رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عمر الخيام.. «عالم الفلك الرياضيات وصاحب الرباعيات»

4-12-2024 | 08:46


عمر الخيام

همت مصطفى

أحد أكبر العلماء الرياضين، والفلكيين والشعراء في العالم، وقدم الكثير للعلم، وأكثر منه للشعر، تميز شعره بأبعاد فلسفية أبهر كل من سمعه أو قرأه، وأصبح أيقونة وعلامة راسخة في عالم الشعر، حتى أيامنا التي نعيشها الحالية، وسيبقى أثره الشعري دائما ويتضح ذلك  ما خطه بقلمه وعرفت بـ  «رباعيات الخيام»، إنه  العالم والشاعر المبدع الفارسي عمر الخيام.

ميلاد عمر الخيام

ولد عمر الخيام   باسم  غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إِبراهيم بن صالح الخيام النيسابوري، في مدينة نيسابور إحدى قرى خراسان التي اتسمت بالتقدم والازدهار بدرجة كبيرة  خلال العصور الوسطى في عهد الدولة السلجوقية، و كانت  خراسان،  مركز للديانة الزرادشتية؛ لهذا فإن الكثير من العلماء ظنوا أن والد عمر الخيام  كان من أتباع الديانة الزرادشتية التي كانت منتشرة بشكل كبير حينذاك  و الذين فيما بعد اعتنقوا دين الإسلام.

وقام المؤرخ البيهقي، المعروف بدرايته بشخصية عمر الخيام  بتقديم تفاصيل عن عمر مثل برجه «كان برجه هو الجوزاء، و كان يوم ولادته كل من الشمس و كوكب عطارد في حالة صعود؛  ووفقا لذلك فقد استخدمه العلماء لتحديد تاريخ ميلاد عمر الخيام في 18 مايو 1048 م.

وكلمة خيّام  تعني في اللغة الفارسية تعني صانع الخيام، غير أنه  ليس هناك أي مصدر يؤكد أنها كانت مهنته أو والده أو حتى مهنة عائلته بشكل عام ، وأوضحت المصادر العربية اسم عمر الخيام، على أنه أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام، ويسمى في النصوص الفارسية التي تم كتابتها في العصور الوسطى باسمه كما عرفناه عمر الخيام.

من مسقط رأسه إلى خراسان

قضى عمر الخيام طفولته في مسقط رأسه، نيسابور، وقام أساتذته الأوائل الذين قدروا موهبته بإرساله إلى خراسان للدراسة على يد أعظم معلمي خراسان حينذاك، وهو الإمام موفق نيسابوري، والذي اشتهر في هذا الوقت  بتدريسه لأولاد النبلاء و بعد أن درس «الخيام» العلوم و الفلسفة و الرياضيات والفلك ترك مسقط رأسه،  إلى مدينة بخاري 1068م، وعرف عنه تردده إلى مكتبة الفلك العظيمة.

وانتقل «الخيام» في عام 1070 م إلى مدينة سمرقند حيث كان يعيش حاكم ورئيس قضاة المدينة «أبو طاهر»، وفي العام نفسه، بدأ «الخيام» بكتابة مؤلفاته  المتعلقة بعلم الجبر إضافة إلى تقديمه لأطروحته «رسالة في براهين الجبر والمقابلة» وقدمها إلى معلمه القاضي أبو طاهر، وفي هذه الوقت اكتسب عمر الخيام الشهرة وذاع صيته.

«الخيام»  يقود بناء مرصد فلكي

دخل عمر الخيام عام 1073م،  وهو في عمر الـ 26، في خدمة السلطان ملك شاه الأول مستشارا، وقام الوزير «نظام الملك»،  بدعوته إلى  مدينة صفهان عام 1076م للاستفادة من خبراته وعلمه في المكتبات ومراكز التعليم في أصفهان.

وكان عمر الخيام في هذا الوقت، بدأ بدراسة اكتشافات، وما توصل إليه علماء الرياضيات وفي مقدمتهم اليوناني إقليدس وأبولونيوس، وبدأ في بناء مرصد فلكي في أصفهان بناء على طلب الوزير نظام الملك، وقاد «الخيام» بعض العلماء لإجراء عمليات رصد فلكية دقيقة تهدف إلى مراجعة التقويم الفارسي، و في عام 1079 م أنهى مع فريقه عمليات قياس طول السنة، و كان التقويم الذي ابتكره يعتبر النظام في عصره الأكثر دقة على الإطلاق.

