سيظل المسرح «أبو الفنون» فهو بداية انطلاق الشرارة نحو الثقافة والسعي نحو تطوير المجتمعات وتنميتها بالعالم وصولًا بها لحياة أرقى وأفضل، ويتفرد المسرح بقدرته عن غيره من الفنون باستهداف الجماهير من جميع الفئات باختلاف أعمارهم وهويتهم واتجاهاتهم وثقافتهم ولغاتهم وحضارتهم وسيظل هو الفن الأكثر انتشارًا بالعالم كله.
وتقدم بوابة «دار الهلال»، لجمهورها أشهر المسرحيات المصرية عبر سلسلة «روائع المسرح القومي»، والتي قدمت على خشبة مسرحنا القومي، لنشاهد ونتعرف على قصص مسرحياتنا المتميزة، وصناعها من المؤلفين والمخرجين والممثلين والموسيقيين، ومصممي الديكورات وجميع المبدعين لجميع مفردات العرض على الخشبة، وفي الكواليس وخلف ستار المسرح.
ونلتقي اليوم مع مسرحية «الزير سالم» لسندباد المسرح المصري ألفريد فرج
مسرحية «الزير سالم» دراما تاريخية تستلهم التراث، وتدور أحداثها حول صراع دمويّ تاريخيّ دار بين قبيلتي بكر وتغلب، إضافة عناصر حديثة له تضفي عليه جوًّا من الحياة والرّؤيا العصريّة التي تتمثّل في شخصيّة هِجرِس ابن كليب التّغلبيّ وجليلة البكريّة.
الفكر الحضاري غير المتعصب للثأر
ويحاول ألفريد فرج أن يحقّق أهدافه العميقة التي تحمل الفكر الحضاري الليبراليّ، وأن ينشر الوعي في مجتمعه عن طريق هذه الشّخصيّة المؤثّرة المركزيّة في مسرحيّته، فجعلها شابّة ليغرس الأمل في نفوس الشباب والجيل الصّاعد بقدرته على إحداث التّغيير والتأثير في المجتمع، وذلك بالابتعاد عن الأفكار المتحجّرة والعنيدة التي تقبع في فكر الجيل القديم الذي يتمثّل في باقي شخصيّات المسرحية والتي انشغلت في مسألة السّيادة والعرش الملكي مقابل أيّ ثمن حتى لو كان دفع الأرواح، الأمر الذي يضفي طابعا وحشيّا بعيداً عن معاني الإنسانيّة وقيمة الإنسان، فلم يحتسبوا لحرمة روح أو جسد، إنّما القويّ منهم يأكل الضّعيف بلا رحمة طمعًا في الوصول إلى العرش الملكيّ وإثبات القوّة البدنيّة عن طريق قتل الخصم والتغلّب عليه وتحقيق الأخذ بالثّأر كعادة لردّ الكرامة والشرف للآخذ به.
و يستمرّ العراك والأخذ بالثّأر، من خلال أحداث المسرحية، في حلقة مفرغة دامت سنين طويلة راح ضحيّته الكثير من الأطفال والنّساء وأفراد من كلتا القبيلتين، ولم يظهر عاقل واحد طيلة هذه السنين يضع حدًّا لاستنزاف الدّماء، حتى يظهر هجرس حاملا فكرا حضاريّا واعيًا به تتمّ السيطرة على جميع الأطراف المتخاصمة ويكون هو الطّرف الأقوى في المسألة، فينتهج أسلوب الحوار والإقناع ويضع القيمة الإنسانيّة في أعلى المراتب وقبل أيّ هدف آخر مادّيّ فتتغلّب قوّة العقل على قوّة الجسد وتقلب الموازين.
ومن خلال نص المسرحية، ندرك ونتعرف علة الفارق الفكري بين الشخصية المتنوّرة التيتربت ونشأت بعيدًا عن القبيلة وعصبيّتها والتي تنظر إلى الأمور بتعقّل ورويّة مع الحفاظ على سلامة الإنسان وقيمته في الدّرجة الأولى، وبين الشّخصيّة القاسية المتحجّرة فكريّا وعاطفيًّا التي لا تضع الإنسان وقيمته في سلّم أولويّاتها.
صناع المسرحية
وقدمت مسرحية «الزير سالم» من إنتاج فرقة المسرح القومي، عام 1985م للكاتب المبدع ألفريد فرج و إخراج الفنان القدير حمدي غيث، وإخراج تليفزيوني عبد الرحيم إبراهيم.
وتمثيل وبطولة نخبة من نجوم الفن والمسرح وهم.. عبد الغني ناصر، سهير طه حسين، خالد الذهبي، نجاة علي، منال سلامة، أحمد فؤاد سليم، جمال الشيخ، خليل مرسي، نيبل الحلفاوي، فائق عزب، محمد أبو العينين، أحمد السعدني، مفيد عاشور، ثريا إبراهيم، مؤمن البرديسي، سيد غريب، حمدي الكيلاني، محمد سيد عابدين، غادة عبد المنعم، صادق أمين، مصطفى محمود، محمد أحمد عواد، مصطفى بدير.