كوريا بين الشمال والجنوب .. شبه الجزيرة على صفيح ساخن
أعادت الأزمة التي تشهدها كوريا الجنوبية، منذ يومين، بإعلان رئيسها الأحكام العرفية ثم التراجع عنها وبعدها دعوات المعارض لعزله، النظر إلى الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية، والتي تعيش على صفيح ساخن منذ انقسام الكوريتين الشمالية والجنوبية في نهاية الحرب العالمية الثانية، واعتبار كلا منهما دولة مستقلة لكنهما لا يزالان في حالة تأهب وترقب لأي فعل تقوم به الأخرى وسط حالة من الاستقطاب الدولي لكل طرف.
النزاع في شبه الجزيرة الكورية
ومع إعلان رئيس كوريا الجنوبية يون سيوك يول، بفرض الأحكام العرفية، جدد الإشارة إلى الصراع مع جارته الشمالية، قائلا إن القرار بهدف "تطهير القوات الموالية لكوريا الشمالية والحفاظ على النظام الدستوري الليبرالي".
و قال إن القرار الهدف منه هو القضاء على القوى الموالية للجارة الشمالية، واتهم المعارضة الكورية الجنوبية بالتلاعب بالبرلمان والتعاطف مع كوريا الشمالية وشل الحكومة بأعمال مناهضة للدولة.
محطات مختلفة من النزاع بين الجارتين شهدته الأعوام الماضية، كان آخرها اعتبار بيونج يانج وفقا لدستورها الجديد أن كوريا الجنوبية دولة معادية، بعد التعديلات القانونية التي دعا إليها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون مطلع هذا العام، كذلك قرر الجيش الكوري الشمالي.
في أكتوبر الماضي، قررت كوريا الشمالية قطع الطرق وخطوط السكك الحديدية مع جارتها الجنوبية وتعزيز وجوده عند الحدود، بعد أن اتفقت الكوريتان عليها في فترات التقارب والتي بدأت بأول قمة بينهما منتصف العام 2000 وانتهت بقمة سبتمبر 2018، وعملت بيونج يانج على نسف الطرق وزراعة ألغام بها، وهو اعتبرته سول بمثابة "استفزاز غير طبيعي بتاتا"، مذكّرة بأنّها هي التي موّلت إلى حدّ بعيد بناء هذه الطرق.
وفي مطلع العام الجاري، اتهمت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية بإرسال طائرات مسيرة إلى سماء بيونج يانج أكثر من مرة لإلقاء منشورات تحريضية، وسط تهديدات حادة، وفي المقابل واصلت بيونج يانج إطلاق بالونات القمامة تجاه الجنوب، وهي عملية مستمرة منذ شهور.
تدخل واستقطاب دولي
وتعيش الكوريتان حالة من الاستقطاب الدولي، حيث تتحالف كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة وحلفائها من ناحية، وفي المقابل تأتي روسيا والصين والمقربين منهما حلفاء لكوريا الشمالية من ناحية أخرى.
ورغم انتهاء الحرب بين الكوريتين في عام 1953، بعد استمرارها لنحو 3 سنوات باتفاق هدنة، لم يتحقق الاستقرار بينهما حيث استمرت حالة الحرب بين البلدين في إطار الحرب الباردة، كذلك ظلت الولايات المتحدة داعمة لكوريا الجنوبية، بينما دعمت الصين والاتحاد السوفيتي كوريا الشمالية.
وواصلت كوريا الشمالية تطوير برنامجها العسكري وتطوير أسلحة نووية، لتثير حالة من القلق والمخاوف العالمية من إمكانية وقوع مواجهة نووية في شبه الجزيرة الكورية.
وكان الرئيس الحالي لكوريا الجنوبية يون سيوك ـ يول، أطلق مبادرة في أغسطس 2022، للسلام مع بيونج يانج، وأعاد طرح مبادرة للوحدة في أغسطس 2024 قائمة على الحرية والديمقراطية، وهو ما رفضه زعيم كوريا الشمالية.
ورغم حالة النزاع وعدم السلام بين الكوريتين، إلا أن هناك جهود دبلوماسية ومحاولات وساطة تقودها واشنطن أحيانا لفتح الحوار بين البلدين.