أكَّد الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين محمد عبد السلام، أن العالم يشهد اليوم العديد من الأزمات المتسارعة وغير مسبوقة في مجالات الأمن الغذائي ونقص المياه والزراعة، وذلك بسبب التداعيات المدمرة للتغير المناخي، مشيرًا إلى أن التصدي لهذه التحديات يتطلب تضافر الجهود كأفراد ومؤسسات، وتعزيز العمل المشترك الذي يجمع بين الرؤية المستقبليَّة والمسؤولية الأخلاقية لتأمين مستقبل أفضل وأكثر استدامة للإنسانية.
وقال عبدالسلام في كلمته خلال ندوة بعنوان:" نحو تحقيق الاستدامة.. تعزيز الارتباط الوثيق بين الأديان والقدرة على التكيف البيئي" التي نظمتها جمعية نهضة العلماء بإندونيسيا، أن الإسلام أبدى اهتماما عظيما بالبيئة، وجعل من حمايتها واجبا شرعيا وأخلاقيا وإنسانيا، مضيفًا أن تعزيز قيم الأخوة الإنسانية ليس مقتصرًا فقط على تحقيق التناغم بين البشر، بل يشمل أيضًا الحفاظ على التناغم والتوزان بين الإنسان والطبيعة وضمان الحفاظ على كوكب الأرض .
وأشاد بجهود جمعيَّة نهضة العلماء الرائدة والمتميزة، وأعضائها المنتشرين في ربوع إندونيسيا، الذين يتجاوز عددهم 100 مليون شخص وما يقدمونه من إسهامات إنسانيةٍ جليلةٍ، موضحًا أن تكريم جمعية نهضة العلماء إلى جانب جمعية المحمدية بجائزة زايد العالمية للأخوة الإنسانية العام الماضي، شكَّلَ لحظة فارقة واعترافًا دوليًّا مستحقًّا بجهود هاتين الجمعيتين في خدمة الإنسانية بمختلف مناحي الحياة .
وأضاف الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، أنَّ العام الماضي شَهِدَ نموذجًا رائدًا للتعاون بين قادة الأديان في مجال مواجهة قضية التغير المناخي، حينما اتَّحد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في توقيع وثيقة "نداء الضمير: بيان أبوظبي المشترك من أجل المناخ"، وافتتاح جناح الأديان في مؤتمر الأطراف COP28؛ الذي يُعَدُّ الأول من نوعه في تاريخ مؤتمرات الأطراف وشكَّلَ منصة عالمية جمعت بين قادة الأديان إلى جانب خبراء البيئة والأكاديميين وممثلي المجتمع المدني والشباب والمرأة والشعوب الأصلية لإيجاد حلول ملموسة وفعالة للتغير المناخي.
وأشار إلى أن مجلس حكماء المسلمين نظَّم هذا العام أيضًا جناح الأديان في مؤتمر الأطراف COP29، الذي هدف إلى البناء على ما تحقق في النسخة السابقة، وحشد المزيد من الأصوات الأخلاقية والروحية في خطوة تعكس أهمية إشراك المؤسسات الدينية في التصدي للتغير المناخي، انطلاقًا من دورها المؤثر في تشكيل الوعي وتحفيز العمل الجماعي لتحقيق التوازن بين الإنسان والطبيعة وضمان الحفاظ على كوكب الأرض.
وفي ختام كلمته، أعرب الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين عن تطلعه في تشكل هذه الندوة، بما تتضمنه من أنشطة وفعاليات كزراعة الأشجار، نموذجًا عمليًّا يجسد المسؤولية الإنسانية المشتركة المستندة إلى القيم الأخلاقية والمبادئ الروحية تجاه كوكب الأرض، مؤكدًا أن هذه الجهود بمثابة خطوات فعلية تحمل في طياتها رسالة أمل للأجيال القادمة بأننا نعمل بجد لضمان مستقبل أفضل لهم.