تقنية Sora.. آراء خبراء الذكاء الاصطناعي والحوسبة حول مخاوف حقوق الأفراد
نموذج "سورا" (Sora).. يمثل واحدة من أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي التي أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط التكنولوجية والإعلامية، خاصة أنه يتداخل بصورة مباشرة مع أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي وآثاره على الأفراد والمجتمعات.
ما هو نموذج "سورا" وما ميزاته؟
يتميز "سورا" بأنه متخصص في إنتاج الفيديوهات بناءً على النصوص المكتوبة، حيث يمكن للمستخدم وصف مشهد معين باستخدام كلمات بسيطة، ويقوم النموذج بترجمة هذه الكلمات إلى مقاطع فيديو نابضة بالحياة.
ويعد تقنية "سورا" نموذج متطور يتيح للمستخدمين تحويل النصوص المكتوبة إلى مقاطع فيديو عالية الجودة والواقعية، مما يوفر إمكانيات جديدة للإبداع في مجالات متنوعة مثل صناعة الأفلام، الإعلانات، التعليم، وتسويق المنتجات، ومع ذلك، أثار هذا الابتكار العديد من المخاوف المتعلقة بالاستخدام غير الأخلاقي أو السلبي للتقنية، خاصة في ظل غياب قوانين واضحة تنظم هذا المجال المتسارع.
يوفر النموذج مزايا عدة تشمل: إنتاج فيديوهات واقعية بدقة تصل إلى 1080 بكسل، ويمكن للمستخدم إنشاء فيديوهات قصيرة تصل مدتها إلى 20 ثانية بتنسيقات متعددة، مثل الشاشة العريضة (16:9) أو العمودية (9:16)، مما يجعل الأداة مناسبة لمختلف المنصات مثل إنستغرام ويوتيوب.
ويوفر النموذج مزايا مثل "Storyboarding" التي تتيح تحويل النصوص إلى قصص متحركة، حيث يكتب المستخدم مجموعة من الجمل لوصف المشاهد، ثم يتم إنتاج فيديو مترابط يعكس هذه الأفكار.
تسهل ميزة "Blending" الانتقال السلس بين المشاهد المختلفة داخل الفيديو، مما يضفي جمالية وإبداعًا أكبر على العمل الفني، ويمكن للمستخدمين إضافة تأثيرات خاصة، مثل تحويل الفيديو إلى مشاهد مستوحاة من أفلام "Film Noir" أو رسوم متحركة تشبه الأعمال الورقية باستخدام نمط "Papercraft".
يتيح "سورا" تعديل الفيديوهات الموجودة بالفعل من خلال مزج عناصر جديدة أو تحسين جودة المشاهد القديمة، مما يجعل الأداة قوية لإعادة إنتاج المحتوى.
يتميز الإصدار الجديد من Sora Turbo ، بسرعة أكبر وأداء محسّن، وهو متاح لمشتركي خطط ChatGPT Plus وChatGPT Pro.
رغم الفوائد المتعددة التي يقدمها نموذج "سورا"، إلا أنه أثار العديد من المخاوف المتعلقة باستخدامه بشكل غير قانوني أو أخلاقي مثل: إنتاج فيديوهات مزيفة أو مفبركة، مما يهدد الثقة بالمعلومات المنتشرة عبر الإنترنت، خاصة فيما يتعلق بالسياسيين والمشاهير.
التأثير على الديمقراطية وحقوق الأفراد
يعبر خبراء التكنولوجيا عن قلقهم من إمكانية استغلال هذه التقنية للتلاعب بالرأي العام أو انتهاك خصوصية الأفراد ،مما يؤثر على حقوق الأفراد، وحتى الآن، لا توجد قوانين واضحة تحدد كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن، مما يزيد من احتمالية إساءة الاستخدام.
دفع الإعلان عن "سورا" شركات مثل "ميتا" و"غوغل" لانتقاد الخطوة، معتبرة أنها قد تؤدي إلى تعزيز احتكار شركة "أوبن إيه آي" لسوق الذكاء الاصطناعي، وهو ما وصفه البعض بمحاولة للسيطرة على التكنولوجيا بأسلوب "دكتاتورية رقمية".
خبير أمن المعلومات: قانون العقوبات في مصر يواجه الاستخدام السيء للذكاء الاصطناعي
وفي هذا السياق، صرّح الدكتور محمود فرج، خبير أمن المعلومات، أن الأداة المعروفة باسم "Sora" ورغم انتشارها الواسع وحداثتها، لا يمكن استخدامها في الوقت الحالي لأغراض التدريس في الجامعات.
وأضاف فرج، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن مصر شهدت توسعًا كبيرًا في استخدام الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في مجالات مثل الترجمة الآلية والقواعد الإملائية والكتابية، التي أصبحت تُستخدم بشكل واسع في الأوساط الأكاديمية والتعليمية.
