رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مؤسس الثقافة الأخلاقية الألمانية.. الشاعر الفيلسوف كرستيان جيلرت

12-12-2024 | 18:18


كرستيان جيلرت

دعاء برعي

الأديب والفيلسوف الألماني كرستيان فورشتيجوت جيلرت، فيلسوف أخلاقي من عصر التنوير، وواحد من أكثر الكتاب المقروئين في عصره والمؤثرين على معاصريه.

ولد في 4 يوليو 1715 في هاينيشن، وعلى الرغم من نشأته في ظروف فقيرة في هاينيشن بزاكسن استطاع أن يلتحق بمدرسة سانت أفرا الأميرية في مايسن عام 1729  

درس التاريخ والأدب والفلسفة في جامعة لايبزج بين 1934 و1938 ثم توقف عن الدراسة لقلة ماله، وعمل واعظًا ثم مدرسًا منزليًا لدى أسرة الأمير فون لوتيشاو، ونشر أولى قصائده بعنوان "أودة إلى مروج اليوم في روسيا" وهي من شعر المناسبات، واطلع على الأدبين الفرنسي والإنجليزي، واستطاع أن ينهى دراسته في سنة 1744 برسالة دكتوراة حول نظرية وتاريخ الفابولا.

وعلى الرغم من رغبة جيلرت في أن يصبح قسيسًا لكنه وجد في الأدب إمكانية أن يصبح معلمًا، وقد تعرف وهو طالبًا في مايسن على جوتليب فيلهلم رابينر الذي أصبح كاتبًا ساخرًا فيما بعد، ثم تعرف وهو في جامعة لايبزج على الأخوين شليجل والشاعر جلايم، واستمرت صداقتهم طيلة حياته، وكانوا رفقاءه في أعماله العلمية والأدبية.

 

حياته الأدبية

بدأ جيلرت نشر أعماله الأدبية في أثناء فترة الدراسة، وبلغ إنتاجه ذروته بين عامي 1740 – 1750، وتعد أعماله، وخاصة فابولاته، في الفترة بين التنوير والحساسية والعاصفة والاندفاع من أكثر الأعمال التي قرأت في ألمانيا.

 وساهم جيلرت في بناء جمهور قارئ كبير في ألمانيا، ومهد الطريق لأدباء الأجيال التالية.

وربطت أعماله بين الأغراض التعليمية والأخلاقية وبين التسلية الفكرية، وكتب في كل الأجناس الأدبية وأضاف إليها روحًا جديدة.

كما أنه لأعمال جيلرت اليد الأولى في أن تصبح الفابولات من أكثر الأجناس الأدبية شعبية بين القراء الألمان. وتعد رايته "حياة الدوقة السويدية فون جيم" أولى الروايات البرجوازية، وبفضله أصبحت الرواية جنسًا أدبيًا راقيًا بعد أن عانت التجاهل والإهمال، وساهم في معالجاته لفن كتابة الخطاب في وضع مبادئ أسلوبية وهي الطبيعية والبساطة والوضوح.

كما تميزت مسرحياته الهزلية بإفساحها المجال لأول مرة لشخصيات برجوازية مع بيئتها بالظهور على المسارح، ورواية حياة الدوقة فون جيم تتخذ من الأخلاق البرجوازية موضوعًا لها، وكانت من روايات الرسائل الأولى في ألمانيا "قارن صوفيا فون لا روش"، و"تاريخ الآنسة فون شتيرنهايم".

أثنى الفيلسوف والكاتب المسرحي، والناقد الفني الألماني ليسنج على جيلرت فوصفه فيلاند بأنه "المفضل لديه"، فيما لحن له العديد من الملحنين الموسيقيين بعض أشعاره في كتاب "أغاني وأودات دينية" ومنهم كارل فيليب إيمانويل باخ، ويوزف هايدن، ولودفيج فان بيتهوفن.

كان جيلرت في أثناء حياته الأدبية بروفيسورًا، وشاعرًا محبوبًا بشكل غير عادي، ولم يتلق أي نقد يذكر، إلا بعد وفاته، فكتاب العاصفة والاندفاع حطوا من قيمته ووصفوه بأنه متوسط القيمة وأنه أديب ذو نظرة أخلاقية محدودة صارمة وأنه يكتب لتربية بنات قساوسة الريف.

 

اهتمام كبير بمحاضراته الفلسفية

بدأ جيلرت ألقاء محاضراته حول الشعر والفصاحة والأخلاق في 1745، وفي 1751 عين أستاذًا غير دائم في مادة الفلسفة وظل يعمل من حينها أستاذًا جامعيًا، ولاقت محاضراته حول الأخلاق اهتمامًا كبيرًا من معاصريه. وكانت من الأشياء المشهورة في الجامعة، وكانت القاعة التي يلقي فيها محاضراته مليئة عن آخرها، لكنه رفض كرسيًا دائمًا لتدريس الفلسفة في عام 1761 بسبب سوء صحته.

 

أعماله

وإلى جوار عمله الأدبي الشهير "فابولاته"، وقصصه ومعالجاته وأحاديثه ومحاضراته فقد نشر الراهبات التقيات "مسرحية هزلية 1745"، والراهبات الرقيقات "مسرحية هزلية 1747"، وحياة الدوقة السويدية جيم "روايو رسائل"، وأغاني دينية 1757، وأفكار عن خطاب ألماني جيد 1742، وأغاني 1743، والرابطة "مسرحية رعاة 1744"، وسيلفيا 1745، والمرأة المريضة "مسرحية هزلية 1746"، وفابولات وقصص "في جزأين 1746 – 1748"، والنبوءة "مسرحية غنائية لحنها يوهان آدم هيلر 1753"، وقصائد تعليمية وقصص 1754، ومجموعة كتابات متفرقة 1756، وقصص غير مكتملة من حياتي 1760، ومذكرات من العام 1761، ومحاضرات أخلاقية 1770.

 

مؤسس الثقافة الأخلاقية الألمانية

وكان الشاعر وعالم الطبيعة جوته من بين المستمعين له، وقال عنه: "التمجيد والحب اللذان كان يتمتع بهما من جانب الشبان يفوقان التصور، وكنت أحضر له واستمعت له وأنا في قمة السعادة، كان ضئيل الجسم ممشوقًا غير نحيل، رقيقًا حزين العينين ذي جبين جميل، وفم دقيق ووجه بيضاوي مستحسن، فكان فيه كل شيء جعله مستلطفًا ومحبوبًا لدى الحاضرين له. وكان حرصه ضروريًا، فهو يقضي كل يومه في أن يكون الناس الذين يفكرون في الاقتراب منه، يستمعون له ويسعدون بحديثه".

ووصف جوته تعاليمه الأخلاقية في كتابه الشهير "الأدب والحقيقة" بأنها أساس للثقافة الأخلاقية الألمانية.

ووفق ما يراه جيلرت فإن المواطن المثالي الذي يجمع بين التنوير والحساسية في شخصيته، وتمثل قيم الحب والصداقة والتعاطف المرتبطة بالعقل الأسس الثابتة للحياة البشرية لدى جيلرت.

توفي الأديب والفيلسوف في 13 ديسمبر 1769 بلايبزج، ويعرف من خلال الكتب المدرسية بكاتب "فابولات".