رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مئويات «نجوم السينما» هنا وهناك

10-12-2024 | 12:33


حسام حافظ,

قبل أيام من وداع 2024 من الضروري التذكير بمئوية ميلاد عدد كبير من فناني السينما في مصر والعالم، فالاحتفال بهؤلاء هو احتفال بتاريخ السينما ذلك الفن القادر دوما على تجديد أوراقه التي تسقط مع خريف كل عام، وتاريخ السينما ملىء بالنجوم الذين رحلوا ولم نتمكن للأسف من تعويض غيابهم، لذلك نحن نتذكرهم على أمل أن تنجب لنا الأجيال الجديدة المزيد من النجوم القادرين على انتزاع إعجاب الجماهير والتي هي بحق صانعة النجوم في كل زمان ومكان. 

سامية جمال

مئوية ميلاد الفنانة الكبيرة سامية جمال "1924 – 1994" مرت هذا العام في هدوء، وهي الفنانة التي كانت ملء السمع والبصر في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، قدمت للسينما 58 فيلما منذ فيلم "العزيمة" عام 1939 وحتى فيلم "الشيطان والخريف" عام 1972.
وفي حياة سامية جمال محطات مع نجوم عصرها وأولهم محمد عبد الوهاب في "ممنوع الحب" 1941 و"رصاصة في القلب" 1944 ثم مع نجيب الريحاني في "أحمر شفايف" 1945 وتأتي أهم محطات حياتها، حيث تمثل وترقص إلى جوار فريد الأطرش في ستة أفلام هي: "حبيب العمر" و"أحبك أنت" و"عفريتة هانم" و"آخر كدبة" و"تعالى سلم" و"ماتقولش لحد" وهي أفلام تمثل قمة توهج الفيلم الغنائي الجماهيري في تاريخ السينما المصرية، واعتقد الجمهور أن قصة حب حقيقية جمعت فريد الأطرش بسامية جمال بسبب النجاح الهائل لأفلامهما معا في المرحلة من 1947 وحتى 1952 وانتظرت الصحافة في ذلك الوقت إعلان زواج فريد وسامية ولكن حدث العكس وانفصل النجمان في الحياة وعلى الشاشة أيضا.
 بعد مرحلة فريد الأطرش كانت سامية جمال تبذل جهدا مضاعفا لكي تثبت قدراتها التمثيلية مع عدد من كبار المخرجين مثل عز الدين ذو الفقار في "قطار الليل" و"رقصة الوداع" و"الرجل الثاني" ومع صلاح أبو سيف في "الوحش" وعاطف سالم في "موعد مع المجهول" وكمال عطية في "طريق الشيطان" وحسن الإمام في "زقاق المدق" .. ومن أقوى أدوارها مع رشدي أباظة دور سكينة الفقي في فيلم "الرجل الثاني" ورغم أنه من أفلام الجريمة والعصابات لكنها قامت بدور الزوجة المغلوبة على أمرها وهي أم لطفلة  تموت قبل النهاية وتقدم سامية جمال أقوى مشاهد الدراما في الفيلم، وهي فنانة طموحة ليس فقط في التمثيل بل في الرقص أيضا بعد أن أدخلت فن تصميم الرقصات في تابلوهات استعراضية ساهمت في تطوير الرقص الشرقي الذي لم يعد يعتمد على الأداء الحركي للراقصة وحدها.
نور الهدى
وفي فترة تألق سامية جمال جاءت من لبنان شابة جميلة مولودة أيضا عام 1924 وهي المطربة الكسندرا نيقولا بدران ذات الصوت البديع وأطلق عليها عميد المسرح يوسف وهبي اسم "نور الهدى" وعملت معه أول فيلمين لها وهما "جوهرة"عام 1943 و"برلنتي" عام 1944 وانطلقت بعد ذلك في السينما وقدمت 22 فيلما مع كبار مخرجي تلك الفترة مثل أحمد بدرخان في "مجد ودموع" و"الشرف غالي" ومع محمد كريم وعبد الوهاب في فيلم "لست ملاكا" ومع صلاح أبو سيف في "المنتقم" ومع نيازي مصطفى في "أفراح" ومع أنور وجدي في "شباك حبيبي" ومع بركات في "ماتقولش لحد" وهو الفيلم الوحيد الذي جمعها مع فريد الأطرش وسامية جمال .. ومع بركات قدمت آخر فيلم لها في مصر وهو حكم الزمان عام 1953
  تزوجت نور الهدى وتوقفت عن الغناء وبعد عودتها إلى لبنان عام 1958 قدمت فيلم "لمن تشرق الشمس" مع المخرج جوزيف فهيدة .. وتظل نور الهدى تمثل في السينما المصرية تجربة فنية لم تكتمل ولم تستمر طويلا، وكان من الممكن أن تعتزل السينما فقط وتستمر في الغناء خاصة أنها تعاملت مع كبار الملحنين مثل عبدالوهاب والسنباطي والقصبجي وفريد الأطرش وزكريا أحمد، ولكن بعودتها إلى لبنان لم تستكمل مشروعها الفني.
