ماذا لو انسحبت الولايات المتحدة من حلف الناتو.. تداعيات على الساحة الدولية
جدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب جدلاً واسعاً بتصريحاته الأخيرة حول إمكانية انسحاب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي "الناتو" في حال عدم تحقيق "العدالة" في توزيع الأعباء المالية بين الدول الأعضاء.
تكرر هذا التصريح في الفترات السابقة أكثر من مرة، ويثير اليوم تساؤلات أكبر حول مستقبل التحالف الأطلسي في مواجهة تحديات أمنية وسياسية غير مسبوقة.
فمنذ تأسيس حلف الناتو عام 1949، كان الدعامة الأساسية للأمن الجماعي في العالم الغربي، حيث التزمت الدول الأعضاء بالدفاع المشترك ضد أي تهديدات خارجية، ولطالما اعتمد الحلف على القيادة الأميريكية، ليس فقط عسكرياً ولكن أيضاً مالياً، حيث تتحمل واشنطن النصيب الأكبر من الميزانية الدفاعية كالمتفق عليه.
ويعد الجدل حول الإنفاق الدفاعي داخل الناتو ليس بجديدا، ووفقاً لأحدث تقارير الحلف، تُنفق الولايات المتحدة حوالي 66% من إجمالي ميزانية الناتو، وهو ما يوازي 968 مليار دولار سنوياً، في المقابل، تلتزم فقط 23 من الدول الأعضاء الـ32 بإنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو الهدف الذي اتُفق عليه في قمة ويلز عام 2014.
تضيف التهديدات الأمنية المتزايدة تعقيداً جديداً للمعادلة، فروسيا، التي تُعد التهديد المعروف للناتو، عززت تحركاتها العسكرية في أوكرانيا، بينما تسعى الصين لتوسيع نفوذها في منطقة المحيط الهادئ، وبالتالي فإن انسحاب الولايات المتحدة من الحلف قد يفتح الباب أمام هذه القوى لملء الفراغ الأمني، وأكد الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرج، أن أي خطوة تقلل من الدور الأميركي ستضعف موقف الحلف في مواجهة هذه التحديات.
تحدثت العديد من التقارير الصحفية أن الدعم المالي العسكري والمالي الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى أوكرانيا يمكن أن يتقلص في فترة ولاية ترامب المقبلة، وأشار محللون أن مثل هذه الخطوة قد تجبر أوكرانيا على التفاوض مع روسيا، ما سيشكل تحولاً في الصراع، ويرى البعض أن هذه الخطوة ربما تؤدي إلى تقويض الالتزامات الأميركية طويلة الأمد، بينما يعتقد آخرون أن ذلك قد يدفع الدول الأوروبية لتحمل المزيد من المسؤولية تجاه أوكرانيا والأعباء المالية للحلف.
قوبلت التصريحات الأميركية بقلق في الأوساط الأوروبية، ويرى مسؤولون أوروبيون أن انسحاب الولايات المتحدة سيضع دول الاتحاد الأوروبي أمام اختبار صعب لتأمين حدودها بشكل مستقل، وفي السياق ذاته، بدأت بعض الدول الأوروبية بالفعل في زيادة ميزانياتها الدفاعية، ولكنها لا تزال بعيدة عن سد الفجوة المالية والعسكرية التي قد يتركها انسحاب واشنطن.