رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عمار الشريعي .. غواص في بحر النغم

6-12-2024 | 12:04


عمار الشريعي

فاطمة الزهراء حمدي

غواص في بحر النغم، تراقصت القلوب على أوتار عوده، وبكت من الشجن والحنين، وثارت وتحمست ببطولات الأبطال والوطن، أعطى للموسيقى والفن إحساسه ومشاعره فبدالته حبًا عشقًا وإمتاعًا، تغنى من توزيعاته العديد من عمالقة الفن الجميل، كما قدم روائع ألحانه لنجوم الغناء العربي. 

ورُغم فقدانه لنور بصره، ولكنه امتلك قوة إحساس وبصيرة غاص بهما في أعماق الطرب الأصيل، أنه الموسيقار والمؤلف والناقد الموسيقي الكبير عمار الشريعي أحد أعمدة الموسيقى في مصر، وصاحب التاريخ الطويل الحافل بالفن الجميل، بمجرد أن تنساب ألحانه أو موسيقاه التصويرية، تميّزها الأذن قبل أن يدركها العقل ولا تحتاج إلى إدراك واعٍ لتضفي هالة مميزة تسبح في الاستمتاع بها، حيث ترك الشريعي علامات وبصمات في سماء الفن والإبداع لن تنسى مهما مر الزمن. 

عمار الشريعي

وُلد عمار الشريعي في 16 إبريل عام 1948، بصعيد مصر بمدينة سمالوط، في محافظة المنيا والتحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة عين شمس وتخرج منها عام 1970. 

حفظ الشريعي 5 أجزاء من القرآن في طفولته، وكان من هواياته السباحة، كما تولدت لديه حب الموسيقى والعزف وعندما رأى فيه والده امتلاكه لتلك الموهبة اشترى له بيانو للعزف عليه.

أتقن الشريعي علوم الموسيقى الشرقية حيث تعلم على يد مجموعة من الأساتذة الكباربمدرسته الثانوية في إطار برنامج مكثف أعدته وزارة التربية والتعليم خصيصاً للطلبة المكفوفين الراغبين في دراسة الموسيقى، كما بذل مجهود ذاتي حتى برع العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود ثم أخيراً الأورج.

كما تعرف خلال فترة الدراسة على الموسيقار كمال الطويل وتبناه، ثم تعرف على الموسيقار بليغ حمدي ورأس فريق الموسيقى وعمل مع الكثير من الفرق الموسيقية بعدها. 

بدأ الشريعي حياته العملية بعد تخرجه كعازف أوكورديون، في عدد من الفرق الموسيقية التي كانت منتشرة في مصر وقتها، ثم استخدام أصعب الألات وهي الأورج وأتقنها حتى سطع نجمه فيها كأحد أبرع عازفي جيله، واعتبر نموذجاً جديداً في تحدي الإعاقة حيث اعتمدت الأله بشكل كبير على الإبصار.

لم يكتفي الشريعي بالأوكورديون والأورج، حيث اتجه إلى التلحين والتأليف الموسيقي وقدم  أول ألحانه «امسكوا الخشب» لمها صبرى عام 1975 م، بدأت موهبته في التلحين تظهر مع أغنية «أقوي من الزمان» لشادية.

تخطت مؤلفاته الموسيقية في السينما المصرية وصولًا إلى 50 فيلمًا، منها الأفلام البرئ، البداية، حب في الزنزانة، أرجوك أعطيني هذا الدواء، أيام في الحلال، آه يا بلد، كتيبة الإعدام، يوم الكرامة، وحليم.
بينما قدم للدراما التليفزيونية أكثر من 150 مسلسلًا، وما يزيد على 20 عملًا إذاعيًا، الأيام، بابا عبده، أديب، وقال البحر، دموع في عيون وقحة، رأفت الهجان، أرابيسك، العائلة، الراية البيضا، الشهد والدموع، زيزينيا، بين السرايات، امرأة من زمن الحب، أم كلثوم، حديث الصباح والمساء، نصف ربيع آخر، أوبرا عايدة، ريا وسكينة.

إضافة لذلك قدم الشريعي موسيقى لعشر مسرحيات غنائية استعراضية منها مسرحيات "رابعة العدوية، الواد سيد الشغال، علشان خاطر عيونك، إنها حقًا عائلة محترمة، الحب في التخشيبة،  ويمامة بيضا".

كما قدم الشريعي بعض الأغاني بصوته منها، أغاني فيلم البريء «محبوس يا طير الحق، الدم»، ورباعيات داخلية من مسلسل ريا وسكينة، ورباعيات داخلية بمسلسل «الأيام» لعميد الأدب العربي طه حسين، وتتر البداية والنهاية لفيلم كتيبة إعدام، وتتر النهاية في مسلسل عصفور النار.

كون عمار الشريعي فرقة الأصدقاء في 1980، التي حاول من خلالها مزج الأصالة بالمعاصرة وخلق غناء جماعي تصدى فيه لمشاكل المجتمع في تلك الفترة، وكانت الفرقة تضم منى عبد الغنى، حنان، وعلاء عبد الخالق.

وقام «الشريعي»  بتلحين الحفل الموسيقي الضخم الذي أقامته سلطنة عمان عام 1993 بمناسبة عيدها الوطني وكذلك عيدها الوطني عام 2010، وكان قد سبقه في تلحين أعياد عمان الوطنية العديد من عمالقة الطرب العربي أمثال الموسيقار محمد عبد الوهاب.

وقدم الشريعي عددًا من البرامج الشهيرة أبرزها البرنامج الإذاعي الذي استمر عدة سنوات «غواص في بحر النغم»، وظل يقدم ويحلل الموسيقى للكثير من الأغنيات  الزمن الجميل، وغيرها ليصبح معلِّماً فى أسرار الموسيقى لجمهوره  ومرشدا فى طبقات الأصوات، وقدم العديد من حلقاته بالتلفزيون.

حصل الموسيقار المتميز عمار الشريعي على العديد من الجوائز من الكثير من دول العالم ومنها: جائزة مهرجان فالنسيا، إسبانيا، عام 1986 وجائزة مهرجان فيفييه، سويسرا عام 1989 وغيرها طوال مسرته الفنية.

وبعد سنوات من الإبداع والإمتاع رحل عمار الشريعي عن عالمنا في مثل هذا اليوم 7 ديسمبر 2012 بعدما ترك أعمال خالده أثرى بها عالم الفن وموهبه فذه لن تتكرر.