وتحدث فرج عن المخاطر المرتبطة بالاستخدام المفرط أو السلبي للذكاء الاصطناعي، مثل تقنية "Sora" التي تُحوّل الكلمات إلى صور وفيديوهات، أو التقنيات الأخرى والتي تتيح تركيب الصور بطرق متعددة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أن قانون العقوبات المصري لعام 2018، المادة 187 المتعلقة بجرائم تقنية المعلومات، يفرض عقوبات صارمة على من يستخدم هذه التقنيات بشكل غير مشروع، مثل الابتزاز أو نشر الشائعات، مؤكدًا أن هذا القانون ساهم في محاسبة المسؤولين عن حالات الابتزاز التي أدت إلى مشكلات خطيرة، بما في ذلك حالات انتحار فتيات.
وتابع فرج مشيرًا إلى أن المستقبل القريب يحمل إمكانيات واعدة لمصر في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يجري حاليًا تدريب جيل جديد من المبرمجين من خلال شراكات مثل تلك التي تجمع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء مع شركة "هواوي" وغيرها من الشركات.
وأضاف أن الدولة تتوسع بشكل ملحوظ في هذا المجال عبر إنشاء المزيد من الكليات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، مما يعزز قدراتها على تطوير أدوات وتقنيات متقدمة في المستقبل.
عميد كلية الحاسبات والمعلومات السابق: يجب أن نؤيد استخدام الذكاء الاصطناعي وتطوير مهارات الطلاب من خلاله
قالت الدكتورة هالة حلمي، العميد السابق لكلية الحاسبات والمعلومات بجامعة بنها، إن مصر قادرة على إنتاج أدوات ذكاء اصطناعي مشابهة لتقنيات متقدمة مثل تقنية "سورا"، ولكن ذلك يتطلب دعمًا أكبر للكليات المعنية بتخصص الذكاء الاصطناعي، وأوضحت أن الكليات حاليًا تعاني من نقص في الوسائل التقنية الحديثة، حيث تحتاج الجامعات إلى توفير أجهزة ذات قدرات تخزين كبيرة، وقواعد بيانات متطورة، بالإضافة إلى أجهزة متخصصة تُسهم في تطوير تقنيات أعلى في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأشارت الدكتورة هالة، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، إلى أن الجامعات دورها الأساسي يتمثل في تعليم الطلاب وتأهيلهم في تخصصاتهم، لكنها شددت على ضرورة أن تبادر الدولة بإنشاء هيئات متخصصة في الذكاء الاصطناعي، مجهزة بأجهزة وتقنيات فريدة وقواعد بيانات خاصة تُلبي احتياجاتنا الوطنية في هذا المجال.
وأكدت أنها لا تؤيد الحد من تطور الذكاء الاصطناعي بأي شكل من الأشكال، حيث لا يمكن السير عكس التيار المتسارع نحو هذا المجال، بل يجب أن تكون مصر من الدول الداعمة للتطوير.
ولفتت إلى أهمية التركيز على تعزيز أدوات الطلاب وتطوير قدراتهم الإبداعية في الذكاء الاصطناعي، من خلال قياس جودة وإبداع البرمجيات والمحتوى الذي ينتجونه، مشددة على ضرورة توفير الدعم اللازم للطلاب للتعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي بدلاً من وضع قيود تحد من استفادتهم منها.
محمد الرملي: الذكاء الاصطناعي هو أداة مساعدة للطلاب ليس بديلاً عن عقولهم
صرح الدكتور محمد الرملي، أستاذ علوم الحاسوب بجامعة القاهرة، بأن الفترة الأخيرة شهدت ثورة تقنية كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي قدم فوائد عديدة، لا سيما في دعم الطلاب وتعزيز قدراتهم، ومع ذلك، أوضح أن هناك سلبيات بارزة، من أهمها اعتماد الطلاب بشكل كامل على هذه التقنيات المتطورة بدلاً من تطوير قدراتهم الشخصية.
وأكد الرملي، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن الهدف من استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم هو جعله أداة مكملة تساعد الطلاب، وليس بديلاً عن عقولهم وأفكارهم.
وأشار إلى أن هناك توجهًا لتكليف الطلاب بتنفيذ مشاريع برمجية بأنفسهم في البداية، ومن ثم الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لإعادة إنتاجها وتطويرها.
وأضاف أن انتشار الذكاء الاصطناعي في عدد من الكليات، مثل الإعلام، أدى إلى استخدامه في إنتاج مقالات أو صور دون أي تدخل من الطالب، مثل كتابة مقالة باستخدام "شات جي بي تي" أو إنشاء صورة عبر "MidJourney".
وأوضح الرملي أن المجلس الأعلى للجامعات، من خلال قطاع الحاسبات والمعلومات، أعد مسودة تتناول أفضل أساليب استخدام الذكاء الاصطناعي في الجامعات، بهدف الحد من إنتاج محتوى سلبي أو استخدام هذه التقنيات في الغش الأكاديمي.
كما أشار إلى أهمية أدوات كشف الانتحال في تحديد ما إذا كان الطالب قد قام بالعمل بنفسه أم استعان بالذكاء الاصطناعي، إلا أنه نبه إلى أن الطلاب يمكنهم تجاوز هذه الأدوات بطلب حلول متعددة للمسألة الواحدة من الذكاء الاصطناعي.