رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«نجيب بعيون سورية» يوثق لهرم إبداعي ستبقى جاذبيته وعمارته الفنية

11-12-2024 | 18:45


غلاف الكتاب

دعاء برعي

يقف القاصي والداني من أدباء ونقاد العالم على اختلاف انتماءاتهم وتحليلهم أمام سيرة أديب نوبل المصري نجيب محفوظ، موقف فخر وزهو لعلامة فارقة، وبصمة فاعلة في تاريخ الأدب العربي والعالمي.

والسوريون ممن تلقوا رواياته وأعماله وأثّرت في إبداعاتهم جزء لا يتجزأ من هؤلاء الأدباء، ويأتي ضمن أبرز ما ذكروا به أدب محفوظ الكتاب الوثائقي "نجيب بعيون سورية" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب في سوريا بمناسبة الذكرى الأولى لرحيله، والذي قدم له دكتور رياض نعسان آغا، وزير الثقافة السوري الأسبق، وحرره الناقد السوري والأستاذ الجامعي دكتور عبد الله أبو هيف، عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب.

 

ويعد الكتاب أحد أبرز الأعمال التوثيقية التي تهتم بأدب محفوظ وتقدمه من وجهة نظر كتّاب ومبدعين ونقاد سوريين واكبوا مسيرته الإبداعية التي بدأت بـ "عبث الأقدار" في 1939، وحتى "أصداء السيرة الذاتية" في 1997.

 

يلقي الكتاب الضوء على نظرة الأدباء السوريون لنجيب محفوظ، ومستويات التلقي لروياته وأعماله، ورؤاه الفنية ومواقفه الثقافية والسياسية والاجتماعية والحضارية.

 

ويلفت وزير الثقافة السوري الأسبق د. رياض نعسان آغا إلى ولعه بأعمال محفوظ في سن مبكرة، بعد تشجيع كل من أستاذيه جورج سالم، وجورج طرابيشي، على قراءتها، وأن هذا الولع دفعه إلى كتابة مقالة نقدية عن رواية "حضرة المحترم".

 

 يضم الكتاب أبحاثًا وشهادات مما كتب عن الأديب خلال الستة العقود الأخيرة بأقلام الكتاب السوريين الذين عنوا عناية فائقة بإبداعه على الدوام، وتوثيق هذه الكتابات المتناثرة في المجلات والكتب، والتي تنم عن آليات التلقي المختلفة لأدب محفوظ من قبل الأجيال والاتجاهات الفكرية والنقدية المختلفة في سوريا، ذلك في أربعة أقسام من الكتاب جاءت تحت عناوين "دراسات في الرواية والقصة"، و"نجيب محفوظ والسينما"، و"شهادات"، و"معلومات ووثائق".

 

تناول القسم الأول من الكتاب أقلام عدد كبير من النقاد والكتاب منهم جورج طرابيشي، ونبيل سليمان، والدكتور عبد النبي اصطيف، ومحمد كامل الخطيب، ومحمد عزام، والدكتور خليل الموسى، والدكتورة عزيزة مريدن، ورياض عصمت، وديب علي حسن، والدكتور ممدوح أبو الوي، وفاضل السباعي، وجورج سالم، والدكتور محمد رياض وتار، والدكتور فاروق إبراهيم المغربي وغيرهم.

 

فيما تناولت التحليلات والدراسات في القسم الأول بعض من روايات محفوظ منها: بداية ونهاية، وحديث الصباح والمساء، وثرثرة فوق النيل، وقلب الليل، وميرامار، والقاهرة الجديدة. كما توقف بعضها عند: التأملات الفكرية والفلسفية في روايات محفوظ، والمغامرة الروائية العربية: نجيب محفوظ أنموذجا، والصعود والسقوط في مسيرة البطل الفهلوي في أدب محفوظ، والرؤى الاجتماعية والفلسفية، وبعض المؤثرات بين دستويفسكي ومحفوظ .

