الجامعة العربية تطلق كتاب "الرواية الفلسطينية.. مليون عام من التاريخ الحضاري"
أطلقت جامعة الدول العربية كتاب "الرواية الفلسطينية.. مليون عام من التاريخ الحضاري"، بحضور السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، نيابة عن الأمين العام أحمد أبو الغيط، ورئيس وزراء فلسطين السابق محمد اشتيه، والسفير الدكتور سعيد أبو علي الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة، وكبار مسؤولي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وقال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، إن الكتاب يعد عملا موسوعيا جبارا، وعندما تم الاطلاع على المشروع والفكرة وجدناها ممتازة ومطلوبة لأن كتابة التاريخ في حالة مثل القضية الفلسطينية يعد أمرا مهما جدا خاصة في الوقت الذي ينشط فيه الطرف الآخر(الاحتلال الإسرائيلي) في كتابة التاريخ و فرض عناصر ومعلومات مغلوطة.
وأضاف السفير حسام زكي أن أهمية هذا الكتاب تنبع من كونه خطوة تواجه مخطط الاحتلال الإسرائيلي الهادف لتغيير وتزييف التاريخ، حيث يقوم المحتل بدفع أموال كثيرة لتغيير التاريخ وإعادة صياغته على هواه بشكل مغلوط.
وتابع أنه يتوجب علينا وجود رواية فلسطينية كاملة وصلبة ومتفق عليها يتم توزيعها على العالم، مشيرا إلى أنه لم يعد مجديا الاكتفاء بتسويق فكرة أن الفلسطينيين هم أصحاب الحق والأرض فقط، بل نحتاج إلى تعزيز ذلك بالبراهين والأدلة التاريخية والموثقة.
ولفت إلى أن هذا الكتاب يلخص فكرة وجود رواية فلسطينية صلبة وثرية تستعرض تاريخ فلسطين وعلاقته بهذه الأرض.
ونوه إلى أن هناك العديد من الجهات التي اجتهدت في هذا الإطار وقدمت روايات كثيرة، ولكن وجود هذا الكتاب بالشكل الذي تمت صياغته هو دليل ملموس وواضح على صلابة الرواية الفلسطينية فيما يتعلق بصلة الشعب بالأرض.
من جهته.. قال الدكتور محمد اشتية رئيس وزراء فلسطين السابق ، إن الكتاب به ١٠٠٠ صفحة شارك فيه ٤٠ باحثا فلسطينيا إظهار الرواية الفلسطينية للعالم من خلال براهين وأدلة.
وأوضح اشتيه أن الجامعة العربية حمت تاريخ الدول العربية.. و نحن أمام حروب متنوعة مثل الحرب على الجغرافيا والمال والرواية، موضحا ان الفلسطينيين يعيشون اليوم ظرفا استثنائيا.
و وصف اشتيه الكتاب بانه إعجاز شارك فيه باحثون من جميع أنحاء فلسطين وأن هذا الكتاب سيعرض في كامبرديج، مضيفا: " نحن لدينا ما نقوله في التاريخ والجغرافيا".
بدوره، قال السفير مهند العكلوك المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية إن إسرائيل، قوة الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية، جربت كل أنواع الجرائم للقضاء على الشعب الفلسطيني، وقتله وحصاره وتجويعه وتهجيره من أرضه، وحاولت عبثاً محو هويته العربية، والسطو على ممتلكاته وروايته وإرثه الحضاري، لكنها فشلت على مدار 80 عاماً من جرائمها في اجتثاث الشعب الفلسطيني، لأن جذوره الضاربة في أرضه وبيئته، عميقاً، أكبر وأعظم وأطول من سيقان الاحتلال الإسرائيلي التي تطاولت فوق الأرض العربية .
وأضاف العكلوك: "وها نحن اليوم، بعد ثمانية عقود من التطهير العرقي الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، و 431 يوماً من أبشع جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، نطلق من جامعة الدول العربية، ومن القاهرة، كتاباً مختصراً بألف صفحة فقط، يروي حكياتنا الممتدة في أرضنا على مدار آلاف السنين".
