رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وزير الزراعة: مشكلة التصحر من أهم التحديات التي تواجه التواجد الإنساني

3-12-2024 | 17:27


وزير الزراعة

دار الهلال

 قال وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق إن مشكلة التصحر تعد واحدة من أهم التحديات التي تواجه التواجد الإنساني على سطح كوكب الأرض، حيث تمثل تحديًا كبيرًا ومعقدًا إذا ما أخذ في الاعتبار التداعيات الناتجة عن فقد التنوع البيولوجي وتغير المناخ.


جاء ذلك في كلمة وزير الزراعة خلال اجتماعات الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر "Cop16"، والمنعقدة حاليًا في العاصمة السعودية الرياض.


وأضاف فاروق أن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن 40% من الأراضي الزراعية عالميًا أصبحت متدهورة، وأصبح العالم يحتاج إلى جهود ضخمة غير مسبوقة لإعادة تأهيل أكثر من 5 ملايين هكتار بحلول عام 2030 حتى يمكن تحقيق أهداف تحييد تدهور الأراضي.


وأوضح أن الجفاف أصبح أكثر حدة وأكثر تكرارًا منذ عام 2000 ليصل تأثيره إلى 29% من مساحة العالم، كما تؤكد الإحصائيات العالمية أن حوالي مليار إنسان ممن تبلغ أعمارهم تحت 25 سنة يعيشون حول العالم في مناطق متأثرة بالجفاف والتصحر.


وتابع أن هذه الظواهر تؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية خاصة أولئك الذين يعملون بالزراعة وإنتاج الغذاء، منوهًا بأن ذلك يأتي بجانب الأخطار المحدقة بنا من جراء العواصف الغبارية والرملية نتيجة تزايد تداعيات الجفاف، وتغير المناخ.


وأشار إلى أن مصر تواجه مجموعة من التحديات المرتبطة بالمياه، حيث تأتي مصر على رأس قائمة الدول القاحلة باعتبارها الدولة الأقل على الإطلاق بين كافة دول العالم من حيث كمية الأمطار المتساقطة عليها والتي تبلغ 1.3 مليار م3/سنويًا.


وأكد أن مصر تعتمد بشكل شبه مطلق على نهر النيل بنسبة 98% على الأقل لمواردها المائية المتجددة، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية نحو 60 مليار م3، في حين يبلغ إجمالي الاحتياجات المائية حوالي 114 مليار م3/سنويًا لكل القطاعات ومنها إنتاج الغذاء.


ولفت إلى أنه يتم سد الفجوة عن طريق إعادة الاستخدام والتدوير لحوالي 21 مليار م3، بجانب استيراد ما يفوق 34 مليار م3 من المياه الافتراضية في صورة منتجات غذائية.


ونوه وزير الزراعة لتفاقم هذا الوضع، مع استضافة مصر لما يقرب من 9 ملايين مهاجر ولاجئ من البلدان المجاورة، حيث يتم توفير كافة الحقوق والخدمات لهم، لافتًا إلى أن هذه الفجوة بين الموارد والاحتياجات ستزداد مع الوقت نتيجة لتغير المناخ والنمو السكاني رغم تطبيق كافة البرامج التي تهدف للسيطرة على تلك الزيادة الطبيعية للسكان، بالإضافة إلى متطلبات التنمية، مما يؤدى إلى زيادة الآثار المترتبة علي ندرة المياه.


وأشار إلى تداخل مياه البحر مع الخزان الجوفي الساحلي نتيجة السحب الجائر وارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة لتغير المناخ، وهذا يؤدي إلى زيادة تدهور الأراضي الساحلية نتيجة زيادة منسوب الماء الأرضي وتملح التربة.


