طه الفشني.. «كروان الإذاعة»
هو ثالث قارئ للقرآن الكريم في الإذاعة المصرية، وصاحب مدرسة متفردة في التلاوة والإنشاد، وكان ذو علم كبير بالمقامات والأنغام، وانتهت إليه رئاسة ن الإنشاد في زمنه فلم يكن يعلوه فيه أحد، إنه أحد أعلام القراءة، في مصر والوطن العربي، فهو «كروان الإذاعة» الشيخ طه الفشني.
ولد القاريء الشيخ طه الفشني عام 1900م في مركزالفشن، ارتبط اسمه باسم مدينته «الفشن»، بمحافظة بني سويف، بدأ حياته عندما ألحقه والده بكتاب القرية بجانب دراسته في المدرسة الابتدائية، واستطاع أن يتم حفظ كتاب الله وهو في سن الخامسة عشرة من عمره.
وتميز «الفشني» بين أقرانه بالصوت الجميل في التلاوة، وهذا ما شجع أسرته على مساعدته لتعليم فنون التلاوة وعلوم القراءات وأحكام التجويد، ثم التحق بالمدرسة الإعدادية ثم معهد المعلمين الذي حصل منه على شهادة الكفاءة عام 1919م.
تلميذ كبار المشايخ
وكانت بداية الاحترافية في قراءة القرآن الكريم في المآتم والحفلات وإنشاد الابتهالات والمدائح النبوية في الموالد والأفراح، وبعدها انتقل من بني سويف إلى القاهرة، والتحق بمعهد القراءات التابع للأزهر الشريف، وتتلمذ على يد كبار المشايخ من بينهم الشيخين السحار والمغربي.
لازم «الفشني»، رائد الإنشاد الديني، سيد القراء الشيخ علي محمود والذي كان إمام المنشدين في عصره، وهو صاحب مدرسة عريقة في التلاوة والإنشاد تتلمذ فيها كل من جاءوا بعده من القراء والمنشدين، وأعجب علي محمود بموهبة «الفشني»، وبدأ يقدمه في حفلاته الدينية.
«الفشني».. كروان القراء
تعلم «الفشني» الموسيقى وعلم النغمات على يد الشيخ درويش الحريري، وبدأ يتعامل مع كبار الملحنين من بينهم شيخ الملحنين زكريا أحمد وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، كما كوّن «الفشني» فرقة الإنشاد الديني والتواشيح إلى جانب حرصه على قراءة القرآن الكريم، ومن ألقابه «كروان القراء».
وكان «الفشني» المؤذن الأول لمسجد الحسين، واشتهر بقراءته لسورة الكهف يوم الجمعة.
والتحق طه الفشني بالإذاعة المصرية، واجتاز جميع الاختبارات وأصبح مقرئًا للإذاعة، ومنشدًا للتواشيح الدينية بها على مدى ثلث قرن، وعقب التعاقد معه في الإذاعة عين كمقرئ للقرآن الكريم، وقدم للإذاعة المصرية العديد من التسجيلات لسور القرآن الكريم، إضافة إلى تقديمه ساعة من الإنشاد الديني يوم الأحد من كل أسبوع، وعندما بدأ إرسال التلفزيون كان من أوائل المقرئين الذين ظهروا على شاشته.
وعمل الشيخ طه الفشني كقارىء رسمي لمسجد السيدة سكينة منذ عام 1940م، بالقرن الماضي، واستمر عمله في هذا المسجد إلى أن توفاه الله، واختير رئيسا لرابطة القراء خلفا للشيخ عبد الفتاح الشعشاعى سنة 1962م.
من التفرد لنوط الامتياز
وعرف عن الشيخ طه الفشني طول النفس، فكان يستطيع أن ينشد القصيدة الواحدة لمدة أربع ساعات متتالية، وكان عشاق الشيخ طه الفشني يسهرون حتى الفجر يستمعون إليه، وهو يؤدي الابتهالات والآذان من مسجد الحسين، «رضي الله عنه»، وكان الحضور يحرصون على الاستماع إليه وهو ينشد التواشيح في مولد السيدة زينب «رضي الله عنها»، ومن أشهر التواشيح للشيخ والمبتهل طه الفشني كانت «حب الحسين، ميلاد طه، يا أيها المختار».
ومنح «الفشني» نوط الامتياز في العلوم والفنون من الطبقة الأولى، في مصر، وكرمته العديد من الدول الإسلامية مثل أندونيسيا وماليزيا وباكستان.
وأصيب الشيخ طه الفشني بمرض القلب، في مراحل عمرية متقدمة، منعته من تسجيل المصحف المرتل كاملًا بصوته.
ورحل القارئ والشيخ طه الفشني عن عالمنا في مثل هذا اليوم 10 ديسمبر 1971م ليبقى أثره باقيا بصوته المتميز والمتفرد، من خلال تسجيلاته لسور كتاب الله القرآن الكريم، بصوته الملائكي، والعديد من الأناشيد الدينية والابتهالات.