واشار إلى أن الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على الإنسان والشعب الفلسطيني لا تستهدف الاستيلاء على أرضه وثرواته الطبيعية وممتلكاته المادية فقط، بل تستهدف أيضا الذاكرة الجمعية لشعبنا، وتدمير كل ما يشهد على وجوده وارتباطه بالأرض، بما في ذلك الرواية والسردية الفلسطينية، ولذلك فإن إسرائيل تشن حربها على المباني التاريخية والمواقع الأثرية والمتاحف والمساجد والكنائس التاريخية، وكذلك المؤسسات الثقافية من مراكز ومسارح ودور نشر ومكتبات عامة وجامعات ومدارس وجداريات فنية، ومعها تغتال العلماء والشعراء والكتاب والفنانين.
وذكر أن إسرائيل عدوها الكتاب والمدرسة والجامعة والمتحف الفلسطيني، وهذه المحاولات الإسرائيلية لطمس الهوية الفلسطينية وإخفائها لم تبدأ قبل عام أو عامين، لكن العصابات الصهيونية قامت أثناء النكبة، وتحديداً بين عامي ١٩٤٧ و ۱۹٤٨ ، مع تهجير الشعب الفلسطيني، بسرقة 70 ألفاً من الكتب والمخطوطات في مدينة القدس وحدها، وأنصح بمشاهدة فيلم السرقة الكبرى للكتب الذي أنجزه المخرج اليهودي الإسرائيلي الهولندي بيني برونر، استناداً إلى ما كتبه الباحث الإسرائيلي غيش عميت.
واستطرد قائلا: "ونحن اليوم في حضرة مركز الأبحاث الفلسطيني، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي استهدفته إسرائيل عام 1982 ، أثناء اجتياحها لبيروت، وحاولت نسفه بعد أن سرقت كل كتبه ومنشوراته و مخطوطاته، وقتلت ثمانية شهداء من الباحثين والعملين فيه، ثم أعادت إسرائيل صاغرة كل كتب مركز الأبحاث الفلسطيني في صفقة تبادل أسرى عام 1983.
ولفت إلى أن المحاولات الإسرائيلية ما زالت مستمرة لتزوير أو تدمير الآثار العربية الفلسطينية وإخفائها عن الأنظار، بما يشمل النقوش الحجرية والمعدنية، وبما يشمل النمط المعماري الإسلامي، والثوب الفلسطيني المطرّز، والدبكة الفلسطينية، وحتى أنواع الأطعمة العربية والفلسطينية، لأن إسرائيل هي احتلال أجنبي غريب عن هذه الأرض، ليس له ثقافة موحدة ولا نمط عمراني موحد ببساطة لأنه أتى من ثقافات متعددة من دول متعددة، ولكل بلد آثارها وثقافتها وعمرانها، الذي وإن تشابه بإنسانيته أحياناً فإنه مختلف بالثقافة والتراث.
وابرز ان دولة فلسطين وبدعم من الدول العربية الشقيقة قامت بتسجيل عدد من عناصر التراث الثقافي غير المادي للشعب الفلسطيني في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، ومن بينها التطريز الفلسطيني الممارسات والمهارات والعادات المرتبطة به، والحكاية الفلسطينية، بالإضافة إلى تسجيل دول عربية، من بينها دولة فلسطين لعنصرين آخرين، وهو ما نخيل التمر، والخط العربي.
وقال: "نحن هنا اليوم أمام نضال ثقافي تاريخي حضاري من نوع مميز، وهو كتاب تاريخ و آثار فلسطين والذي عمل على إنجازه مركز الأبحاث الفلسطيني، بجهود 40 باحث متخصص، ونطلقه اليوم ليرى النور في أول محطة انطلاق في بيت العرب، جامعة الدول العربية.
واكد ان مجرى التاريخ، الذي لا تعرفه إسرائيل المصطنعة، هو قوة عظيمة من قوى الطبيعة، لا تبدده آلاف الأطنان من القنابل والمدافع والطائرات الأمريكية، ولا تقضي عليه مخططات الشر والاستعمار والفصل العنصري.
ونوه الى ان الشعب الفلسطيني الذي أتى من التاريخ، وقيدته إسرائيل بأغلال من عقد الماضي وجرائم لم يرتكبها، ذاهب نحو مستقبله وحريته مهما طال الزمن وتعاقبت الأجيال، لافتا الى ان هذا الشعب العربي الفلسطيني، صاحب الأرض والرواية والتراث والثقافة، لن يهزم أمام أعداء الإنسانية المتسلحين بالوحشية والعنصرية ونفاق العالم ومعاييره المزدوجة.