الفرنسي «إدموند روستان».. المسرحي صانع الرومانسية الجديدة
شاعر وروائي ومسرحي، اشتهر برواياته التّي صنعت عهداًمن الرومانسية الجديدة والتّي حملت بديلاً للجمهور عن الروايات الواقعية الصادمة التّي كانت الأكثر انتشارًا في نهايات القرن التاسع عشر، واشتهر بمسرحياته البطولية، ومنها مسرحية «سيرانو دي برجراك»، عن حياة «سيرانو دي برجراك»، و«النسر الصغير» عن حياة «نابليون بونابرت»، واسمه الكامل «إدمون بوجين ألكس روستان» إنه الأديب الفرنسي إدمون روستان.
ووصف النقاد مسرحيات «روستان» بأنها فريدة في بابها بالنسبة لعصره، إذ أنه كان يكتب مسرحًا رومانسيًا منظومًا في عصر كان معظم كتاب المسرح يفضلون أسلوب المدرسة الطبيعية، الذي يتعين أن تكون المسرحية فيه مغرقة في الواقعية والتشاؤم، ومكتوبة بالنثر، وأول مسرحية لـ «روستان» واسمها «الرومانتيكيون» 1894 م، و كانت قصة مختلفة يتناول موضوعها قصص غرام الشباب.
الميلاد والنشأة
وُلد إدموند روستان في الأول من أبريل 1868م، في مدينة مرسيليا الفرنسية الساحلية لعائلة مثقفة وغنية من منطقة بروفنس الشهيرة وكان أبوه أقتصاديًا لامعا وشاعرًا وعضوا في جامعة مارسيليا ومعهد فرنسا أيضاً، وهذا ما أتاح للشاب «إدمون» دراسة الأدب والتاريخ والفلسفة في جامعة «ستانسيلاس» الباريسية.
تزوج «روستان» من الشاعرة «روزموند جيرارد» حفيدة الجنرال الفرنسي «أتيان موريس جيرارد» وأنجب منها طفلين «جان وموريس» وكلاهما اشتهر في ما بعد، مرِض وهو في الثلاثين من عُمره بالتهاب الجنبة «الغشاء المحيط بالرئتين» وانتقل إلى اقليم الباسك الفرنسي أملاً في الشفاء، وما يزال منزله في أقليم الباسك قائماً إلى الآن كمتحف ذو طابع باسكي وفن وحرفية وهندسة محلية .
مؤلفات إدموند روستان
ترك «روستان» إرثا أدبيا مهما تألف من اثنا عشر مؤلفًا بين رواية ومسرحية وديوان شعري رغم وفاته في عمر صغير، و أنتجت مسرحيته الأولى الهزلية المسماة «الرومانسيون» في 21 مايو 1894 على المسرح الفرنسي ومن مسرحياته المبكرة أيضًا «الأميرة البعيدة» عن قصة المطرب جفري رودل مع كونتيسة طرابلس «أوديرنا»، وافتتحت يوم 5 أبريل 1895 على مسرح النهضة وكان دور «ميلسيندا» ققدمته الممثلة افرنسية العالمية سارة برنار والتّي قامت أيضًا بدور «الأميرة السامرية» على مسرح النهضة نفسه في 14 أبريل 1897 وهي مسرحية درامية مقتبسة عن قصة لأمراة من السامريين في الإنجيل.
وكان إدموند روستان يبلغ من العمر 29 عامًا إبان الأداء الأول لمسرحيته الشهيرة «سيرانو دي برجراك» التّي تم إنتاجها عام 1898 م على مسرح «دي لابورت سان مارتين» عن الكوميديا البطولية «سيرانو دي برجراك» والتّي نشرها في 28 ديسمبر 1897 مع «بينوا كونستان كوكويلين» في دور «سيرانو» والذّي كان يمثل انتصارًا للمسرح الفرنسي آنذاك الذّي لم يعرف مثل هذا الحماس للدراما منذ مسرحية «هرناني» لفيكتور هوجو، وسرعان ما ترجمت المسرحية إلى اللغة الإنجليزية والألمانية والروسية واللغات الأوروبية الأخرى.
وكان ذلك أمر غير اعتيادي لمسرحية عن بطل تاريخي كان قد عاش في القرن 17 الفرنسي. وقد وصف«روستان» المسرحية بأنها ملهاة ملحمية ، تقع أحداثها في القرن السابع عشر الميلادي. وهي تعرض قصة مؤثرة عن «سيرانو» الذي كان شاعرًا متعجرفًا، له أنف طويل وقبيح. وبسبب مظهره، كان سيرانو يخجل من التودد إلى المرأة التي يحبها. وبدلا من ذلك يكتب الرسائل إليها، ممهورة بتوقيع صديق له كان شابًا وسيمًا، وكان هو أيضًا يحبها؛ فإذا بالمرأة تقع في غرام هذا الشاب، من خلال الرسائل دون أن تدري أن «سيرانو» هو الكاتب الحقيقي.
اختار «روستان» في مسرحيته «النسر الصغير» موضوعاًمن التاريخ. وهو نابليون الثاني المعروف بدوق ريخستاد والتّي تتضمن الكثير من المعلومات غير المعروفة عن الحياة التعيسة لهذا الأمير الصغير نجل نابليون من ماري لويز الأميرة النمساوية في بلاط قصر شونبرن في فيينا والذّي عاش فيه تحت أنظار جد مراقبًا عن كثب من قِبل الأمير النمساوي المتنفذ كليمنس ميترنخ.
وقيل إن كتابته لهذه المسرحية جاءت بعد قراءته لكتاب هنري ويلشنجر ملك روما عن حياة نابليون الثاني، وأنتجت مسرحية «النسر الصغير» في ستة فصول في 15 مارس 1900م على مسرح سارة برنار ومن إنتاجها وقامت بدور دوق ريخستاد بنفسها.
أصبح إدموند روستان بمسرحيته «النسر الصغير» في عام 1901م، أصغر كاتب ينتخب لتأليف مسرحية غنائية لصالح الأكاديمية الفرنسية، وأنتجت في فبراير 1910 م وتأخر إنتاجها وكانت هذه المسرحية المعروفة بـ «شانكلير» من بطولة لوسيان جتري في دور «السيدة» وسيموني في دور »الدراج» وهي مسرحية خيالية عن الطيور والحيوانات المقيمة في المزرعة والغابات.
رحل الأديب إدمون روستان عن عالمنا في مثل هذا اليوم 2 ديسمبر عام 1918 م بعد إصابته بوباء الإنفلونزا الأسبانية.