رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أدباء نوبل| لويجي بيراندللو.. «المسرحي الفيلسوف»

10-12-2024 | 02:09


بيراندللو

همت مصطفى

جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.

ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.

نلتقى اليوم مع  الشاعر والكاتب والمسرحي  الإيطالي «لويجي بيراندللو»

وُلد  لويجي بيرانديللو في 28 يونيو 1867م  في في مقاطعة كاڤسوس في جيرجينتي أغريجنتو«جِرْجَنْت أو كِرْكَنْت» بجزيرة صقلية، وقبل ولادته بفترة قصيرة ضرب جزيرة صقلية وباء «الكوليرا » مما اضطر والده لنقل العائلة لمكان معزول بعيدًا عن المدينة إلى القرية التي تسمى الآن بورتو امبيدوكلي.

ابن الطبقة البُرْجوازية

 وكانت عائلة «بيراندللو»  ثرية تنتمي إلى الطبقة البُرْجوازية كان رجالها من المناضِلين السياسيين الوطنيين،أمه و«كاترين ريتشي جراميتو»، ووالده  ستيفانو بيرانديلو،أحدَ رجال الصناعة في صقلية؛
 

الأسرة  والعائلة

شارك الأب ستيفانو بيرانديلو، بين 1860 و 1862 شركات جاريبالديان؛ وفي عام 1863 تزوج «كاترين»، أخت صديقه روكو ريتشي جراميتو،  جده لأمه كويس ريتشي جراميتو  والذي كان من بين الزعماء البارزين لثورة صقلية عام 1848-1849 أُستثنيا من العفو العام بالعودة إلى البوربون ففر إلى مالطا حيث توفي بعدها بعام في عام1850، عن عمر 46 عاماً فقط، وكان جده لأبيه، أندريا، مالك لسفينة ورجل أعمال ثري،  كانت أسرة بيرانديلو تعيش في وضع اقتصادي مريح بفضل التجارة استخراج الكبريت.

 

ويسَّرَ ﻟ «بيرانديللو»، انتمائه لأسرة ثرية برجوازية حياةً مريحة مكَّنته من الالتحاق بالمدارس في مدينتَي أغريغنتي وبالرمو، ثم سافر إلى روما حيث التحق بكلية الآداب، لكنَّه تركها وسافر إلى ألمانيا وأتقن اللغةَ الألمانية، ونال درجةَ الإجازة في الأدب من جامعة بون الألمانية عن أطروحةٍ موضوعُها اللغة العامية في صقلية، وقام بتدريس اللغة الايطالية في جامعة بون في ألمانيا

قاصا وروائيا
 

كتب «بيرانديللو» الشعر في شبابه ودرس الآداب في جامعة باليرمو، كتب أول رواياته «الهاربة» ونشرها عام 1889م، نشر أول مسرحياته «المعصرة» عام 1910، و نشر عددا من القصص القصيرة، ومن أهم رواياته:..«الهاربة»، «المرحوم ماتيا باسكال»،«الشيوخ والشباب»

متميزًا في المسرح

ومن بواكير كتابات«بيرانديللو» بحثه في اللهجة المحلية لمسقط رأسه مدينة «جيرجنتي»  بصقلية، عام 1891م تنوَّعت إسهاماتُه الأدبية، بين الشِّعر والقِصة والرواية والمسرح، ولكن كتاباته المسرحية التي نشرت بين عامي 1918 و1936م،  كانت هي نقطة تميزه الحقيقية وتفرده.

وتتميَّز تجرِبة «بيرانديللو» الأدبية بالثراء والتنوُّع؛ وكانت مؤلفاته  تدور حولَ فكرةٍ فلسفية عن التناقض الجدلي بين الحياة وثبات الصورة، أوكما أوضح بنفسه وقال. «بين ضرورات الحياة الديناميكية ومُتطلَّباتها الاستاتيكية»، كما تُعَد مشكلة الحقيقة أحدَ المحاور الأساسية التي ارتكز عليها فنُّه، وتناوَلها في كثير من مسرحياته، فأصبح صاحب فلسفة خاصة في كل ماسطر به قلمه ونقله للبشرية.

وانتقل «بيرانديللو» في كتاباته بين عدة أساليب من الرومانسية إلى الواقعية ثم الطبيعية والتعبيرية والرمزية والفرويدية، وترك تأثيرات واضحة على كتاب المسرح في العالم.

مؤلفات «بيرانديللو»

و من أشهرمؤلفات«بيرانديللو»..  و«سِتُّ شخصيات تبحث عن مؤلِّف» 1921م، وأحدثت هذه المسرحية تجديد في الكتابة المسرحية بأكثر مما فعلت أية مؤلفات تحديثية أخرى خلال الثلث الأول من القرن الـ20، وبسببها اعتبر«بيرانديللو»، واحدا من أغزر الكتاب الإيطاليين، ولعله كان أيضا واحدًا من أكثرهم تجديدا على صعيد اللغة المسرحية.

من القصة القصيرة للمسرح

وكتب «بيرانديللو» مسرحية  «أبو زهرة في فمه»،  وقبل أن يقدمها لفن المسرح، كان قد صاغها قصة قصيرة عام 1923 م بعنوان «الموت الآن»، ولم تكن تلك المرة الأولى ولا المرة الأخيرة  التي يحول فيها «بيرانديللو» قصة قصيرة له، إلى نص وعرض مسرحي، لكن «الرجل الذي لديه زهرة في فمه» كانت تتسم بتفردها عن غيرها، فإن المسرحية عاشت كذلك حياتها على خشبة المسرح ولا تزال الى الآن... بل انها عاشتها أيضا كأوبرا، وقدمت في عام 2007، من  الملحن لوك بروايز، لتقدم للمرة الأولى في بروكسيل على مسرح «دي مونت».

و كتب «بيرانديللو»«لكلٍّ حقيقتُه»،  «ديانا والمثال»  و«قبعة المجانين»، و«لَذَّة الأمانة»، «الليلة نرتجل»، «هنري  الرابع» 1922م،  «الحياة التي منحتك إياها»  (الحياة عطاء)1924

ونال «بيرانديللو» جائزةَ نوبل في الآداب عام م 1934م، وجاء في تقرير لجنة جائزة أنه حصد الجائزة  «لإحياءه الجريء والمبدع للفن الدرامي والخلاب»

ورحل  المسرحي المجدد والمتميز لويجي بيرانديللو في مثل هذا اليوم 10 ديسمبر عام 1936 م عن عمرٍ يناهز 69عامًا لكن مازالت مسرحياته  تقدم في مختلف دول العالم، برؤى متباينة ومغايرة ليبقى اسمه ومؤلفاته وأفكاره باقية لنهاية البشرية.