«الإخوان الإرهابية».. الحاضنة التي خرجت منها جميع التنظيمات المتطرفة
لعقود من الزمن، كانت جماعة الإخوان الإرهابية الحاضنة والعباءة التي خرجت منها الجماعات المتطرفة التي هددت المنطقة والعالم، بدءًا من تنظيم القاعدة وحتى "داعش" وغيرهما الكثير من التنظيمات التي تسترت تحت عباءة الإسلام لتبرير ما تقوم به من أعمال عنف وإرهاب، وخاصة خلال السنوات الماضية في أنحاء ودول عربية متفرقة.
وشكل النتاج الفكري لجماعة الإخوان، الأساس الذي انطلقت منه كل جماعات التطرف والإرهاب، والتي تشبعت بالفكر نفسه الذي يتبناه الإخوان وقادة التنظيم الإرهابي على مر التاريخ.
ويقول اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، إن تنظيم الإخوان كان المنبع الذي خرج منه الجماعات الإرهابية المختلفة خلال السنوات الماضية، ومن أبرزها تنظيم القاعدة والذي تفرع منه تنظيم داعش الإرهابي وما تلاه من جماعات متطرفة وإرهابية، مثل جبهة النصرة وتحرير الشام وغيرها من الجماعات.
وأوضح العمدة في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذه الجماعات ومنها تنظيم القاعدة تأسس في مرحلة ما قبل انهيار الاتحاد السوفييتي، وكان له دور في إسقاطه برعاية أمريكية، وبعدها انتقل التنظيم إلى العراق أثناء إسقاطها قبل 21 عامًا، وولد تنظيم داعش الإرهابي في هذه الأثناء من خلال تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أولا بقيادة أبو مصعب الزرقاوي وتطور الموقف بمرور السنوات وزادت حدة وسطوة الزرقاوي في قيادته للجيش العراقي المنسحب في هذه الفترة وتحول لمدنيين إثر دخول القوات الأمريكية للعراق.
وأشار إلى أنه بعد استهداف الزرقاوي وقتله من قبل من صنعه، تحول التنظيم إلى "داعش"، وهو ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في يونيو 2013، وكان الهدف هو إزكاء فكرة الدولة الإسلامية في العراق والشام، وأكد دونالد ترامب الرئيس الأمريكي في أثناء مناظرته في 2016، لهيلاري كلينتون التي كانت مرشحة للرئاسة حينها أن من صنع "داعش" هو أوباما وشريكته هيلاري كلينتون.
وأضاف أن الأمر استمر وتشكلت قوات التحالف الدولي للقضاء على داعش، وبينما كان الطيار الأردني معاذ الكساسبة يشارك في الغارات لضرب التنظيم شاهد الطائرات الأمريكية تلقي المؤن والعتاد لمنطقة التنظيم، وبعدها تم إسقاطه بصاروخ وسقط أسيرًا في يد أعضاء التنظيم الإرهابي، وأعدموه حرقا بالبنزين وهو حي بعد سجنه في أحد الأقفاص، وتوالت الأمور واندثر تنظيم داعش بعد استهداف أبو بكر البغدادي قائد التنظيم وقتله من قبل القوات الأمريكية في إحدى الغارات بعد اكتشافه من قبل المخابرات العراقية.
وشدد عادل العمدة، على أن بداية تكوين تنظيم القاعدة هي تنظيم الإخوان الإرهابي، وتشكل تحت راية الجهاد تحت مسمى الجهاد ضد الإلحاد، موضحًا أن التنظيمات الإرهابية لن تعود مرة أخرى في المنطقة لأنهم أدوات في يد الجهات التي صنعتهم وعندما ينتهي دورهم سيتم التخلص منهم.
وقال الدكتور أحمد كامل البحيري، المحلل السياسي، إن هناك رابطًا رئيسيًا بين الجماعات الإرهابية وتنظيم الإخوان، ففي رسائل التعليم لمؤسس الجماعة الإرهابية حسن البنا، في الثلاثينيات من القرن الماضي، سئل عن الحكم وهل هو أصل من أصول الدين أو فرع من فروعه، وكانت إجابته هي أن الحكم من أصول الدين، رغم أنه لم يكن في أي لحظة من اللحظات أصلا في الدين طبقا للمذاهب الفقهية السنية الأربعة، فالمذهب الوحيد الذي يعتبر الحكم أصلا في الدين هو المذهب الشيعي الجعفري الإثنى عشري.
وأوضح البحيري، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه وفقا لهذا المبدأ الذي قاله حسن البنا، فإن الخلاف على الحكم يخرج من الملة فيؤدي للتكفير، لكن عندما يكون الحكم فرعا فالخلاف عليه لا يؤدي للتكفير، لذلك فإن من وضع اللبنة الأولى لمفهوم الحاكمية والحكم والذي أدى لتأصيل هذا المبدأ والذي اعتمدت عليه التنظيمات الإرهابية في عملية تكفيرها للآخرين، كلمة قالها حسن البنا مخالفة لما اتفق عليه السلف والمذاهب السنية على مدار أكثر من 1400 سنة منذ ظهور الرسالة باستثناء الجعفري الإثنى عشري.
وأشار البحيري إلى أن هذا رابط فقهي أساسي يوضح كيف ارتبطت الأفكار الحاكمية والتكفير ببعضها، ومن كان السبب في هذا الربط الرئيسي، كذلك على المستوى التنظيمي فهناك رابط بين الجماعة والتنظيمات الإرهابية المتطرفة التي ظهرت طوال السنوات والعقود الماضية، فهناك العديد من عناصر التنظيمات الإرهابية وقادتها في مراحل مختلفة كانوا أعضاء في تنظيم الإخوان.
وشدد على أن تنظيم داعش على سبيل المثال يكفر تنظيم الإخوان، فهذا لا يعني وجود علاقة وظيفية بين هذه التنظيمات الإرهابية مثل داعش والإخوان والقاعدة، لكن هناك سبب للتواجد وبذرة مشتركة سواء على المستوى الفكري أو العناصر التي كانت فاعلة في نشأة بعض التنظيمات خرجت من عباءة جماعة الإخوان.
ولفت إلى أن هناك الكثير من هؤلاء القادة من بينهم عبد الله عزام، الفلسطيني الأردني، وأيمن الظواهري، وغيرهما الكثير من القادة الذين مروا على الجماعة في أوقات من حياتهم قبل انضمامهم للتنظيمات الأخرى مثل داعش أو القاعدة فيما بعد، مشددًا على أن هذه التنظيمات بأفرعها المختلفة لا تزال موجودة وفاعلة وتقوم بعمليات لإعادة التموضع والتمركز، وقد تصبح أكثر نشاطًا في المرحلة المقبلة نتيجة ما يشهده الإقليم من حالة اضطراب.