إسهامات علم الفلك والرياضيات

كان للعالم عمر الخيام إضافة لإسهاماته بعلم الفلك، إسهامات متميزة ومتنوعة  في الرياضة والشعر،  فمن إسهاماته في الرياضة أنه عمل في تحديد التقويم السنوي للسلطان «ملكشاه»،  والذي طلب من «الخيام» سنة 467 هـ/1074م إنشاء مرصد في مدينة إصفهان،  وطلب  السلطان من  «الخيام» أيضا تعديل التقويم الفارسي القديم، وضع الخيام تقويما سنويا بالغ الدقة، وصار هذا التقويم الفارسي المتبع حتى يومنا هذا،  وتولى الرصد في مرصد أصفهان.  

ويقول المؤرخ  والكميائي الأمريكي بلجيكي المولد جورج سارتن، مؤسس تاريخ العلوم، إن تقويم «الخيام»كان أدق من التقويم الجريجوري،  وهو التقويم المستعمل مدنيًّا في أكثر دول العالم، ويسمى هذا التقويم حاليًا في أغلب الدول العربية بالتقويم الميلادي.

 «الخيام» مختراع طريقة حساب المثلثات

و يرجع إلى «الخيام» الفضل في اختراع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وكان «الخيام» أول من استخدم كلمة «شيء» للدلالة على الكلمة التي تشير إلى العدد المجهول في الكتب البرتغالية «XAY» و التي تم استبدالها بالحرف الول منها «X» للإشارة إلى العدد المجهول.

«رباعيات الخيام» الأيقونة الشعرية الخالدة

قدم «الخيام» إسهامات شعرية كثيرة ومن أشهر أشعاره «رباعيات الخيام»، والتي  لم يكتبها فقط،  بل كان يتغنى بها في أوقات فراغه وقام أصدقائه الذين سمعوها بكتابتها ونشرها وتناقلها عبر الأجيال و ترجمتها إلى العديد من اللغات.

«رباعيات الخيام».. هي مقطوعة شعرية بالفارسية، مكونة من أربعة أشطر يكون الشطر الثالث فيها مطلقا بينما الثلاثة الأخرى مقيدة، وأول إشارة إلى عمر الخيام شاعرًا قام بها المؤرخ عماد الدين الإصفهاني، ولم يفكّر أحد ممن عاصره في جمع الرباعيات، فأوّل ما ظهرت سنة 865 هـ، أي بعد رحيله بثلاثة قرون ونصف.

 

وترجم رباعيات عمر الخيام، إلى الإنجليزية الشاعر والكاتب إدوارد فتزجيرالد في عام 1859م، وكانت أوّل ترجمة للرباعيات، وعرفت هذه الترجمة نجاحًا كبيرًا لدى مستشرقي نهاية القرن، أما الترجمة العربية من الفارسية فقام بها الشاعر المصري أحمد رامي، وهناك ترجمة أخرى للشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي، كما ترجمها كذلك الشاعر الأردني عرار

ومن مؤلفات «الخيام» باللغة العربية.. «شرح ما أشكل من مصادرات كتاب أقليدس»، «الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما»، وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية، «رسالة في الموسيقى».

رحيل  وأثر باق

ورحل العالم العلامة في علم الفلك والرياضيات والأيقونة الخالدة في  مجال الشعر، عمر الخيام عن عمر يناهز 83 عاما في مدينة نيسابور في مثل هذا اليوم 4 ديسمبر من عام 1131م  ودفن في قبر كان  تنبأ بموقعه في شعره، ووصفه بأنه بستان تسقط فيه الأزهار مرتين في السنة، ويطلق على ذلك المكان الآن ضريح عمر الخيّام، غير أن عمر الخيام رغم رحيله  الذي نشهد في يومنا هذا عليه ثمانمئة وثلاثة وتسعون عامًا  سيظل أثره باقيا كأشعر العلماء في الحضارة الإسلامية، ومختلف حضارات الكرة الأرضية، ومن أشهر شعراء العالم.