رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. صاحب الحنجرة الذهبية الذي شهد له أهل المشرق والمغرب

30-11-2024 | 16:19


الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

محمود غانم

أوتي مزامر من مزامير آل داود فسخره في حفظ كتاب الله -تعالي- وتلاوته في أناء الليل وأطراف النهار، فسار بين الأقطار متغنيًا به، حتى لقب بـ"صوت مكة"، إنه الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.

ويوافق اليوم الـ29 من نوفمبر 2024، الذكرى الـ36 لرحيل الشيخ عن عالمنا عن عمر يناهز 61 عامًا، إثر معاناة من مرض وخيم.

الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

ولد القارئ عبد الباسط محمد عبد الصمد، في عام 1927، بقرية "المراعزة" التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا، والذي ضم لاحقًا إلى الأقصر، حيث نشأ في بيئة تهتم بالقرآن الكريم حفظًا وتجويدًا.

وكان "جده" الشيخ عبد الصمد من الحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام، والوالد هو الشيخ محمد عبد الصمد، كان أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظًا وتجويدًا.

سار الأبناء على المنهج الآباء، حيث التحق أبناء "محمد" محمود وعبد الحميد بالكتاب لحفظ القرآن وعلى نفس النحو لحقهما أخوهما الأصغر سنًّا "عبد الباسط" وهو في السادسة من عمره.

استقبل الشيخ "عبد الباسط" أحسن استقبال، لأنه توسم فيه كل المؤهلات القرآنية التي أصقلت من خلال سماعه القرآن يُتلى بالبيت ليل نهار بكرةً وأصيلًا.

وقد لاحظ الشيخ على تلميذه الصغير أنه يتميز بجملة من المواهب والنبوغ تتمثل في سرعة استيعابه لما أخذه من القرآن وشدة انتباهه وحرصه على متابعة شيخه بشغف وحب، ودقة التحكم في مخارج الألفاظ والوقف والابتداء وعذوبة في الصوت تشنف الآذان بالسماع والاستماع.

أتم الشيخ حفظ كتاب الله في سن الـ10، لكنه لم يرتضي بهذا القدر، حيث رغب في تعلم "القراءات" ولم يكن في زمنه أفضل من الشيخ محمد سليم، الذي كان يقطن في مدينة طنطا التابع لمحافظة الغربية.

وجد الطفل الصغير، الذي كان يقطن محافظة قنا أن عليه أن يقطع مسافة طويلة في سبيل تلقى علوم القرآن والقراءات، لكن ذلك لم يثنه عن طلب العلم.

وبينما كان عبد الباسط يتجهز لتوجه إلى طنطا، إذ يفاجئ بأن الشيخ محمد سليم قد جاء إلى "أرمنت" ليستقر بها مدرسًا للقراءات بالمعهد الديني، وكأن القدر كان يسوقه للشيخ، الذي سارع من جانبه بالتوجه إليه لمراجعة القرآن كله، ومن بعدها حفظ الشاطبية التي هي المتن الخاص بعلم القراءات السبع.

التقدم إلى الإذاعة

يعتبر دخول الإذاعة المصرية بمثابة ختم الجودة لأي قارئ قديمًا أو حديثًا، وفي عام 1951، تقدم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد إلى الإذاعة كقارئ بناء على طلب من الشيخ علي محمد الضباع، الذي كان قد حصل على تسجيل تلاوة لـ"عبد الباسط" حيث قدمه إلى لجنة الإذاعة فانبهر الجميع بالأداء القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن.

وبالفعل، اعتمد الشيخ كقارئ بالإذاعة، ونجح في تحقيق شهرة واسعة في غضون فترة صغيرة، لم تقتصر عند حدود الدولة المصرية، بل ذاع صيته في مختلف الأقطار والأرجاء.

وفاة الشيخ

أصيب "الشيخ" في أواخر أيامه بمضاعفات مرض السكري وكان يحاول مقاومة المرض بالحرص الشديد والالتزام في تناول الطعام والمشروبات، ولكن تزامن الكسل الكبدي مع مرض السكر فلم يستطع أن يقاوم هذين المرضين معًا.

 حيث أصيب بالتهاب كبدي قبل رحيله بأقل من شهر فدخل المستشفى إلا أن صحته تدهورت، مما دفع أبناءه والأطباء إلى نصحهِ بالسفر ليعالج مرضه في مستشفيات لندن، ولقد مكث بها أسبوعًا، وكان بصحبتهِ ابنه طارق فطلب منهُ أن يعود بهِ إلى مصر.

وفي الـ30 من نوفمبر 1988، رحل "الشيخ" عن عالمنا، حيث شيع إلى مثواه الأخير في جنازة وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي، فحضر تشييع الجنازة جمع غفير من الناس يتضمنهم سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم تقديرًا لدورهِ في مجال الدعوة بأشكالها كافة.