مؤتمر عربي يدعو لوضع استراتيجيات وطنية شاملة لتبني الذكاء الاصطناعي في النظم الصحية
أوصى المؤتمر العربي الـ23 للأساليب الحديثة في إدارة المستشفيات بأن تكون المنظمة العربية للتنمية الإدارية منبرًا لتعزيز الابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي من خلال تبادل المعارف وتيسير الحوار الإقليمي وبناء القدرات، وعقد ورش عمل تدريبية متخصصة.
جاء ذلك في توصيات صدرت عن المؤتمر خلال ختام فعالياته اليوم الأربعاء، حيث انطلق أمس تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي: الأبعاد والتحديات" برعاية الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان، وبالتعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، وبشراكة استراتيجية مع شركة المواساة للخدمات الطبية وبمشاركة أكثر من 200 مُشارك من مصر و15 دولة عربية.
ودعا المؤتمر - الذي تنظمه المنظمة العربية للتنمية الإدارية - الدول العربية إلى وضع استراتيجيات وطنية شاملة لتبني وتطوير الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، وتطوير خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد؛ لتحقيق الدمج الفعال للذكاء الاصطناعي في النظم الصحية، وإنشاء مراكز أبحاث متخصصة في الذكاء الاصطناعي بالمجال الصحي لدعم الابتكار والتطوير.
وأوصى بالعمل على تطوير التشريعات والتنظيمات الصحية بما يحقق وضع معايير واضحة لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصحة تضمن السلامة والفعالية، وحماية خصوصية بيانات المرضى، وتعزيز التدابير الأمنية وبرامج الأمن السيبراني لحماية البيانات الصحية من الهجمات الإلكترونية.
كما أوصى بتعزيز التعليم والتدريب وبناء القدرات من خلال إنشاء برامج تعليمية وتدريبية في مجالات الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي؛ لتمكين الجيل القادم من الأطباء والمهندسين، وتعزيز الشراكات الأكاديمية والتعاون بين الجامعات والمراكز البحثية في الدول العربية مع المؤسسات العالمية لتبادل المعرفة والخبرات.
وحث المؤتمر، الدول العربية على توفير التمويل اللازم لتعزيز الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية وتطويرها لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصحة، وتحديث أنظمة المعلومات الصحية لتكون قادرة على التعامل مع البيانات الضخمة والتقنيات الحديثة.
كما دعا إلى تعزيز البحث العلمي والتطوير والابتكار من خلال إنشاء مراكز أبحاث متخصصة بالذكاء الاصطناعي بالمجال الصحي لدعم الابتكار والتطوير، ودعم المشروعات البحثية المشتركة بين الدول العربية لتبادل الخبرات والمعرفة، وتقديم منح وتمويل للأبحاث المبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي لتطوير حلول جديدة وفعالة.
واقترح تنظيم مسابقات ومبادرات تحفز الابتكار بمجال الذكاء الاصطناعي الصحي بالتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية المحلية والدولية المتميزة، داعيًا إلى التعامل مع التحديات الأخلاقية من خلال وضع إرشادات وقواعد أخلاقية ومواثيق شرف لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي، والعمل على تعزيز الوعي لدى الممارسين الصحيين بالتحديات الأخلاقية وكيفية الحد منها.
وطالب المؤتمر بتشجيع التعاون بين القطاع العام والخاص من خلال بناء شراكات لتطوير وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي بالمجال الصحي، وإيجاد آليات وبرامج لتمويل ودعم الشركات الناشئة التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي الصحي، ودعم حاضنات الأعمال والمسرعات التي تركز على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي في الصحة.
كما دعا إلى تطوير حلول رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتعزيز خدمات التطبيب عن بُعد لتحسين الوصول للرعاية الصحية في المناطق النائية، وأوصى بدعم البحث والتطوير في مجالات الرعاية الصحية الأولية والصحة الوقائية من خلال تشجيع استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين أدوات التشخيص الأولي وتطوير أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقييم عوامل خطورة الإصابة بالأمراض المزمنة للمساهمة في الوقاية منها.
وطالب المؤتمر أيضًا بتطوير البنية التحتية للبيانات وصولًا إلى قواعد بيانات صحية كبيرة ودقيقة وموحدة ومتاحة للباحثين والأطباء لتحليل البيانات واستخدامها في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، مع العمل على تعزيز التعاون بين المؤسسات الصحية لتبادل البيانات الصحية بشكل آمن وفعّال.
ودعا إلى العمل على إقامة شراكات مع المؤسسات الدولية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي للاستفادة من خبراتهم وتبادل المعرفة، مع الحرص على تنظيم والمشاركة في المؤتمرات والمنتديات الدولية لمواكبة أحدث التطورات والابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي الصحي.
واقترح تنظيم حملات توعية مجتمعية لشرح فوائد الذكاء الاصطناعي في الصحة وزيادة قبول المجتمع لاستخدام التكنولوجيا، وتعزيز الحوار مع المرضى لجمع ملاحظاتهم واستفساراتهم والاستفادة من مقترحاتهم حولتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية.
ودعا المؤتمر - أيضًا - إلى وضع آليات رقابية لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحة وضمان جودته وفعاليته وإنشاء آليات لمتابعة وتقييم تأثير تطبيقات الذكاء الاصطناعي على جودة الرعاية الصحية وتحسينها بمرور الوقت، مع إيجاد آليات قوية وواضحة لجمع وتحليل التغذية الراجعة من المرضى والممارسين الصحيين لتطوير وتحسين التطبيقات.
وحث الدول العربية على التعاون لإنشاء منصة عربية لبناء قواعد بيانات عربية لتغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك البيانات الخاصة بالجينات والعادات الصحية العربية والعادات والثقافات الصحية العربية؛ لضمان تناسب الخوارزميات الخاصة بالذكاء الاصطناعي مع احتياجات لمواطن العربي.
وأوصى أيضًا بإطلاق جائزة سنوية باسم الأستاذ محمد بن سليمان السليم، للتميز في القطاع الصحي؛ تخليدًا لذكرى الفقيد وتقديرًا لجهوده على أن يتم تشكيل مجلس لأمناء الجائزة وفريق إدارتها، وفئات الجائزة المؤسسية والفردية، بالتنسيق بين المنظمة العربية للتنمية الإدارية وشركة المواساة للخدمات الطبية، والإعلان عنها في أقرب فرصة ممكنة، ليتم تكريم الفائزين في النسخة القادمة من المؤتمر.
يشار إلى أن المؤتمر العربي الـ23 للأساليب الحديثة في إدارة المستشفيات تضمن خمس جلسات تحدَّث خلالها 20 خبيرًا من القامات العلمية العربية رفيعة المستوى والمتخصصة في موضوعات المؤتمر، وذلك في إطار حرص المنظمة العربية للتنمية الإدارية، على استمرار مسيرة انعقاده في هذا التوقيت من كل عام منذ 22 عامًا.
وقد تم خلال جلسات المؤتمر، تسليط الضوء على آليات دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية، ومدى قدرتها على تقديم خدمات صحية مبتكرة، ورسم ملامح مستقبل الرعاية الصحية بالدول العربية، مع عرض الأبعاد المختلفة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، والتحديات والمخاطر المتعلقة باستخدام تلك التطبيقات.