على بعد 80 كليو مترا من العاصمة الأردنية عمان، يقع معبر "جابر" الحدودي مع سوريا ومخصص في المقام الأول لحركة السفر والبضائع في الاتجاهين ونقطة مركزية في حركة البضائع من الشام إلى دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من دول المنطقة والعالم عبر الأراضي الأردنية.
ومع ارتفاع وتيرة الأجواء والأحداث في الداخل السوري منذ عام 2011، كان معبر "جابر" الحدودي بين الأردن وسوريا دائما يظهر في الصورة وكأنه مؤثر ومتأثر بالأحداث في الساحة السورية، حيث يعود ذلك على مراحل غلق وافتتاح المعبر بالتواكب مع الأحداث في سوريا، فقد سبق وأغلق المعبر أكثر من مرة بسبب الأوضاع الأمنية والعسكرية في سوريا، والتي بدأت مع عام 2011، حيث سبق وأن وقع المعبر تحت سيطرة ما أطلق عليه الجيش السوري الحر وجبهة النصرة خلال معركة معبر "نصيب" السوري الحدودي مع الأردن في أبريل 2015، حتى استعاد الجيش السوري حينها المعبر في 6 يوليو 2018، فيما أعلنت سوريا والأردن حينها إعادة فتح المعبر في 15 أكتوبر 2018، بعد إغلاق دام 3 سنوات.
واليوم ومع الأحداث في سوريا أيضا، أعلن الأردن في 6 ديسمبر 2024 إغلاق معبر "جابر" الحدودي الوحيد العامل مع سوريا بسبب "الظروف الأمنية" في البلد المجاور أي "سوريا"، وتضمن القرار وقتها السماح للأردنيين والشاحنات الأردنية بالعودة إلى أراضي المملكة، فيما ستمنع حركة المرور للمغادرين إلى الأراضي السورية أو منها غير الأردنيين.
والأربعاء الماضي، قرر الأردن استئناف عمل معبر "جابر" الحدوي مع سوريا، ولكن بضوابط معينة مثل السماح بمرور شاحنات البضائع في الاتجاهين سواء من وإلى الأردن والعكس تجاه سوريا، فيما منع دخول السوريين والأجانب إلى الأردن عبر المعبر والسماح فقط بمغادرة السوريين من المملكة تجاه سوريا عن طريق المعبر ذاته.
وترتبط المملكة الأردنية الهاشمية بجارتها الشمالية سوريا عبر حدود برية تمتد إلى 375 كلم، ويطلق على المعبر من الجانب الأردني "معبر جابر" ويقع بين بلدة جابر الأردنية في محافظة المفرق شمال المملكة، فيما يطلق عليه "معبر نصيب" من الجانب السوري ويقع في بلدة نصيب السورية في محافظة درعا.
وتم العمل على إنشاء معبر "جابر الحدودي" عام 1991 ، فيما دخل المعبر في الخدمة عام 1997 حيث أصبح يستقبل المسافرين القادمين والمغادرين بمركباتهم الخاصة أو بوسائط النقل العمومية واستقبال الشاحنات القادمة والمغادرة من خلال فرع الشحن، كما تم إجراء مشاريع توسعة لزيادة قدرة مركز المعبر على تقديم خدمات بمستوى أفضل لزوار الأردن وسوريا بسبب ازدياد حركة المسافرين عبر المركز الحدودي تم إنشاء مبنى حديث للقادمين وآخر للمغادرين وثالث للشحن مزودة بكافة الخدمات التي يحتاجها المسافر.
والخميس الماضي، نظمت وزارة الصناعة والتجارة الأردنية زيارة لوسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، لنقل الصورة من أرض الواقع مع بداية تشغيل المعبر في ظروف جديدة في الداخل السوري وسط معاناة الشعب السوري الذي يشهد العديد من الأحداث والأزمات وتحرشات خارجية تهدد أمن واستقرار ووحدة أراضي سوريا.
من الجانب الأردني لمعبر "جابر" الحدودي مع سوريا، كانت الشاحنات وسيارات الأجرة والسيارات الخاصة تشهد حالة من النشاط للمغادرين من الأراضي الأردنية تجاه معبر "نصيب" في الاتجاه السوري، فيما تقدم السلطات الأردنية كافة أشكال الدعم والتسهيلات لإعادة الحركة كسابق عهدها عقب حالة الغلق الأخيرة القصيرة والتي لم تزد عن 10 أيام في سبيل تقديم العون والدعم للشعب السوري الشقيق.
ويكشف وزير الصناعة والتجارة الأردني يعرب القضاة أن معدل حركة دخول وخروج الشاحنات المحملة بالبضائع من وإلى الأراضي السورية عبر معبر "جابر" الحدودي تتاثر بالأوضاع السياسية والأمنية المتلاحقة التي يشهدها الداخل السوري حاليا وتؤثر على الأسواق وحياة المواطنين هناك.
وقال القضاة - في تصريح خاص لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان خلال زيارة معبر جابر الحدودي بين الأردن وسوريا - إن الجانب الأردني على أتم الاستعدادات والجوهزية لتسيير حركة نقل البضائع والعملية التجارية بين البلدين متى استقر الوضع الأمني الراهن في سوريا وهدات اهتزازات الأسواق، مشيرا إلى أن كافة الجهات المنظمة لعمل المعبر من مختلف القطاعات الأردنية لديها خطط لإعادة العمل إلى مستويات قبل العام 2011 الذي دخلت فيه سوريا دوامة من الفوضى والعنف عصفت بكيان الدولة السورية وجعلتها نهبا للأطماع الخارجية.
ويعد توفير وتقديم المساعدات والبضائع من المواد الغذائية وغيرها هدف استراتيجي لإعادة فتح المعبر في تلك الظروف الراهنة في سوريا، هذا ما أكده رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، مشيرا إلى انفتاح المملكة على التواصل والتنسيق مع رجال الأعمال والتجار السوريين من أجل تسهيل حركة البضائع بين البلدين خلال المرحلة المقبلة إذا تحسنت الأمور والأوضاع الداخلية في سوريا بما يسمح بذلك، وأن الأردن يسعى إلى إعادة تسيير الشاحنات المحملة بالبضائع من وإلى الأردن وسوريا كما كانت قبل أحداث 2011 شريطة عودة حالة الاستقرار العام في الداخل السوري واتضح ما ستفضي إليه الأوضاع الداخلية في البلاد في ظل ارتباك المشهد الراهن والاعتداءات الخارجية على عدد من المناطق السورية من القوى الإقليمية.
وقال الحاج توفيق، من أبعد نقطة في الأراضي الأردنية وأول نقطة في الأراضي السورية المنطقة الحرة الأردنية السورية المشتركة، إن الجانب الأردني جاهز بكافة الإمكانيات والتسهيلات لعودة حركة ومعدلات الشاحنات في الاتجاهين إلى معدلاتها الطبيعية قبل الأحداث الأخيرة، لافتا إلى أن الأردن على أتم الاستعداد لتوفير السلع الرئيسة والبضائع التي يحتاجها السوق السوري خلال الفترة القادمة إلا أن ذلك متوقف على مدى استقرار الأوضاع المتوترة حاليا على الجانب السوري، مشيرا إلى دمار المنشآت وشح الغذاء الراهن في الأسواق السورية جعل السلع الغذائية وبعض مواد البناء تتصدر قائمة البضائع المتجهة إلى الأراضي السورية منذ إعادة حركة السير على المعبر لكن لايزال هناك شعور بالقلق تجاه ما يحمله المستقبل بالنسبة لحال الأسواق في سوريا في ظل التوتر السياسي والأمني الراهن.