية على تجاوز الخلافات لإنقاذ البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية المتفاقمة.
تزامنت هذه الدعوات مع إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، التوصل إلى هدنة تستمر 60 يومًا، مشددًا على أنها خطوة نحو تهدئة دائمة، بينما حذر من عودة حزب الله لتهديد أمن إسرائيل، ويفتح هذا الاتفاق الباب أمام نقاشات دولية ومحلية حول الخطوات المقبلة، وعلى رأسها ملء الفراغ الرئاسي المستمر منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022.
معضلة الفراغ السياسي
شهد لبنان منذ العامين الماضيين 13 جلسة برلمانية لانتخاب رئيس، جميعها انتهت دون نتيجة بسبب انسحاب النواب بعد الدورة الأولى، ما يؤدي إلى فقدان النصاب، فالدستور اللبناني ينص على انتخاب الرئيس بغالبية الثلثين في الدورة الأولى، بينما تكتفي الجلسات التالية بالغالبية المطلقة، لكن الانقسام السياسي الحاد يمنع تحقيق أي من الخيارين.
وفي هذا الصدد، ظل سليمان فرنجية، المدعوم بشكل مباشر من حزب الله، هو المرشح الأبرز، لكنه يواجه معارضة شديدة من الأحزاب المسيحية الرئيسية التي تعتبره غير قادر على تمثيل الشارع المسيحي، في المقابل، يرفض حزب الله تقديم بديل، ما يعمّق الجمود السياسي.
فرضت الحرب الأخيرة تحولًا في الموقف الدولي. فالولايات المتحدة، بدعم من حلفائها الإقليميين، ترى في إضعاف حزب الله فرصة لتغيير المعادلة السياسية في لبنان، وفي هذا السياق، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر أن واشنطن تسعى لاستغلال الظرف الحالي لفرض انتخاب رئيس توافقي، معتبرة أن انتخاب رئيس هو خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وعلى الجانب الأخر، تواجه هذه المساعي عوائق كبيرة، فحزب الله وحلفاؤه يرفضون التنازل عن نفوذهم السياسي، بينما يحذر مراقبون من أن الضغوط الدولية قد تؤدي إلى تأجيج التوترات الطائفية في بلد يعاني أصلًا من هشاشة نسيجه الاجتماعي.
معضلة الفراغ الرئاسية والمساعي الدولية
في حين يطالب مسؤولون دوليون، مثل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بانتخاب رئيس يعكس إرادة الشعب اللبناني، وربما تلاقي الدعوات للتوافق صدى في الداخل اللبناني، حيث بدأت أصوات سياسية، منها نجيب ميقاتي ونبيه بري، بالدعوة إلى انتخاب رئيس لا يثير استفزاز أي طرف، وأشار على الأمين، المحلل السياسي اللبناني أن هذه الجهود قد تصطدم بواقع الانقسامات العميقة، مشيرًا إلى أن الحل لن يكون سريعًا أو جذريًا.
وعلى الجانب الأخر، وصل المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى بيروت، اليوم، الأربعاء، في زيارة تهدف إلى بحث سبل تسريع انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، ومن المقرر أن يعقد لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين والقوى السياسية الرئيسية لدفع الجهود الرامية إلى إنهاء الفراغ الرئاسي واستعادة انتظام عمل المؤسسات الدستورية.