امتلاك القوة الشاملة.. كيف حققت مصر هذا المفهوم؟
على مدار السنوات عملت الدولة المصرية على تعزيز قوتها الشاملة، في ظل إقليم مليء بالتحديات والأزمات، فكانت التنمية الشاملة في كل المجالات لتحقيق تطلعات أبناء الشعب المصري نحو مستقبل أفضل، بجانب تعزيز القوة العسكرية، والدور الدبلوماسي الكبير لمؤسسات الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتبني الدولة لمرتكزات ثابتة في التعامل مع الأوضاع الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومستجداتها والأزمات في بعض الدول.
وفي كلمة سابقة له، أكد الرئيس السيسى، أن الأحداث المتلاحقة والأوضاع المضطربة التي تشهدها المنطقة تؤكد أن خيارنا للسلام العادل والمستدام يفرض علينا الاستمرار في بناء قدرات القوى الشاملة لصون وحماية الوطن، مع الاستمرار في جهود التنمية الشاملة للدولة.
عناصر القوة الشاملة
ويقول اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، إن مفهوم قوى الدولة الشاملة يشمل عدة عناصر رئيسية: القوة العسكرية، القوة السياسية، القوة الاقتصادية، القوة الناعمة، والقوة الشعبية، موضحا أن مصر اليوم، بفضل رؤيتها الاستراتيجية وقيادتها الحكيمة، نجحت في تحقيق هذه القوى في ظل التحديات الإقليمية الحالية.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه من حيث القوة العسكرية مصر تمتلك أقوى جيش عربي وأفريقي، والثاني في منطقة الشرق الأوسط، متفوقًا على العديد من الجيوش الإقليمية، مضيفا أن قوة الجيش تضمن الردع؛ بمعنى أن أي تهديد لأمننا يواجه بردع إيجابي عبر التدخل الفوري أو ردع سلبي بمعناه المعنوي، حيث يعلم الجميع أن جيش مصر قوي وقادر، ويظل نموذجًا للقوة والحفاظ على الأرض والسلاح.
وأضاف سمير فرج أنه من حيث القوة السياسية، تلعب مصر اليوم دورًا محوريًا في المنطقة، حيث لا يتم اتخاذ أي قرار إقليمي دون الرجوع إليها، مؤكدا أن القيادة السياسية تسعى دائمًا لحل النزاعات الإقليمية وتعزيز الاستقرار في المحيط الإقليمي، وهو ما اتضح في العديد من الأزمات وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ولفت إلى أنه من حيث القوة الشعبية، فالشعب المصري يعتبر داعمًا قويًا لدولته وجيشه، وهو عنصر أساسي في منظومة القوى الشاملة، مشيرا إلى أن وعي الشعب وإيمانه بقيادته وجيشه يعزز من استقرار البلاد ويزيد من قدرتها على مواجهة التحديات.
ومن حيث القوة الاقتصادية، أكد فرج أنه رغم التحديات الاقتصادية مثل ارتفاع الأسعار والتضخم، إلا أن الدولة قادرة على التعامل مع هذه الأوضاع بفاعلية، الإجراءات الاقتصادية الأخيرة مثل موافقة البنك الدولي على البرامج الاقتصادية تعكس مصداقية الدولة وقدرتها على تلبية احتياجاتها.
وشدد على أن رسائل الرئيس عبد الفتاح المستمرة للشعب تعكس أهمية الطمأنة والتواصل الصريح بشأن التحديات والإنجازات، مضيفا أن الشعب المصري له الحق في القلق عندما يرى أزمات مثل التي حدثت في دول أخرى، ومن المهم طمأنته، بأن لدينا جيش قوي، اقتصاد متماسك رغم التحديات، وقيادة واعية تعمل على حماية الوطن وضمان استقراره.
وأكد أن رؤية مصر تسير نحو تعزيز هذه القوى بشكل مستدام، لتظل نموذجًا للاستقرار والقوة وسط أجواء إقليمية شديدة التعقيد، مضيفا: "نحن نطمئن شعبنا بأن أمنه واستقراره هو أولويتنا القصوى، وبفضل هذا التعاون بين الشعب وقيادته، نواجه كل التحديات بثقة وثبات".
ركائز لاستقرار الدولة
واتفق معه، اللواء محمد زكي الألفي، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، فقال إن "قوة الدولة الشاملة تعتمد على خمسة عناصر رئيسية: القوة السياسية والأمنية، القوة الاقتصادية، القوة الدبلوماسية، القوة الاجتماعية، والقوة العسكرية، هذه الركائز تعمل معًا لتحقيق استقرار الدولة وتقدمها.
وأضاف في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن القوة السياسية والأمنية المصرية، تعتمد على وجود سياسة واضحة وشاملة تتسم بالشفافية مع جميع الأطراف، موضحا: "نحن لا نتدخل في شؤون الدول الأخرى إلا بطلب منها، ونقدم الدعم والمعاونة للدول الشقيقة للمساعدة في إزالة آثار الأزمات".
وأوضح أن القوة الاقتصادية هي الأساس الذي يدعم جميع القوى الأخرى، وفي مصر برغم التحديات تعمل الدولة على الاهتمام الكبير بالاستثمار والصناعة، بالإضافة إلى تطوير الزراعة، وهو ما يعزز من قدراتها الاقتصادية بشكل كبير.
وأشار إلى أن القوة الدبلوماسية، تعتمد على الجهود التي تبذلها سفاراتنا بالخارج ووزارة الخارجية لإيصال توجهاتنا السياسية وإقناع الدول الأخرى بها، بما يدعم علاقاتنا الخارجية، مضيفا أن القوة الاجتماعية تشمل كل ما يخص التعليم، الصحة، الثقافة، الفنون، والدين، وهذا تحقق بفضل المشروعات الاجتماعية مثل "تكافل وكرامة" و"حياة كرية" وغيرهما من المبادرات والبرامج التي تُظهر اهتمام الدولة بالمواطنين، وتعمل على تحسين حياتهم اليومية وتعزيز التماسك المجتمعي.
وعن القوة العسكرية، أكد أن مصر ترتكز على التطوير المستمر للمعدات والتدريبات المشتركة والمناورات، مما يضمن جاهزية القوات المسلحة وقدرتها على حماية البلاد في جميع الظروف.
ولفت إلى أن رؤية الدولة ترتكز على السير في هذا الاتجاه الشامل، كما أكد الرئيس في رسائله المتكررة للشعب المصري، والتي تركز على أهمية الثقة المتبادلة بين الشعب والقيادة، وأن الحفاظ على الاستقرار الداخلي هو أساس التنمية، والمطلوب من الجميع التكاتف والتعاون لتحقيق هذه الأهداف.
وتابع أن مصر تمضي بخطى ثابتة نحو تعزيز قوتها الشاملة في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مع الحفاظ على استقرارها الداخلي وتماسكها المجتمعي، بما يضمن مستقبلًا أكثر إشراقًا لجميع أبنائها.