رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


رسالة عميد الأدب العربي لذوي الهمم في يومهم العالمي

3-12-2024 | 16:41


طه حسين

فاطمة الزهراء حمدي

صبي صغير كان النور يملأ قلبه وحياته، ولكن شاء القدر أن يصاب بالرمد ويفقد بصره، ولكن أظهر ذلك الفتى شجاعة وقوة وعزيمة وصبر ولم يستسلم للإعاقته، ليتحدها ويغدو محلقًا في عالم الأدب، ليصبح عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي ضرب خير مثال لذوي الاحتياجات الخاصة ليغرس في قلوبهم الأمل والتحدي والإصرار على النجاح.

وفي اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، نستعرض لكم كيف واجه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين إعاقته، من خلال كتابه الأيام، الذي ألفه ووصف فيه معاناته وتحدياته وصراعاته، حيث وجه رسالته لهم في مقدمة كتابة ويقول: "الذين يقرأون هذا الحديث من المكفوفين، سيرون فيه حياة صديق لهم في أيام الصبا تأثر بمحنتهم هذه قليلا حين عرفها، وهو لم يعرفها إلا شيئا فشيئا حين لاحظ ما بينه وبين أخوته من فرق في تصور الأشياء وممارستها".

وعن تأثره بمحنته، قال: "وقد تأثر بهذه المحنة تأثرا عميقا قاسيا، لا لشيء؛ إلا لأنه أحس من أهله رحمة له وإشفاقا عليه، وأحس من بعض الناس سخرية منه وازدراء له، ولو قد عرف أهله كيف يرعونه دون أن يُظهروا له رحمة أو إشفاقا، ولو قد كان الناس من رقى الحضارة وفهم الأشياء على حقائقها بحيث لا يسخرون من الذين تعتريهم يتكلفونها تكلفا، لو قد كان من هذا كله، لعرف ذلك الصبي وأمثاله محنتهم في رفق، ولاستقامت حياتهم بريئة من التعقيد".

"كما تستقيم لكثير غيرهم من الناس والحمد لله على أن هذا الصبي لم يستسلم للحزن ولم تدفعه ظروفه إلى اليأس وإنما مضى في طريقه كما استطاع أن يمضي، محاولا الخير لنفسه وللناس ما أتيح له أن يحاول من الخير".

وعن رسالته التحفيزية لأقارنه من ذوي الهمم يقول: "وما أكثر الذين قهروا هذه المحنة خيرا مما قهرها، وانتصروا عليها خيرا مما انتصر عليها، وقدموا لأنفسهم وللناس أكثر وأنفع وأبقى مما قدم، ولكن كل إنسان ميسر لما خلق له، لا يبذل من الجهد إلا ما تبلغه طاقته، وأنا أتمنى أن يجد الأصدقاء المكفوفون في قراءة هذا الحديث تسلية لهم عن أثقال الحياة كما وجدت في إملائه وأن يجدوا فيه بعد ذلك تشجيعا لهم على أن يستقبلوا الحياة مبتسمين لها كما تبتسم لهم ولغيرهم من الناس، جادين فيها لينفعوا أنفسهم وينفعوا غيرهم، متغلبين على ما يعترضهم من المصاعب وما يقوم في سبيلهم من العقبات بالصبر والجهد وحسن الاحتمال وبالأمل المتصل والرجاء الباسم ".

"فالحياة لم تمنح الفريق من الناس دون فريق، وحظوظها من اليسر والعسر ومن الشدة واللين ليست مقصورة على المكفوفين وأصحاب الآفات دون غيرهم من الناس، ولو قد عرف الإنسان ما يلقى غيره من المصاعب وما يشقى به غيره من مشكلات الحياة، لهانت عليه الخطوب التي تعترضه ولعرف أن حظه خير من حظوظ كثير من الناس وأنه في عافية مما يمتحن به غيره من الأشقياء والبائسين على ما أتيح لهم من الصحة الموفورة ومن تمام الآلة واعتدال المزاج واستقامة الملكات".

ويختتم حديثه مؤكدًا: "إن من المهم هو أن يلقى الإنسان حياته باسما لها لا عابسا، وجادا فيها لا لاعبا وأن يحمل نصيبه من أثقالها ويؤدى نصيبه من واجباتها، ويحب للناس مثلما يحب لنفسه ويؤثر الناس بما يؤثر به نفسه من الخير، ولا عليه بعد ذلك أن تثقل الحياة أو تخف وأن يرضى الناس أو يسخطوا، فنحن لم تخلق عبثا ولم تترك سدى ولم تكلف إرضاء الناس عنا، وإنما خُلقنا لنؤدي واجباتنا وليس لنا بد من تأديتها، فإن لم نفعل فنحن وحدنا الملومون وعلينا وحدنا تقع التبعات".