عبد القادر التلمساني
نأتي إلى مئوية ميلاد المخرج الراحل عبد القادر التلمساني "1924 – 2003" وللأسف لم يتذكره أحد سوى مهرجان الإسماعيلية الدولي للسينما التسجيلية برئاسة الناقد عصام زكريا، الذي عرض مجموعة من أفلام عبد القادر التلمساني ونشر كتابا عن حياته وأعماله بقلم ابنته الأديبة مي التلمساني .. والحقيقة أن عبد القادر التلمساني من رواد مانعرفه الآن بالسينما الوثائقية وكان المخرج الراحل أحمد كامل مرسي يطلق على تلك النوعية "أفلام المعرفة" وهو تعبير دقيق لأن نشر المعرفة هو الهدف الأسمى لهذه الأفلام، وعبد القادر التلمساني ترك دراسته في قسم الفلسفة بكلية الآداب بالقاهرة من أجل دراسة السينما في فرنسا ثلاث سنوات في معهد الإيديك ثم عامين في "معهد الفيلمولوجيا" بجامعة السوربون وبعد عودته عام 1958 عمل ككاتب ومثقف موسوعي يكتب في الصحافة ثم يكتب برامج وتمثيليات للاذاعة ويبدأ في التليفزيون مع شقيقه حسن التلمساني طوال سنوات الستينيات يكتب عددا كبيرا من المسلسلات والأفلام التسجيلية التي سوف تصبح نواة السينما الوثائقية كما نعرفها اليوم، ويقوم مع حسن التلمساني وشقيقهما الأكبر المخرج كامل التلمساني الذي عاش سنواته الأخيرة في بيروت بتأسيس "شركة أفلام التلمساني إخوان" ومن أفلامه: "الإخوان الصديقان" و"سر السعادة الزوجية" ومسلسل "بنك القلق" عن مسرحية توفيق الحكيم وغير ذلك من الأعمال.
 مارسيلو ماستروياني
ومن نجوم العالم تمر مئوية ميلاد الممثل الإيطالي مارسيلو ماستروياني المولود في "فونتانا ليري" بإيطاليا عام 1924، ثم سرعان ما انتقلت عائلته إلى "تورينو" ثم "روما" .. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية تم القبض عليه وأودع في معسكر ألماني، لكنه تمكن من الفرار والاختباء في فينسيا. ظهر لأول مرة في الأفلام ككومبارس في فيلم  "ماريونيت" عام 1939، وفي روما انضم إلى "نادي الدراما" حيث اكتشفه المخرج لوكينو فيسكونتي .. وفي عام 1957 أعطاه فيسكونتي الدور الرئيسي في فيلم "الليالي البيضاء"  المقتبس عن رواية فيودور دوستويفسكي .. لكن انطلاقته الحقيقية جاءت في عام 1960، عندما اختاره فيديريكو فيلليني كصحفي من سكان روما الأثرياء في فيلم "الحياة حلوة" 1960.. سيعمل مرة أخرى مع فيليني في العديد من الأفلام الرئيسية مثل الفيلم الرائع "ثمانية ونصف" عام 1963 ، ظهر أيضًا كروائي يعاني من مشاكل زوجية في فيلم "الأجندة" عام 1961 لمايكل أنجلو أنطونيوني، كما عمل مع الأخوين باولو وفيتوريو تافياني عام 1974 .. وقام بدور شاب حساس يقع في حب ربة منزل في فيلم "يوم خاص" عام 1977 لإيتوري سكولا. وتم ترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل ثلاث مرات ..ويعتبر ماستروياني أبرز ممثلي موجة الواقعية الإيطالية الجديدة التي ظهرت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية واستمرت عشرين عاما، كان ماستروياني على القمة في تلك الموجة وهو يمثل الشاب الإيطالي الشريف الذي يواجه واقعا مترديا .. أحيانا ينتصر على هذا الواقع وأحيانا أخرى يبدو مهزوما، وخلال العقد الأخير من حياته عمل مع مخرجين مثل أنجيلوبولوس، وبرتراند بلير، وراؤول رويز، الذين أعطوه ثلاثة أدوار ممتازة في فيلم "ثلاث حيوات وموت واحد" 1992.
مارلون براندو
كذلك احتفل العالم بمئوية ميلاد النجم الأمريكي مارلون براندو وهو من أشهر الممثلين الذين عرفتهم السينما العالمية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقد أدّى دور البطولة في أكثر من 40 فيلماً ومن أشهر أدواره زعيم المافيا الشهير "دون كورليوني" في فيلم "الأب الروحي" للمخرج فرنسيس فورد كوبولا عام 1972، الذي يُعدّ من كلاسيكيات السينما الأمريكية  .. قال أنه لم يستمتع أبداً بالتمثيل لكنه كان واحداً من أكثر الفنانين تأثيراً في جيله.