وقال إن مصر أولت اهتماما خاصا لقضية الجفاف، فعلى صعيد العمل الدولي كانت من أوائل الدول التي دعت سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إلى العمل على تبني مبادرة للجفاف لدعم الدول المتأثرة به، حيث أصبح يهدد بشكل مباشر السلم الاجتماعي، ومن ثم الحياة الكريمة للسكان، ليصل تأثره إلى تهديد الوجود الإنساني من خلال التأثير سلبا على استدامة الموارد الطبيعية في المناطق المتأثرة به في العالم وفقًا لإعلان نيودلهي خلال (UNCCD COP14‏).


وتابع أنه بالرغم من التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه مصر، فقد كانت قضية التأقلم للجفاف ومواجهة العجز المائي المتزايد حاضرة بقوة في جميع الخطط الخمسية الحكومية للتنمية المتتالية، وفي رؤية مصر 2030.


وأضاف فاروق أن مصر اتبعت نهجًا استباقيًا لإدارة العجز في مياه الري ليتم إنفاق مئات المليارات من الجنيهات على حفر الآبار الجوفية، وإنشاء محطات عملاقة للمعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي لإعادة استخدامها في الزراعة، وسن القوانين الرادعة التي تحمي المجاري المائية من التلوث.


وأشار إلى تحمل ميزانية الدولة لتكاليف مالية ضخمة لتطوير الري الحقلي وتطوير الممارسات الزراعية التي تضمن ترشيد استهلاك مياه الري واستنباط أصناف نباتية تتميز بأنها قليلة في احتياجاتها المائية، من أجل أن يتوافق التركيب المحصولي مع الموارد المائية المتاحة.


وأوضح أنه بالرغم من كل هذه التحديات، إلا أن مصر وضعت الروابط التاريخية الوثيقة مع الأشقاء بالقارة الإفريقية أولوية لا يمكن التفريط فيها، وذلك في كل خططتها التي تهدف إلى مواجهة هذا التحدي الوجودي.


ولفت إلى أن جهود مصر لم تقف عند هذا الحد وإنما قامت بضخ استثمارات كبيرة لتطوير الريف المصري من خلال مبادرة حياة كريمة التي تستهدف تحسين الخدمات وأهمها توفير المياه بالقرى الأكثر احتياجًا في الريف الذي يضم أكثر من 60% من تعداد الشعب المصري، وبالتالي السيطرة على القوة البشرية الكبيرة في سوق العمل المصري ومنع الهجرة غير الشرعية من خلال توفير فرص عمل للشباب القادرين علي العمل من خلال تلك المبادرات لتمكين الشباب ودعم وتمكين المرأة المصرية.


وأكد وزير الزراعة أن مصر واحدة من الدول الحريصة على تنفيذ الالتزامات تجاه المعاهدات البيئية العالمية، والتي على رأسها مكافحة التصحر والتأقلم للجفاف بالرغم من كل التحديات البيئية والاقتصادية والجيوسياسية.


وتابع أن مصر تناشد المجتمع الدولي دائمًا وتحذر من خطورة التحركات المنفردة والأحادية التي لا تلتزم بمبادئ القانون الدولي على أحواض الأنهار الدولية، وأن تتسبب مشروعات إقامة السدود العملاقة على الأنهار العابرة للحدود، خاصة تلك التي تتم إقامتها دون إتمام دراسات تقييم الأثر البيئي والاقتصادي والاجتماعي في أضرار جسيمة للدول المتشاطئة؛ بما يشكل تهديدًا لنجاح برامج مكافحة التصحر وبرامج تعزيز الصمود أمام مخاطر الجفاف، فضلًا عن الجهود الدولية لإيجاد الحلول للتكيف والتخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ.


وأعرب فاروق عن ثقته وتطلعه إلى أن ينبثق عن المؤتمر توصيات وقرارات ترقى لتحقيق الطموح الإنساني لتحييد تدهور الأراضي ومكافحة التصحر والتأقلم للجفاف، وذلك في ضوء جهود المجتمع الدولي لتعزيز السياسة العالمية لوضع نهج استباقي لإدارة الجفاف حفاظًا على مورد الأرض لتكون منتجة للغذاء بشكل مستدام في بلداننا، وتحقيق بيئة أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة حول العالم.