«فؤاد قاعود.. فيلسوف شعر العامية المصرية» في مناقشات مؤتمر إقليم القاهرة الكبرى
أقيمت اليوم الجمعة بقصر ثقافة ببا ببني سويف، جلسة مناقشة كتاب «فؤاد قاعود.. فيلسوف شعر العامية المصرية»، ضمن فعاليات المؤتمر الأدبي الرابع والعشرين لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد تحت عنوان «الشعر والهوية»، دورة الشاعر الراحل فؤاد قاعود، الذي تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، ويترأسه دكتور أحمد سليمان، ويتولى أمانته الشاعر مجدى صالح محمد.
المؤتمر تنظمه هيئة قصور الثقافة، ويقام بإشراف إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، برئاسة لاميس الشرنوبي، وفرع ثقافة بني سويف، بالتعاون مع الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر دكتورمسعود شومان، والإدارة العامة للثقافة العامة، وتستمر فعالياته حتى غدا السبت.
أدار الجلسة الشاعر محمود الحلواني، بحضور نخبة من الأدباء والنقاد، لتسليط الضوء على الإرث الشعري والفكري لقاعود، الذي جمع بين الأصالة والتجديد، وترك بصمة لا تمحى في المشهد الأدبي المصري والعربي.
أشار الروائي والناقد أحمد عامر إلى أن ديوان «قلق الروح"، الصادر عام 1997، يعد شهادة حية على تجربة قاعود المتفردة في شعر العامية المصرية. حيث تناول الديوان قضايا وجودية واجتماعية من منظور ذاتي وجماعي، معتمدا على تقنيات فنية مبتكرة.
وشرح «عامر» كيف ارتكز الديوان على الذات الشاعرة كمحور للتأمل والانطلاق نحو المجتمع، كما أوضح أن البنية الفنية للديوان، التي اعتمدت على السرد والمونتاج الفني، جعلته متعدد المستويات وقابلا للتأويل، وفي هذا الإطار، أبرز قصيدة «الغريب" كنموذج لتداخل السرد مع العناصر الشعرية، ما جعلها تجربة تأملية عميقة.
كما تناول «عامر» التوظيف اللغوي في الديوان، حيث استخدم قاعود لغة عامية غنية بالتراكيب المبتكرة، مع تداخل واضح بين الكلمات العامية والفصحى، وأكد أن الديوان يُظهر تأثر قاعود بالتراث الشعبي من جهة، وبالحداثة الأدبية من جهة أخرى، ما أضفى على أعماله بُعدًا جماليًا وفلسفيًا عميقًا.
وفي دراسة بعنوان «المقامات القاعودية.. ومضات الوعي في ابتسامة على وجه حزين»، و تحدث "صالح»، عن تجربة قاعود في إحياء فن المقامة بأسلوب معاصر، موضحا أن قاعود استخدم هذا القالب الأدبي التراثي لتقديم قضايا اجتماعية وثقافية بأسلوب يجمع بين السخرية والنقد.
وأشار صالح إلى أن مقامات قاعود، مثل «المقامة التنويرية»، و«المقامة السينمائية» عالجت قضايا شائكة مثل الجهل والانتهازية والازدواجية الثقافية، بأسلوب ساخر، واستطاع قاعود أن يجعل من المقامة وسيلة للتأثير والتغيير الاجتماعي، بعيدًا عن الخطاب المباشر.
واختتمت الجلسة بدراسة قدمها الناقد والشاعر محمد علي عزب بعنوان «بلاغة السبك والحبك وجماليات الرمز في شعر فؤاد قاعود»، تناول بها الجوانب الجمالية والفكرية في شعر قاعود، موضحا كيف استطاع الأخير الجمع بين البساطة والإبداع من خلال بناء نصوص متماسكة ومترابطة.
وأبرز «عزب» قدرة قاعود على تطعيم العامية بمفردات فصيحة، ما أضاف لقصائده عمقا وجمالًا خاصًا، وأوضح أن قاعود لم يتخل عن الطابع الشعبي في نصوصه، لكنه جعله جزءا من تجربة فنية غنية تستند إلى رؤية إنسانية عميقة.
واختتم حديثه مؤكدا أن «قاعود» لم يكن مجرد شاعر عامية، بل كان نموذجا للشاعر الذي عبر بصدق عن واقع مجتمعه وهمومه، من خلال أعماله، التي جمعت بين النقد الاجتماعي والفلسفة والرمزية؛ حيث ترك قاعود إرثًا أدبيًا وثقافيًا يعد من العلامات البارزة في تاريخ الأدب المصري.