وُلد براندو في 3 أبريل من عام 1924 بولاية نبراسكا، لتاجر كان يسافر طيلة الوقت، وممثلة مسرح كانت تغيب كثيراً عن المنزل، ما خلق لديه منذ طفولته رغبة بالتمردّ انتقل في التاسعة عشر من عمره إلى مدينة نيويورك، حيث درس التمثيل على يد "ستيلا أدلر" في ورشة العمل الدرامية. وقد ساعدت "أدلر" الممثل الشاب على تطوير الأسلوب الذي اشتهر به فيما بعد .. كان عمره 23 عاماً عندما حصل على دور ستانلي كوالسكي في مسرحية "عربة اسمها الرغبة" في برودواي.
في عام 1950 بدأت مسيرته السينمائية وكان أول أفلامه فيلم "الرجال" وتعددت أدوار براندو بعد ذلك لتشمل علامات سينمائية في تاريخه من بينها "تمرد على السفينة باونتي"، و"التانغو الأخير في باريس"، و"يوليوس قيصر".
وحصل براندو على جائزة الأوسكار مرتين خلال مشواره الفني، وكانت المرة الأولى عن فيلم "ووتر فرونت" عام 1954 والذي لعب فيه دور ملاكم ، أما المرة الثانية فكانت في عام 1972 عن الجزء الأول من فيلم "الأب الروحي". وقد رفض تسلم الأوسكار وبدلاً من ذلك أدلى ببيان سياسي وأرسل شابة من السكان الأصليين في الولايات المتحدة لتعلن رفضه للجائزة، ومناهضته للصورة النمطية التي يظهر بها السكان الأصليون لأمريكا في السينما الأمريكية.
وكان آخر فيلم شارك براندو ببطولته فيلم "الهدف" مع روبرت دي نيرو عام 2002.
راج كابور
واحتفلت الهند هذا العام بمئوية ميلاد النجم الشهير راج كابور أحد أعظم الممثلين وصناع الأفلام وأكثرهم تأثيرًا في تاريخ السينما الهندية ويُشار إليه كأعظم فنان استعراضي في السينما الهندية كما أطلقوا عليه لقب شارلي شابلن السينما الهندية. 
وُلد راج كابور في بيشاور وقام ببطولة وإنتاج العديد من الأفلام التي حصل عنها على العديد من الجوائز، بما في ذلك ثلاث جوائز للفيلم الوطني و11 جائزة "فيلم فير" في الهند. تأثر يشخصية المتشرد التي قدمها شارلي شابلن ولعب شخصيات مستوحاة من أعماله .. حققت أفلامه نجاحًا تجاريًا عالميًا في أجزاء من آسيا والشرق الأوسط ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا واختارته مجلة تايم الامريكية عام 2005 كواحد من أفضل عشرة ممثلين للسينما الاستعراضية في العالم، ونافس على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان الفرنسي عامي 1951 و1955 وكرمته حكومة الهند بجائزة بادما بوشان في عام 1971 لمساهماته في الفنون ، كما منحته في عام 1988 أعلى جائزة فنية في الهند وهي جائزة داداساهيب فالكي.
 في عام 1964 عاد كابور إلى الإخراج بالدراما الموسيقية الرومانسية "سانجام" والتي شارك في بطولتها إلى جانب ريجندا كومار وكان هذا أول فيلم له يتم تصويره بالألوان. وسيكون الفيلم الأعلى ربحًا في مسيرته المهنية في تلك المرحلة، وتصل مدة عرض "سانجام" إلى 4 ساعات وكانت دور العرض المصرية تقدمه للجمهور على جزءين في حفلتين متتاليتين .. والفيلم عبارة عن ميلودراما رومانسية تحكي عن قصة حب تجمع بين فتاة وشابين من زملاء الدراسة سوندار "راج كابور" وجوبال "راجندرا كومار" والفتاة رادها "فيجايانتيمالا"، وبمرور الوقت يقع سوندار في حب رادها ولكنها تفضل جوبال الذي يحبها هو أيضا ولكن عندما يعترف له سوندار بحبه لرادها، يقرر جوبال أن يكتم حبه عن صديقه، وعن حبيبته. يلتحق سوندار بسلاح الجو الهندي ويتعرض لحادث ويعتقد الجميع وفاته ويعود بعد ذلك جوبال إلى حب رادها، ولكن سوندار ينجو من الحادث ويعود فجأة .. وهكذا تظل مشاعر الجمهور تتأرجح بين الشابين والفتاة حتى يقتل جوبال نفسه بسبب الشك القاتل في أن تكون زوجته على علاقة بصديق عمره سوندار.
ولا نملك سوى توجيه تحية حارة لكل النجوم الذين أسعدونا ومازالوا يسعدونا بعد 100 عام من ميلادهم.