 

يعيد كتابة تاريخ البشرية

ويأتي ضمن أهم ما قيل عن محفوظ في هذا الكتاب وجاء تحت عنوان "نجيب محفوظ يعيد كتابة تاريخ البشرية" هو تأكيد جورج طرابيشي أن ما أراده محفوظ في "أولاد حارتنا" هي إعادة كتابة تاريخ البشرية منذ أن وجد في الكون الإنسان الأول، وهذا لا يعني أنه استحال إلى مجرد مؤرخ، بل ظل كما في سائر أعماله روائيًا مؤرخًا، فهو لا يعنى بتقديم العالم الموضوعي إنما بتقديم العالم الذاتي، وبعد تحليل مفصل لأحداث "أولاد حارتنا" يخلص طرابيشي إلى القول بما معناه أن قصة هذه الرواية هي قصة البشرية التي عانت منذ أن كانت من العذاب والاضطهاد ما لا يمكن حصره في صفحات أي سفر مهما كبر وتعدّدت مجلداته، وهذه البشرية هي نفسها التي لم تيأس كما لم ييأس آدم من الرجوع إلى الجنة.

 

ويوضح عبد النبي اصطيف أن أهمية محفوظ تكمن في استطاعته إقناع القارئ العربي، والعالمي أن روايته لتاريخ مدينته وبلده هي الجديرة بالقراءة دون غيرها، لأنها تجمع بين المتعة والفائدة، والإقناع عن طريق الفن ليس سهلًا.

 

ويخلص اصطيف إلى أن أهم ما أنجزه محفوظ أنه وضع الرواية العربية على خارطة الرواية العالمية في القرن العشرين وأسهم في نشر الأدب العربي من خلال الترجمات، وهذا دليل على أن هذا الأدب حيّ وليس فقط أدبًا قديمًا.

 

وتحدث في القسم الثاني محمد عبيدو، ومحمد قاسم الخليل عن أهمية نجيب محفوظ في السينما، متضمنًا "فيلمو جرافيا" بالأعمال والسيناريوهات التي أعدها محفوظ للسينما.

 

فيما تناول القسم الثالث من الكتاب عددًا لا يستهان به من شهادات النقاد والمبدعين في نجيب محفوظ وأدبه، شارك فيها وليد إخلاصي، وحنا مينة، وغادة السمان، وخيري الذهبي، والدكتور نضال الصالح، وفيصل خرتش، وأنيسة عبود، وجمال عبود، وجهاد عطا نعيسة، وحسن م. يوسف، والدكتور حسين جمعة، وعادل أبو شنب، والدكتور غسان الرفاعي، وغازي حسين العلي، وممدوح عزام، والدكتور نوفل نيوف، ووليد معماري، وهيفاء بيطار وغيرهم.

 

وترى الشهادات التي تناولها الكتاب من منجز سردي لمحفوظ نقلة جذرية بين عصرين من الكتابة، وتلفت إلى الجوانب الشخصية العصامية التي ساعدته على إنجاز مشروعه الأدبي، والذي ترى فيه هرمًا إبداعيًا حقيقيًا سيظل محتفظًا بجاذبيته وعمارته الفنية البديعة.

 

فخ البساطة المذهلة

وتحت عنوان: "فخ البساطة المذهلة" يشير وليد إخلاصي إلى أن عبقرية محفوظ تتجاوز إمكانات الحكاية العربية في بداياتها، مرورا بتأثراتها بالتجارب الغربية وغيرها من تجارب أخرى، لتصبح واحدة من أخطر علامات التأصيل للإبداع العربي.

 

ويستعرض دكتور عبد الله أبو هيف في القسم الرابع من الكتاب المعلومات والوثاق المتعلقة بمحفوظ وسيرته الذاتية والجوائز التي حصل عليها، وكلمته أمام لجنة جائزة نوبل، وبليوجرافيا الدراسات والأبحاث والمقالات التي كتبها السوريون في أدبه.

 

 

صدر للدكتور عبد الله أبو هيف كتب عديدة منها "التأسيس ـمقالات في المسرح السوري"، و"فكرة القصة"، و"أدب الأطفال نظرياً وتطبيقياً"، و"الأدب العربي وتحديات الحداثة"، و"الأدب والتغيّر الاجتماعي في سوريا"، و"عن التقاليد والتحديث في القصة العربية"، و"القصة العربية الحديثة والغرب"، و"اتجاهات النقد الروائي في سوريا".